بلومبرغ
تدرس السلطات في روسيا اتباع نهج تدريجي لإلغاء الضوابط الصارمة التي فرضتها على حركة رأس المال لتحقيق الاستقرار في الأسواق بعد غزو أوكرانيا، والتي تسببت في الوقت نفسه في ارتفاع الروبل، وهو ما يهدد بتفاقم الركود الاقتصادي في البلاد.
ركزت المناقشات خلال الأسبوع الجاري على خيارات تضمنت تمديد الموعد النهائي لإجبار المصدرين على تحويل أرباحهم من الخارج إلى الروبل، وخفض حصة العائدات الأجنبية التي يتعين على الشركات بيعها في السوق إلى أقل من 80%، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم كون المداولات سرية، إنه لم يتم اتخاذ قرار بعد المحادثات التي شارك فيها البنك المركزي.
كانت الضوابط، المُطبّقة منذ أكثر من شهر، من بين سلسلة إجراءات طوارئ تم استحداثها استجابةً للعقوبات التي تم فرضها بعد أن أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته إلى أوكرانيا. في مواجهة المبيعات السريعة للأصول والانخفاض الأشد في قيمة الروبل منذ عام 1998، أمر صانعو السياسات ببيع الأرباح المحققة بالعملات الصعبة إلى جانب قيود أخرى شملت حظر بيع الأجانب للأوراق المالية.
أفادت شبكة "أر بي سي" الإعلامية الروسية أن البنك المركزي أكد أنه يدرس تمديد منح المصدرين أكثر من ثلاثة أيام عمل مطلوبة لتحويل العملات الأجنبية إلى الروبل بعد قيدها في الحساب.
لم يرد البنك المركزي الروسي فوراً على طلب بلومبرغ للتعليق.
في ظل عدم قدرته على التدخل في السوق بسبب مصادرة حوالي نصف الاحتياطيات الدولية، قام بنك روسيا فعلياً بتحويل مسؤولية الدفاع عن العملة إلى المصدرين، وخاصة الشركات المنتجة للطاقة، مثل "روسفنت" (Rosneft) و"غازبروم" (Gazprom).
أدت الضوابط الصارمة إلى خلق عدم توازن بين العرض والطلب على العملات الأجنبية، لتغذي ارتفاع الروبل، مما ساعده على تعويض كل خسائره التي تكبدها منذ بدء الحرب. ومع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، تكافح بعض شركات المعادن والتعدين الروسية حالياً لبيع الدولار بمثل هذه الكميات الكبيرة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
عوائد دولارية قياسية
تستفيد روسيا أيضاً من أسعار السلع المرتفعة القياسية، مما يعني أنها تجني مليارات الدولارات من العائدات شهرياً من صادراتها، بما في ذلك الغاز والمعادن والحبوب.
تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن تجني روسيا ما يقرب من 321 مليار دولار من صادرات الطاقة وحدها خلال 2022 بزيادة قدرها الثلث عن عام 2021.
يبيع المصدرون في الوقت الحالي 1.4 مليار دولار يومياً، وفقا لـ "آي تي آي كابيتال" (ITI Capital)، وهو ما يزيد عن المليار دولار التي استخدمها البنك المركزي الروسي يومياً لدعم الروبل في بداية غزو أوكرانيا.
قال إسكندر لوتسكو المحلل في "آي تي آي كابيتال" عبر الهاتف: "تتلقى روسيا تدفقات ضخمة من العملات الأجنبية، لكن لا يمكن للسوق استيعاب هذا الحجم.. فأحجام التداول ضئيلة، ولا يوجد مستثمرون أجانب، ولا حتى سوق خارجية، ولا تداول، ولا يوجد لاعبون كبار حتى من المحلين".
يقدر لوتسكو أن المصدرين يمكنهم بيع 40% من الإيرادات على الأكثر.
قبل الحرب، قيّدت روسيا من اعتماد الروبل على أسعار النفط عن طريق شراء العملات الأجنبية عندما ارتفع النفط الخام فوق مستويات معينة، والبيع عندما ينخفض.
تحركات فعلية
تحرك البنك المركزي الروسي بالفعل نحو إلغاء بعض ضوابط رأس المال، حيث خفف أولاً القيود المفروضة على التحويلات إلى الخارج، وأعلن الأسبوع الماضي أنه سيلغي عمولة شراء العملة الصعبة من خلال شركات السمسرة، وإلغاء حظر بيع النقد الأجنبي للأفراد.
أدت القرارات إلى ضعف الروبل بشكل حاد الأسبوع الجاري، مما مهد الطريق لاتخاذ تدابير إضافية مع انهيار الواردات وتسجيل الحساب الجاري الروسي فائضاً قياسياً.
واصل الروبل تراجعه أمام الدولار، اليوم الخميس، مخالفاً مكاسب عملات الأسواق الناشئة وهبط بأكثر من 3.1% إلى 82.31 للدولار حتى الساعة 10:15 صباحاً في موسكو. وبلغت خسائر العملة الروسية 7.5% منذ بدء تحركات البنك المركزي الأسبوع الماضي.
قالت تاتيانا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس": "إن الخطوة الأولى المحتملة لتقليل الضغط على الروبل ستكون تعديل مطالبة المصدرين ببيع 80% من عائدات صادراتهم.. وخفضها إلى 50% على سبيل المثال، الأمر الذي من شأنه أن يعطي إشارة مناسبة".