مصر.. إعادة العمل بـ"مستندات التحصيل" بين ضغوط الدولار ودعم الصناعة

time reading iconدقائق القراءة - 7
سفينة شحن حاويات تجارية ضخمة تشق طريقها في قناة السويس - المصدر: بلومبرغ
سفينة شحن حاويات تجارية ضخمة تشق طريقها في قناة السويس - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

استثنت مصر مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من التعامل بالاعتمادات المستندية في عمليات الاستيراد، لتعيد العمل بمستندات التحصيل، في خطوةٍ من شأنها الدفع بعجلة الإنتاج في المصانع من جديد، بعد توقف بعضها الفترة الماضية.

وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، باستثناء مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الإجراءات التي تم تطبيقها مؤخراً على عملية الاستيراد، وذلك بالعودة إلى النظام القديم من خلال "مستندات التحصيل".

كان البنك المركزي المصري أوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية، والعمل "بالاعتمادات المستندية" فقط، وفق وثيقة بتاريخ 12 فبراير الماضي من "المركزي" للبنوك العاملة في مصر، اطَّلعت "الشرق" عليها حينها، وأكد محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر وقتها أنه "لا رجعة في القرار".

في الاعتمادات المستندية، يكون التعامل بين بنك المستورد وبنك المصدر، وتكون البنوك لاعباً أساسياً بالعملية، بينما في مستندات التحصيل يكون التعامل بين المستورد والمصدر بشكلٍ مباشر وبناءً على ثقة قديمة بينهما في التعامل، ويكون دور البنك وسيطاً فقط، كما تتطلب الاعتمادات المستندية مبالغ أكبر، وتستغرق العملية وقتاً أطول مقارنةً بمستندات التحصيل.

طالع أيضا: المركزي المصري يوقف العمل بمستندات التحصيل في عمليات الاستيراد


أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية، يرى أن" القرار جيد جداً، وذا أهمية كبرى لعدم توقف خطوط الإنتاج، ولسرعة استيراد المواد الخام والسلع الوسيطة. ونتمنى تطبيق هذا القرار على كافة السلع".

تضرّر العديد من المصنعين والشركات ورجال الأعمال من قرار العمل بالاعتمادات المستندية، وأرسلت عدّة جمعيات رجال أعمال ومستثمرين خطابات إلى مجلس الوزراء والبنك المركزي من أجل العدول عن هذا القرار.

كان آخر الطلبات من جمعية رجال الأعمال في الإسكندرية، التي خاطب رئيسها محمد صبري البنك المركزي بأن "أغلب المصانع خفّضت بشكل ملحوظ من حجم أعمالها لتوقف أغلب خطوط الإنتاج نظراً لعدم توافر مدخلات الإنتاج اللازمة للتصنيع، لأن حوالي 50% من مدخلات إنتاج المصانع مستوردة من الخارج".

صبري أكّد في خطابه أن استمرار العمل بالاعتمادات المستندية "سيؤثر بشكلٍ مباشر على النظرة المستقبلية لنا كمستثمرين، وسيؤثر بشكل حتمي على حجم البطالة مستقبلاً". يبلغ حجم البطالة في مصر 7.4% نهاية عام 2021 وفقاً لآخر بيانات حكومية متاحة.

اقرأ المزيد: مصر.. عمالة القطاع غير النفطي تنخفض في أبريل بأسرع وتيرة خلال عام

سيولة دولارية

"القرار يعني أن الضغوط على العملات الأجنبية بدأت تهدأ"، بحسب آلن سانديب من "نعيم" المصرية.

تضرّر الاقتصاد المصري بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا المستثمرين الأجانب إلى الفرار من الأسواق الناشئة. وكانت روسيا وأوكرانيا أيضاً من المصدّرين الرئيسيين للقمح إلى مصر، ومصدراً رئيسياً لتدفق السياح.

لكن دولاً خليجية تدخلت ودعمت مصر، حيث أعلنت الإمارات عن خطة لاستثمار مليارات الدولارات في مصر. واتفقت قطر مع مصر على ضخ 5 مليارات دولار في شكل استثمارات وشراكات، وأودعت المملكة العربية السعودية، 5 مليارات دولار في المركزي المصري بجانب تعهد باستثمارات تبلغ 10 مليارات دولار.

