بلومبرغ
أصاب وول ستريت هوس في الأسابيع الأخيرة بمحاولة معرفة ما إذا كان اقتصاد الولايات المتحدة سيسقط في ركود أم لا. فرغم استمرار ارتفاع التضخم وضعف بعض الأرقام والمؤشرات الاقتصادية، استمرت نتائج أعمال الشركات قوية.
فيونا سينكوتا، محلل أول أسواق المال بشركة "سيتي إندكس" (City Index)، شاركت في مدونة "بلومبرغ" الصوتية "ماذا يحدث" (What Goes Up) من لندن هذا الأسبوع حتى تساهم برأيها في هذا النقاش.
تقول سينكوتا: "سنطرح المسألة بهذه الطريقة، إنَّ تصور أن يحقق الاقتصاد هبوطاً سلساً تصور متفائل"، مضيفة أنها تعتقد أن احتمال دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي يتجاوز 50% في المستقبل القريب. غير أنها ترى أن سوق العمل التي مازالت تشهد نشاطاً محموماً قد تخفف من حدة أي انكماش في الاقتصاد.
وفيما يلي ملخص للنقاط التي نوقشت خلال اللقاء بقليل من المعالجة التحريرية:
س: سمعنا من جيروم باول وقد أوشك على الاعتراف بأن الاحتياطي الفيدرالي ربما لا يستطيع ترتيب هبوط سلس للاقتصاد. ماذا تفهمين من ذلك؟
ج: هذا هو أول اعتراف رسمي تقريباً بأن الولايات المتحدة قد تشهد ركوداً اقتصادياً. وقد تصرفت الأسواق في الواقع بطريقة مثيرة للاهتمام استجابة لذلك، لأننا رأينا الأسهم تنهض من أدنى مستوى في جلسة التداول. غير أن هذا السؤال حول "هل ستشهد الولايات المتحدة ركوداً اقتصادياً"؟ هو سؤال يهيمن حقيقة على الأسواق هذا الأسبوع، إذ يتعامل المستثمرون مع تلك الفكرة المتعلقة بأن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة مرات أخرى بمعدلات ضخمة – ربما 75 نقطة أساس في شهر يوليو القادم، ثم 50 نقطة أساس أخرى في شهر سبتمبر. لذلك، نعم، عند التركيز على سؤال "هل ستشهد الولايات المتحدة ركوداً اقتصادياً"؟ ما تزال الإجابة غير واضحة. إن احتمالات أن يحدث ركود في الولايات المتحدة أكبر بكثير في الوقت الحالي مما كان قائماً منذ فترة طويلة جداً. غير أن المسألة ليست واضحة في الولايات المتحدة بصورة قاطعة مثل وضوحها في أوروبا. وأعتقد أنه من المستحيل تقريباً أن نتجنب حدوث الركود في أوروبا. غير أنني أرى أن هبوطاً سلساً للاقتصاد في الولايات المتحدة تصور متفائل، سنطرح المسألة بهذه الطريقة. ولذلك، فإن توقعاتي لوقوع الركود ربما تتجاوز نسبة 50% في الوقت الراهن.
غير أن هناك عاملين في اقتصاد الولايات المتحدة يعملان حقيقة في صالحه. فلدينا سوق العمل القوية في الوقت الحالي، وهي مسألة لها أبعادها السلبية بشكل واضح من حيث إنها تساعد على استمرار الزيادة في الأجور، غير أن ذلك يعني بالتأكيد وجود فرصة كبيرة للحركة والمناورة. وهي تعطي لبنك الاحتياطي الفيدرالي مجالاً حقيقياً للحركة حتى يستطيع أن ينجز الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة في وقت مبكر. وذلك ما سيسعى البنك ويتطلع إلى إنجازه. لذلك، ربما تصبح سوق العمل في الحقيقة هي طوق النجاة بالنسبة إلى اقتصاد الولايات المتحدة، رغم أن الحال في الوقت الراهن ربما لا تبدو بالضرورة على هذا النحو في ضوء أنها تسبب في استمرار ارتفاع الأجور.
