بلومبرغ
في الوقت الذي تتزايد التصريحات المتشائمة لقادة الشركات بشأن المستقبل، لا يزال هناك اقتصاديون في السوق يرون أن الأسهم ستتجه للارتفاع في النصف الثاني من العام الجاري، ويقولون إن الولايات المتحدة يمكنها تجنب الركود، ومثلهم مثل جميع الإحصائيين الماهرين، فإن لديهم أرقاماً لإثبات ذلك.
على سبيل المثال، أشار المتفائل دوماً، نيل دوتا، رئيس الاقتصاد في "رينيسانس ماكرو ريسيرش" (Renaissance Macro Research)، إلى العوامل التي لا تزال تعود إلى طبيعتها بعد عمليات الإغلاق المرتبطة بالوباء، بما في ذلك معدلات مشاركة العمالة، والطلب على السلع المعمرة الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار، وأضاف أنه مع استمرار استقرار الحياة، قد يجد بنك الاحتياطي الفيدرالي محاربة التضخم أسهل.
قال "دوتا" عبر الهاتف: "إن الأمر عبارة عن إعادة توازن، لذلك يفترض أن تروا تضخماً أقل قليلاً ونمواً حقيقياً أكثر قليلاً، وكل ذلك داعم لشهية تحمل المخاطر.. أثناء حدوث ذلك، ستشعرون بالرضا حقاً لأن التضخم لن يكون بالقوة التي يتوقعها بنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً".
هيمنت فكرة ما إذا كان "الفيدرالي"، الذي يتبني سياسات متشددة سيتسبب في ركود أم لا، على حسابات مراقبي السوق لأشهر، وكانت المعنويات السائدة في كل يوم هي ما تحدد التحركات، وكان لدى المتداولين القليل للتعامل معه يوم الثلاثاء الماضي، بخلاف التحذير الصادر عن شركة "تارغت كورب" من أن ضغط الهوامش قد يؤدي إلى تآكل الأرباح.
يلتزم مسؤولو "الفيدرالي" الصمت قبيل اجتماعهم الأسبوع المقبل، بينما لا تحمل أجندة البيانات الكثير حتى صدور تقرير التضخم غدا الجمعة. وصعدت الأسهم في جلسة متقلبة أخرى، فيما هبطت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات مجددا دون 3%.
وفيما يلي أحدث حجج المتفائلين بشأن الاقتصاد الكلي حول أسباب التعافي المحتمل للأصول الخطرة في النصف الثاني:
سوق العمالة
يقول "دوتا" إنه بينما لا تزال سوق العمل الأميركية ضيقة من ناحية المعروض، يمكن بالفعل رؤية علامات على عودتها لطبيعتها، واستشهد ببيانات من الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة، والتي أظهرت أن خطط زيادة تعويضات العمال وصلت إلى مستوى مرتفع في نهاية العام الماضي.
وأضاف: "عندما يكون معدل البطالة منخفضاً، يميل نمو الوظائف إلى الاعتدال، وكان اتجاه التوظيف يتباطأ بوضوح"، وفيما يتعلق بمعروض العمالة، يبدو أنه يتعافى سريعاً.
تابع "دوتا": "هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 55 إلى 64 لديهم معدلات مشاركة أعلى من فبراير 2020، بينما المراهقون عادوا إلى مستويات ما قبل الوباء"، موضحاً أنه "لا يزال هناك مجال لارتفاع معدلات المشاركة".
السلع المعمرة
ليس هناك شك في أن أسعار السلع الاستهلاكية المعمرة ارتفعت أثناء الوباء نتيجة شراء المستهلكين العالقين في المنزل غسالات أطباق وأثاثٍ جديدٍ بمعدلات تجاوزت العرض، لكن هناك علامات على أن هذا يتغير.
شهد الإنتاج الصناعي في أبريل أسرع معدل نمو في أربعة أشهر منذ أكتوبر 2020، وانخفض متتبع أوقات التسليم في "رينيسانس ماكرو ريسيرش" إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2020.