طالع المزيد: مصر تخطط لرفع التمويل الخارجي بالميزانية الجديدة 87% إلى 146 مليار جنيه

إلى ذلك، يرى محمد أبو باشا، من المجموعة المالية "هيرميس"، أن القرار "سيضمن توافر السلع، ويمنع تباطؤ القطاع الصناعي، آخذاً في الاعتبار التحديات التي يواجهها الاقتصاد بالفعل نتيجة التطورات العالمية".

كان المركزي المصري، في اجتماع استثنائي خلال مارس الماضي، رفع أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، في محاولةٍ لامتصاص موجة التضخم، ولجذب استثمارات الأجانب بالدولار لأدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الأزمة الروسية الأوكرانية، تراجع سعر صرف الجنيه المصري بنحو 17% منذ رفع الفائدة في مارس حتى الآن.

وفقاً لوثيقة مشروع الميزانية الجديدة لمصر لعام 2022-2023 والتي اطلعت عليها "الشرق"، هبطت استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية إلى 28.8 مليار دولار في ديسمبر الماضي من 34.1 مليار دولار في سبتمبر 2021.

بحسب بيانات البنك المركزي المصري، ارتفع الدين الخارجي للبلاد منذ عام 2012 بنسبة 275% ليصل إلى 145.5 مليار دولار في عام 2021. وذلك بعد أن كان يبلغ 38.8 مليار دولار في عام 2012. وبلغ متوسط الزيادة السنوية للدَّين الخارجي لمصر في السنوات الثلاث الأخيرة 16 مليار دولار.

تحريك عجلة الصادرات

ترى أية زهير، من "زيلا كابيتال"، أن قرار إلغاء العمل بالاعتمادات المستندية في عمليات الاستيراد بالنسبة لمستلزمات الإنتاج والمواد الخام "أنقذ مصر من نقص السلع ذات الإنتاج المحلي، ومن قطع سلاسل الإنتاج، كما أنه أنقذ الصناعة المحلية، فاستمرار الوضع القديم كان سيقود البلاد إلى مشكلة توقف المصانع لعدم توفر قطع الغيار لتشغيلها، ولا المواد الخام اللازمة لعمليات التصنيع، فضلاً عن تراكم الاعتمادات في البنك، وعدم الإسراع في إنهائها لاستلام البضائع من الموانئ".

وأضافت: "بالفعل العديد من المصانع توقفت بعد قرار فبراير بمنع العمل بمستندات التحصيل، ولم يكن أمام المصانع التي لازالت تعمل سوى عدة أسابيع قبل التوقف أيضاً.. يجب الإسراع في تنفيذ القرار الجديد وتيسير الإجراءات اللازمة لاستيراد السلع الأساسية وفتح الاعتمادات في وقت قياسي حتى لا يتوقف الإنتاج".

طالع المزيد :%20 زيادة في صادرات مصر السلعية خلال الربع الأول إلى 9.2 مليار دولار

النمو الاقتصادي

تقول رضوى السويفي، من "الأهلي فاروس"، إن القرار "سيسرع وتيرة استيراد احتياجات مدخلات الإنتاج، وسيؤثر على النمو الاقتصادي إيجاباً، لأن توقف المصانع والإنتاج كان سيؤثر بالسلب حكماً على أرقام النمو".

خفّضت مصر توقُّعات النمو الاقتصادي للسنة المالية المقبلة 2022-2023 إلى 5.5%، وهو معدل يقل عن نسبة 5.7% المتوقَّعة قبل الأزمة الروسية- الأوكرانية، بحسب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد.

بلغ نمو الاقتصاد في مصر 3.3% للسنة المالية الماضية 2020-2021، التي شهدت انتشار جائحة كورونا. في حين تتوقَّع مصر نمواً بنحو 5.7% للسنة الحالية، سجّل الاقتصاد المصري نمواً بلغ 9% خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية 2021-2022، مقابل 1.35% قبل عام.

طالع المزيد: مصر تخفض توقعات النمو للعام المقبل إلى 5.5% بسبب أزمة أوكرانيا

من جانبها، تعتبر عليا ممدوح، من "بلتون" المالية، أن "حال البلد كان يسوده الجمود، "ومحدش كان عارف يشتغل". وبالتالي، القرار سيحرك عجلة الإنتاج بعض الشيء والمصانع والناس ستعود للعمل، لكن السؤال هل سيخلق ذلك ضغطاً على العملة أم لا؟ وهل أصبحت لدينا وفرة في الدولار؟"

تصنيفات

قصص قد تهمك