س: إلى أي مدى تم وضع ذلك في الحسبان في أسواق الأسهم؟ وهل وضعت السوق في اعتبارها احتمال وقوع السيناريو الأسوأ؟
ج: إن التركيز سيتجه إلى الجانب المتعلق بـسوق العمل. وقد شهدنا في الوقت الراهن موجة البيع الكبيرة عندما بدأ إدراك أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس، وقد فعل. وذلك عندما رأينا بعض حركات الهبوط الكبيرة وشهدنا انتقال مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" إلى منطقة السوق الهابطة. وهناك عوامل سلبية أخرى قادمة، وهذه العوامل ستأتي عندما نبدأ في ملاحظة الهدوء في سوق العمل. وسوف يبدأ ذلك في دفع الناس إلى التوتر، بل سيبدأ في دفع المستثمرين قليلاً ليصبحوا أكثر توتراً.
في الوقت الراهن، رأينا ارتفاع مستوى التضخم. ونحن نعرف ذلك. ونعرف أننا قد شهدنا بالفعل انكماشاً بنسبة 1.5%. وبالتالي، وبقدر ما يتعلق الأمر بهذه الأرقام الاقتصادية الكلية، فهي متضمنة في حسابات الوضع الراهن. إن المسألة تبدأ عندما نبدأ في ملاحظة ذلك التيسير في سوق العمل. إن طلبات إعانة البطالة المبدئية تتقدم ببطء باتجاه أعلى مستوى في خمسة أشهر. ورغم أننا لا نرى تطوراً كبيراً على هذا الصعيد، فربما يكون هناك شعور بأن بعض التيسير قادم في الطريق. لذلك، وبالنسبة لي، ستكون هذه البيانات من البيانات الأساسية التي أراقبها مراقبة دقيقة فعلاً.
س: كثير من الناس يقولون إن هناك ضرورة لتخفيض توقعات الأرباح ونتائج الأعمال. فما رأيك؟
ج: قبل كل شيء، كيف بلغنا موسم إعلان الأرباح تقريباً مرة أخرى؟ من أين جاء ذلك؟ مع ذلك، فإننا نواجه هذه النقطة غالباً عند اقتراب موسم الإعلان عن الأرباح – هذه الأسئلة حول ما إذا كنا نبالغ في توقعاتنا عن نتائج أعمال الشركات؟ وأعتقد أن هناك احتمالاً كبيراً بأننا سنتعرض لخيبة الأمل نوعاً ما عند بلوغ مواسم إعلان نتائج الأعمال. فقد كانت بيئة الأعمال قاسية بالنسبة لها. والأهم من ذلك أن الربع التالي من العام سيكون قاسياً للغاية. وهنا سوف نرى كثيراً من العوامل التي ترشدنا، ربما تأتي نتائج الأعمال أقل قليلاً مما كنا نتوقع. وهو أمر ينبغي علينا أن ننتبه إليه. وبقدر ما نتجاوز هذه النقطة، أعتقد أننا سنسمع بعض الأنباء الأفضل ونحن نتجه صوب نهاية العام، غير أن ذلك يبدو بعيداً جداً.
يجب علينا أن نستطلع دلائل المستقبل من الموسم القادم لإعلان نتائج الأعمال، الذي سيأتي في الجانب المخيب للآمال. وبقدر ما يتعلق الأمر بزيادة الأسعار، فنحن نعلم أنه حدثت زيادة في الأسعار، ونعلم أن هذه الزيادة مررت إلى المستهلكين، ونعلم أيضاً أن الشركات لا تنجح دائماً في تمرير الزيادة في الأسعار إلى أسعار المستهلك، هذا من ناحية فيما أعتقد. ومن الناحية الأخرى، هناك أمر آخر ينبغي أن يوضع في الاعتبار، هو أن لدينا بيضة ذهبية من السيولة النقدية ورثناها من فترة انتشار جائحة كورونا، وهي التي تساعد الأسر وتدعمها بعد انتقالها إلى بيئة اقتصادية تتسم بارتفاع مستوى التضخم. وأن هذه السيولة سوف تختفي عما قريب. وهو أمر سيصبح أشد وضوحاً ونحن على مشارف موسم الإعلان عن نتائج الأعمال.