بلومبرغ
صعّدت روسيا استغلالها لمواردها من الطاقة كسلاح في الحرب، ما أدى إلى تفاقم الأضرار التي تتعرض لها الصناعة الأوروبية، وأجج النظرة القاتمة بالفعل إلى الاقتصاد.
وقفت شركة "غازبروم" تدفق الغاز إلى بولندا وبلغاريا، وقالت إنها ستستمر في قطع الإمدادات حتى توافق الدولتان على دفع ثمن الوقود بالروبل. وأثار هذا القرار المخاوف لدى بقية الدول الأوروبية، لا سيما ألمانيا، التي يساورها القلق من إمكانية قطع الإمدادات عنها في الخطوة التالية.
قالت شركة "يونيبر" (Uniper) للمرافق، الأربعاء، إنّ أكبر اقتصاد في أوروبا لن يكون قادراً على التعامل مع أي قطع لإمدادات الغاز الروسي، وإنّ العواقب الاقتصادية لذلك ستكون "وخيمة".
حتى إذا لم توسّع روسيا قرار قطع الإمدادات ليشمل دولاً أخرى، ستكون تداعيات بالفعل في كل أنحاء القارة، إذ ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بنسبة تقارب 24% الأربعاء، ما أدى إلى ضغوط إضافية على التكاليف، وذلك في وقت يتسارع فيه التضخم، ويتعرض الانتعاش ما بعد الوباء للتهديد.
قالت رئيسة المفوضية الأوربية، أورسولا فون دير لاين، في تغريدة نشرتها الأربعاء، إنّ "إعلان (غازبروم) يمثل محاولة أخرى لابتزازنا بالغاز من قِبل روسيا. نحن مستعدّون لهذا السيناريو، ونضع استجابتنا المنسقة للاتحاد الأوروبي. يمكن للأوروبيين الوثوق بوقوفنا متحدين ومتضامنين مع الدول الأعضاء المتضررة".
تتعرض أوروبا بشدة بالفعل لتداعيات الحرب الأوكرانية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو منطقة اليورو في 2022 بمقدار 1.1 نقطة مئوية، إلى 2.8%.
في ما يلي، نلقي نظرة على بعض الشركات الكبرى الأكثر تضرراً، وكيف تؤثر مشكلات الإنتاج فيها في قائمة طويلة تمتدّ من الشركات الأخرى وحتى المستهلكين:
"باسف"
تعتمد شركة الكيماويات الألمانية العملاقة "باسف" (BASF) على خطوط أنابيب الغاز الروسي لإنتاج المواد الخام الأساسية، التي تدخل في القطاعات الرائدة في الدولة مثل صناعة السيارات، والصناعات الدوائية، والقطاع الزراعي. وحتى الآن، تتغلب الشركة على الأزمة من خلال زيادة الأسعار، لكن حدوث انقطاع كبير في إمدادات الغاز يمكن أن يوقف إنتاج المواد الكيميائية الأكثر تقدماً، مثل رغوة البولي يوريثان الضرورية للألواح البلاستيكية، وعجلات القيادة، والمقاعد المستخدمة في السيارات التي تصنعها شركات "بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" و"فولكس واجن".
"يارا إنترناشيونال"
قلصت شركة "يارا إنترناشيونال" (YARA International) لتصنيع الأسمدة النرويجية بالفعل إنتاج الأمونيا واليوريا في مصانعها الأوروبية إلى أقل من نصف الطاقة الإنتاجية، واتخذت شركات أخرى في هذا القطاع خطوات مماثلة. ويُستخدم الغاز الطبيعي مادة أولية لأسمدة النيتروجين، التي تشكل عادة 80% تقريباً من تكاليف الشركة المصنعة.
يعتمد كل محصول رئيسي في العالم تقريباً على مدخلات مثل النيتروجين. ومن دون تدفق مستمر، سيواجه المزارعون صعوبة أكبر في زراعة كل شيء، من البن إلى الأرز وفول الصويا. كما أدت أزمات العجز في صناعة الأسمدة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إذ صعد مؤشر الأمم المتحدة بالفعل بنسبة 20% هذا العام مسجلاً مستوى قياسياً.
"ألمنيوم دونكيرك إندستريز فرانس"
خططت شركة "ألمنيوم دونكيرك إندستريز فرانس" (Aluminium Dunkerque Industries France)، وهي أكبر شركة لصهر الألمنيوم في أوروبا، لزيادة الإنتاج بعد تقليصه، مستفيدة بإعانة الحكومة الفرنسية في تحمل نسبة كبيرة من الارتفاع الهائل في أسعار الطاقة. لكن الشركة اضطرت إلى وقف تنفيذ هذه الخطة بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير، وعودة الأسعار إلى الارتفاع، بما يزيد ضبابية التوقعات المستقبلية.
اضطرت مصاهر ألمنيوم عديدة، وكذلك مصانع الصلب التي تستخدم أفران القوس الكهربائي -من بين الصناعات الأكثر كثافة في استخدام الطاقة- إلى الحد من إنتاجها، أو العمل بشكل متقطع، لتجنب الساعات التي تكون فيها الكهرباء بأعلى سعر.
قالت شركة "تريمت ألمنيوم" (Trimet Aluminium) الألمانية قبل ارتفاع الأسعار هذا الأسبوع إنّ تصنيع المعدن لم يكن يحقق أرباحاً كبيرة بالفعل. وخفضت الإنتاج بمقدار الثلث في أكتوبر الماضي في 3 من أصل 5 مصاهر ألمانية. ثم في الشهر الماضي خفضت الإنتاج في مصنع بمدينة إسن إلى النصف، وأشارت مجدداً إلى ضغوط التكلفة.
"إسيرينوكس"
خفّضت شركات صناعة الصلب في جميع أنحاء أوروبا الإنتاج بالفعل قبل الارتفاع الأخير في الأسعار. وعلقت "إسيرينوكس" (Acerinox) عملياتها في عديد من المصانع في أنحاء متفرقة من إسبانيا منذ أكثر من شهر. وقالت الشركة إنها أطلقت برنامج تسريح عمال شمل 1800 موظف.