بلومبرغ
تتجه عملة ماليزيا الرينغيت، نحو تسجيل أكبر هبوط شهري منذ ما يزيد على خمسة أعوام، بسبب الضغوط التي يضعها انخفاض أسعار البترول والسياسة التيسيرية للبنك المركزي على عملة الدولة المصدّرة للنفط.
مع تخلّي أسعار النفط عن معظم مكاسبها التي حقّقتها منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، يستعد الرينغيت، الذي هبط 3.6% أمام الدولار الأمريكي حتى الآن خلال شهر أبريل، لمزيد من الهبوط على خلفية تباطؤ الاقتصاد الصيني.
لعنة الصين
قال ألفين تان، رئيس استراتيجية العملات الآسيوية لدى شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets) في هونغ كونغ: "هبطت قيمة الرينغيت قطعاً بنسبة أعلى كثيراً مما توقعت. وتتأهب العملة لمزيد من الهبوط مستقبلاً ما دامت مخاطر النمو في الصين تواصل تفاقمها. إن انكشاف ماليزيا على أداء اقتصاد الصين يتحول إلى لعنة على الرينغيت".
يتعرض اقتصاد الصين لضربات متعددة بسبب سلسلة من قرارات الإغلاق المرتبطة بانتشار فيروس كورونا، وكانت الصين أكبر أسواق التصدير إلى ماليزيا عام 2021.
تتوقع "آر بي سي كابيتال ماركتس" أن تتراجع قيمة العملة الماليزية إلى 4.40 رينغيت مقابل الدولار بنهاية الربع الثاني من العام الحالي، وهو مستوى لم تشهده منذ أبريل 2020.
أصبح الرينغيت، الذي يتأهب لتسجيل أكبر انخفاض شهري منذ نوفمبر 2016، صاحب ثاني أسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة في آسيا في الشهر الحالي بعد وون كوريا الجنوبية.
تردُّد المركزي
من المرجَّح أن يقف تزايد فجوة السياسة النقدية بين بنك ماليزيا المركزي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عقبة في طريق تحقيق عملة الرينغيت أي مكسب ذي معنى في وقت قريب. فبينما تبنّى الاحتياطي الفيدرالي مساراً متشدداً يقوم على زيادة أسعار الفائدة هذا العام، يقف بنك "نيغارا ماليزيا" في الخلف متردداً، وهو السيناريو الأقرب للاستمرار.
ماليزيا تراقب التضخم والمخاطر فيما يعاود اقتصادها الانتعاش
قالت نور شمسيه يونس، حاكمة البنك المركزي الماليزي، الأسبوع الماضي: "عندما يكون التضخم نتيجة أزمات في جانب العرض، تصبح فاعلية تشديد السياسة النقدية محدودة، حتى بعد أن بلغ تضخم أسعار الغذاء في شهر مارس أعلى مستوى منذ خمسة أعوام".
من جهته أوضح جيف إنغ، محلل أول سوق العملة لدى "إم يو إف جي" (MUFG) في سنغافورة، أن "انخفاض أسعار النفط وتباين سياسة البنك المركزي ليسا في صالح الرينغيت، فبنك (نيغارا ماليزيا) سيرفع الفائدة مرة واحدة فقط مع اقتراب نهاية السنة الحالية، ولن يكون لذلك تأثير يُذكر مقارنة مع نسبة زيادة الفائدة المتوقعة في الولايات المتحدة هذا العام. لهذا شهدنا تدفقاً سريعاً لتغطية المراكز المكشوفة في تداول الدولار مع الرينغيت الماليزي".
البنوك المركزية بطيئة الحركة تخاطر بمكانتها القيادية
مع ذلك يرى آخرون متنفَّساً أمام العملة الماليزية، مصدره أن الزيادة الاحتياطي الفيدرالي الوشيكة لأسعار الفائدة ستؤدّي إلى السيطرة على ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة ومن ثم إضعاف الدولار.
تتوقع شركة "إم يو إف جي" أن يصل الرينغيت إلى مستوى 4.16 أمام الدولار مع نهاية العام الجاري، فيما ترجّح شركة "دي بي إس" (DBS) في سنغافورة أن يصل إلى 4.28 رينغيت مقابل الدولار.
قال فيليب وي محلل أول أسواق العملة في "دي بي إس": "إنها نظرة نحو الدولار في معظمها، ونتوقع بلوغ الدولار ذروته في الربع الثالث مع تحوُّل الانتباه إلى البنوك المركزية الأخرى التي تحاول اللحاق به في تطبيع السياسة النقدية، وهذا ما سيفيد الرينغيت".