بحسب "دوتا" فإن: "أي انحسار في عقبات سلاسل التوريد يعني ضغوطاً تضخمية أقل، إذ ستتمكن المصانع من إخراج البضائع من الباب أسرع"، وفي الوقت نفسه، يتغير سلوك المستهلك، حيث انخفض استهلاك السلع بنسبة 1.3% مع زيادة استهلاك الخدمات بنسبة 1.2%، ويرى أن انخفاض الطلب وتحسن الإنتاج "يجب أن يؤديا إلى انخفاض الأسعار".
تعافي الصين
وفقا لماركو كولانوفيتش، من "جيه بي مورغان تشيس أند كو"، فإن عمليات البيع العميقة للأسهم الصينية العام الماضي قد تكون أخيراً على أعتاب عملية تحول، وتعمل الدولة على تخفيف قيودها مع استمرار انخفاض حالات الإصابة بالفيروس في المدن الكبرى.
في الوقت ذاته، يبدو أن الحملة الحكومية المستمرة منذ عام على قطاع التكنولوجيا في طريقها للهدوء، وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المنظمين الصينيين كانوا على وشك إنهاء تحقيقهم في شركة "ديدي غلوبال"، وقفز مؤشر "ناسداك غولدن دراغون" عقب تلك الأخبار وارتفع بنسبة 20% الشهر الماضي.
كتب "كولانوفيتش" إلى العملاء في وقت سابق من الأسبوع الجاري: "أي تحسن تدريجي من إنهاء عمليات الإغلاق، وتخفيف اللوائح، والمزيد من التحفيز، ينبغي أن يكون مفيداً للأسهم الصينية في الأرباع القادمة".
الإنفاق الاستهلاكي
تواصل الأسر الأميركية الإنفاق بوتيرة قوية، خاصة عندما يتعلق الأمر بخدمات مثل السفر والترفيه، وفق بيانات حسابات بطاقات الائتمان والخصم التابعة لـ"بنك أوف أميركا"، وارتفع الإنفاق الإجمالي من بطاقات الائتمان والخصم بنسبة 9% على أساس سنوي في مايو، مع زيادة الإنفاق من بطاقات الائتمان بنسبة 16% ومن بطاقات الخصم بنسبة 4%.
قال ديفيد تينسلي، كبير الاقتصاديين في "بنك أوف أميركا"، عبر بيان: "تظهر بيانات بطاقتنا نمواً مستمراً في الإنفاق الاستهلاكي، لكن التضخم يتحدى القوة الشرائية للأسر، ومع ذلك، ظل الإنفاق على الخدمات مثل السفر والترفيه قوياً، واستمرت الأسر في تحقيق مدخرات أعلى مما كانت عليه قبل الوباء".
النشاط الاقتصادي
في بنك الاستثمار "جيفريز"، تراقب كبيرة الاقتصاديين، أنيتا ماركوسكا، مؤشر نشاط اقتصادي أميركي خاص يتكون من مكونات تشمل حجوزات المطاعم وحركة المرور على مواقع التجزئة عبر الويب وبيانات النقل، وارتفع المقياس في مايو بعد تحركه في نطاق ضيق أغلب العام.
كتب الاقتصاديان "ماركوسكا"، وتوماس سيمونز: "ظاهرياً، يشير ذلك إلى أن الاقتصاد لم يحرز تقدماً كبيراً العام الجاري.. ومع ذلك، في الباطن، يستمر النشاط في العودة لطبيعته إذ تقترب المكونات الأساسية لمؤشرنا ببطء نحو مستويات ما قبل الوباء".
وقال الاقتصاديان أيضاً إنه لا توجد علامة على تراجع الطلب على العمالة، وكتبا: "في حين أن هناك قصصاً عن تسريح موظفين محليين، تشير البيانات الآنية إلى أن العدد الإجمالي للعاطلين مستمر في الانخفاض.. وعدد الأشخاص الذين يجدون وظائف يفوق عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم".