بلومبرغ
تتزايد تداعيات العقوبات الأمريكية على الشركات الصينية التي ترتبط بعلاقات مع الجيش الصيني. فقد بدأت البنوك ومديرو الاستثمار الامتثال للأمر التنفيذي الصادر عن الحكومة الأمريكية، الذي يقضي بحظر الاستثمارات الجديدة اعتباراً من اليوم الإثنين.
وبحسب الإفصاحات المقدَّمة إلى بورصة هونغ كونغ، وشركة المقاصة، تتوجه بنوك "غولدمان ساكس"، و"مورغان ستانلي"، و"جي بي مورغان" بموجب ذلك القرار إلى شطب بعض أدواتها المالية المرتبطة بمؤشرات بورصة هونغ كونغ، ويتضمن ذلك المشتقات المالية، وعقود خيارات البيع والشراء على مؤشرات بورصة هونغ كونغ: "هانغ سنغ"، و"هانغ سنغ للشركات الصينية"، وسهم شركة "الاتصالات الصينية".
ووفقاً لاحصائيات بورصة هونغ كونغ، تعدُّ المدينة الأكبر عالمياً التي يتداول فيها المشتقات المالية وعقود خيارات البيع والشراء التي تصل إلى 1200 من الأدوات المالية المتنوعة.
ومن جهة أخرى، أعلن صندوق "تراكر هونغ كونغ" (Tracker Fund of Hong Kong)، الذي يدير أصولاً تبلغ قيمتها 14 مليار دولار توقفه عن الاستثمار في الأسهم والأدوات المالية المرتبطة بالشركات المشمولة بالحظر، حتى يكون متاحاً للمستثمرين الأمريكيين الاستثمار في الصندوق. ويعدُّ صندوق "تراكر" الذي تديره شركة "ستيت ستريت آسيا غلوبل للاستشارات" (State Street Global Advisors Asia) من أكثر صناديق الاستثمار المتداولة نشاطاً في هونغ كونغ.
حظر التعاملات على الشركات الصينية يسري اليوم
ويأتي ذلك في الوقت الذي يحاول المستثمرون الحصول على مزيد من المعلومات حول الطريقة التي ستقوم بها الجهات التنظيمية، والبورصات، والوسطاء الماليون بتنفيذ الأمر التنفيذي الغامض الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الأيام الأخيرة من رئاسته.
وأعلنت بورصة نيويورك الأسبوع الماضي عن اتجاهها لإلغاء إدراج شركة الاتصالات الصينية، واثنتين من شركات الاتصالات الصينية المدرجة، كذلك أعلنت "ام اس سي آي" (MSCI) يوم الجمعة عن إلغاء إدراج أسهم تلك الشركات من مؤشراتها القياسية العالمية؛ الأمر الذي ترتب عليه موجة بيع دفعت حجم التداولات على سهم الاتصالات الصينية للارتفاع، وسعر السهم للتراجع إلى أدنى مستوياته منذ 14 عاماً.
ويحظر القرار على الأمريكيين شراء أسهم الشركات المحظورة اعتباراً من اليوم 11 يناير، والتخارج بالكامل من أيَّة استثمارات قائمة مرتبطة بتلك الشركات مع حلول نوفمبر المقبل، على أن يتمَّ بعدها تجميد أيَّة تداولات، أو استثمارات بتلك الشركات.
سيف ذو حدين
ويزيد القرار من التحديات التي تواجه البنوك، ومزودي خدمات المؤشرات، ومديري الاستثمار بشأن التغلب على تداعيات التوترات بين واشنطن وبكين، التي شهدت تصاعداً انعكس على القطاع المالي. إذ أصدرت الصين من جانبها يوم السبت قواعد جديدة تهدف إلى حماية شركاتها من القوانين الأجنبية التي وصفتها "غير المبررة" التي تمكِّن الصين من مقاضاة الشركات متعددة الجنسيات التي تمتثل لتلك القيود المفروضة من الدول الأجنبية.
وقال غينغتشو تاو المُحكِّم لدى غرف التحكيم في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ: "سيتسبب ذلك في مشكلة كبيرة للشركات". وأضاف تاو "تتمثَّل المعضلة في موقف الشركات التي إذا خالفت القرار ستتعرض لعقوبات من الحكومة الأمريكية. وعلى الجانب الآخر إذا طبقت القرار ستتعرض إلى عقوبات قانونية من الجانب الصيني".
وقد ارتفع مؤشر هانغ سنغ 0.8% في تداولات اليوم حتى الساعة 10:45 صباحاً، مما يضيف إلى مكاسبه منذ بداية العام والبالغة 3.2%.
ويتجاوز تأثير قرار ترمب مجرد فرض عقوبات على قائمة صغيرة من الشركات الصينية إلى التأثير على التدفقات الاستثمارية في ظلِّ التوقف عن الاستثمار في المشتقات المالية، وعقود خيارات البيع والشراء على مؤشر هانغ سنغ، وتحذيرات شركة "ستيت ستريت" من عزوف المستثمرين الأمريكيين عن صندوق "تراكر".
غينغتشو تاو: الشركات أمام معضلة إذا خالفت القرار فستتعرض لعقوبات أمريكية.. وإذا طبقت القرار ستتعرض إلى عقوبات صينية
ولا يتوقف الأمر عند الوزن النسبي الصغير للشركات المحظورة في مكونات مؤشرات يتمُّ متابعتها على نطاق واسع؛ لكنَّه يمتد إلى أنَّ العقوبات أجبرت مديري الاستثمار على تحويل استثمارات بمليارات الدولارات، وخروجها من أدوات مالية مرتبطة بالمؤشر. ويفسر ذلك تعديل شركات "ام اس سي آي" (MSCI)، و"فوتسي راسل" (FTSE Russell)، و"ستاندرد آند بورز للمؤشرات" (S&P Dow Jones Indices) لمؤشراتها كافةً، من أجل حذف الشركات المحظورة، مثل الاتصالات الصينية.
في المقابل، أعلنت شركة مؤشرات هانغ سنغ يوم الجمعة، أنَّها لا تخطط لتعديل مكونات مؤشراتها في الوقت الحالي مع الاستمرار بمراقبة التطورات التي ستشهدها السوق عن كثب.
وقالت بورصة هونغ كونغ في بيان صادر عنها يوم الأحد، إنَّها ستعمل مع البنوك لضمان تخارجات منظَّمة. وقالت عن تأثير ذلك على البورصة: "لا نعتقد أن يكون هناك تأثير سلبي على سوق المشتقات المالية، وعقود الخيارات المتداولة في بورصة هونغ كونغ". كما أعلنت هيئة تنظيم الأوراق المالية في المدينة عن تواصلها مع مصدِّري الأوراق المالية، ومطالبتهم بإجراء تدقيق بغرض تقييم تداعيات العقوبات الأمريكية على منتجاتها المالية.