بلومبرغ
توفّر ظروف الحصول على سيولة سهلة في الصين (أو الإقراض بفائدة منخفضة)، الدافع لانتعاش تجارة الفائدة المربحة في السندات، حيث يراهن المتداولون على استمرار المكاسب رغم الإشارات التي تفيد بأن البنك المركزي يتجه نحو تطبيع السياسة النقدية.
انخفض سعر الفائدة لليلة واحدة في التعاملات بين البنوك في الصين إلى 1.17% هذا الأسبوع، مسجلاً أدنى مستوى له منذ يناير 2021، الأمر الذي أدّى إلى اتساع الفارق مع السندات القياسية لأجل خمس سنوات إلى أقصى حد في أكثر من عام. وهذا الفارق، قد يمنح المستثمرين عائداً يصل إلى 1.4%.
تسلّط أحجام التداول المرتفعة شبه القياسية لعقود إعادة الشراء، الضوء على رواج مثل هذه الصفقات.
اقرأ أيضاً: الصين تدرس تحفيز اقتصادها ببيع غير مسبوق للسندات بقيمة 220 مليار دولار
أوقف "بنك الشعب الصيني" (البنك المركزي) عمليات السيولة اليومية قصيرة الأجل بداية من الشهر الجاري، وهو قرار يرى المحللون أنه بمثابة تحوّل عن سياسة التيسير النقدي لمواجهة الأزمة في ظل علامات على انتعاش النمو. لكنهم مع ذلك، لا يتوقعون أن يكون هناك تشدّد في مجال السيولة بما يكفي لتعطيل تجارة الفائدة، حيث يُنظر إلى "بنك الشعب الصيني" على أنه يعطي الأولوية لتعزيز نمو الاقتصاد المنهك بسبب وباء "كورونا" بعيداً عن تضييق الخناق على الرافعة المالية الزائدة.
اقرأ المزيد: الصين تتيح حزمة تحفيز إضافية لدعم البنية التحتية بقيمة 45 مليار دولار
قال تومي شيه، الخبير الاقتصادي في شركة "أوفرسي–تشاينيز بانكينغ" (Oversea-Chinese Banking) في سنغافورة: "منحت الصين الضوء الأخضر لإعادة الرافعة المالية هذا العام".
تداولات قياسية
قفزت قيمة التداولات في اتفاقيات إعادة الشراء على أساس ليلة واحدة إلى 5.8 تريليون يوان يوم الخميس، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق، في وقت انخفض العائد على السندات الصينية لأجل خمس سنوات بواقع نقطة أساس واحدة إلى 2.55%.
خفض "بنك الشعب الصيني" عمليات السيولة اليومية قصيرة الأجل إلى 3 مليارات يوان (444 مليون دولار) خلال يوليو، وهو أصغر مبلغ منذ يناير 2021، ما أدى إلى سحب المزيد من السيولة في الجلسات الخمس الأولى من الشهر الجاري مقارنة بما ضخّه في نهاية يونيو. مع ذلك، تظل السيولة وفيرة جداً على الرغم من وصف مسؤول كبير في البنك المركزي أوضاع النقد بين البنوك بأنها "وفيرة بشكل معقول".
التحول الذي أحدثه "بنك الشعب الصيني"، ذكّر المستثمرين بعام 2021، عندما سحب البنك المركزي الأموال النقدية من النظام المصرفي بشكل مفاجئ، في خطوة دفعت تكاليف الاقتراض بين عشية وضحاها إلى أعلى مستوياتها في ست سنوات، مع إلحاق خسائر بتجارة الفائدة. مع ذلك لا يتوقع معظم المحللين إجراء مماثلاً هذه المرة.
تباطؤ النمو
توسع الاقتصاد الصيني بأبطأ وتيرة منذ تفشي فيروس "كورونا" للمرة الأولى في مدينة ووهان. وبلغ معدل النمو السنوي في الربع الثاني من العام الجاري 0.4%، أي أقل بكثير من التوقعات التي خرج بها استطلاع أجرته "بلومبرغ"، والتي قدّرت النمو عند 1.2%.
ترك البنك المركزي ظروف السيولة الفضفاضة للغاية كما هي من دون تغيير يوم الجمعة، عبر تمديده قروض السياسة المستحقة والبالغة 100 مليار يوان في عملية السوق المفتوحة، في علامة على استمرار القلق بشأن الأزمة في قطاع العقارات الصيني، والمخاطر من تجدد عمليات الإغلاق المرتبطة بوباء "كوفيد"، حتى مع وصول الائتمان إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في شهر يونيو الماضي.
على الأرجح، سيظل البنك المركزي الصيني "صبوراً للمضي قدماً" نظراً للحالة الهشة للاقتصاد، وفقاً لما قاله جاوبينغ شينغ، كبير المحللين الإستراتيجيين في شؤون الصين لدى "أستراليا ونيوزيلندا بانكينغ غروب ليمتد" ( Australia & New Zealand Banking Group Ltd) في شنغهاي.
قال شينغ إن الفارق الأوسع بين أسعار الفائدة لليلة واحدة وعائدات السندات، يرجع إلى تبني الحكومة لسياسة مالية توسعية، وإلى التكاليف المحتملة لسندات الحكومة المحلية الخاصة.