بلومبرغ
لطالما شكلت عمليات الاختراق والاحتيال، جزءاً من ممارسة الأعمال التجارية في عالم التشفير منذ فترة طويلة. لكن هل حان الوقت لداعمي هذه الصناعة من أصحاب رأس المال المغامر، الافتراض بأنهم سيقومون بتغطية الخسائر؟
أدّت الهجمات عالية المستوى على "جسور" العملات المشفرة، الداعمة للأنشطة الرئيسية، مثل نقل الرموز المميزة من "بلوكتشين" إلى آخر، أو المشاركة في لعبة "أكسي إنفينيتي" (Axie Infinity) الشهيرة، إلى اختلاس أكثر من مليار دولار حتى الآن. وقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن مشغلي هذه المنصات، يلجؤون إلى المستثمرين الأثرياء للحصول على المساعدة عندما يحتاج العملاء إلى السداد، وهو اتجاه، ربما يشير إلى فصل جديد في إبرام الصفقات في مجال التكنولوجيا.
اقرأ أيضاً: لا تنخدع بالنشاط اللافت لبعض تداولات الرموز غير القابلة للاستبدال
أنهت "سكاي مافيس" (Sky Mavis)، مطوّرة "إكسي إنفينيتي"، جولة تمويل يوم الأربعاء بقيمة 150 مليون دولار، عبر شركات من أمثال "بينانس" (Binance)، و"آندريسن هورويتز" (Andreessen Horowitz)، و"باراديغم" (Paradigm). وقالت الشركة في تغريدة على "تويتر" إن مبالغ التمويل ستعوّض العملاء مباشرة بعدما فقدت المنصة نحو 600 مليون دولار في اختراق جسر "رونين" (Ronin) لديها. قبل شهرين، سدّدت "جامب تريدينغ غروب" (Jump Trading Group)، أكثر من 300 مليون دولار بالكامل في "إيثر" المسروقة من منصة جسر "وورم هول" (Wormhole) التي استثمرت فيها سابقاً.
اقرأ المزيد: قراصنة ينقلون عملات مشفرة مسروقة من "أكسي إنفينيتي" ويخفون آثارهم
تمويل إنقاذي طارئ
يستخدم أصحاب رأس المال المغامر مستندات الشروط لتوضيح أجزاء عدة من الصفقات التي سيوقّعون عليها مع شركات المحفظة، بدءاً من عدد مقاعد مجلس الإدارة التي يريدونها، إلى المدة المحددة قبل تمكّنهم من صرف حصصهم نقداً. ولكن نظراً لانتشار الهجمات بشكل كبير في عالم التشفير، لا بد من أن يُفكر "وادي السيليكون" في تخصيص مبالغ تمويلية طارئة، لإنقاذ ضحايا الاختراق، كجزء أساسي من الاتفاقية.
قال ديف أولسن، الرئيس التنفيذي لـ"جامب" (Jump) في بودكاست بعنوان "ما الذي يرتفع" (What Goes Up) أعدّته "بلومبرغ" الشهر الماضي، في أعقاب هجوم "وورم هول": "إنها حقائق. هذا نوع التقدم الذي يجب أن تمرّ به البرامج المعقدة، بغض النظر عن مكان تواجدك. أتمنى ألا تضطر إلى إجراء الكثير من التكرارات لذلك".
أضاف أولسن: "أنت تضع خطة طوارئ لهذا النوع من الأشياء، وتأمل ألا تحدث. وإن حدثت، تتمنى ألا تكون بهذا الحجم. طريقة تفكيرك هذه واقعية وعملية".
استثمارات بالمليارات
وضع المستثمرون نحو 4.7 مليار دولار في الشركات الناشئة المتخصصة في التشفير في العالم خلال الربع الأول من هذا العام وحده، وفقاً لبيانات "بيتش بوك" (PitchBook). تم الانتهاء من ثلاث من أكبر 10 صفقات في القطاع خلال السنوات الست الماضية في تلك الفترة، ما أدّى إلى ضخ مليارات الدولارات في عمالقة الصناعة، مثل "فير بلوكس" (Fireblocks)، و"كونسين سيس" (ConsenSys)، و"يوغا لابز" (Yuga Labs)، داعمة "بورد إيب ياكت كلوب" (Bored Ape Yacht Club). يُعتبر تدفق الأموال في عالم التشفير مهماً للغاية، ومن المنطقي أن يتم قريباً تخصيص جزء منها تلقائياً إلى تخفيف عيوبها.
كما بدأ أصحاب رأس المال المغامر التفكير في طرق أخرى تجعلهم مسؤولين عن الاستثمارات التي يقومون بها. قال يات سيو، الشريك المؤسس لـ"أنيموكا براندز" (Animoca Brands)، الداعمة الأخرى لـ"سكاي مافيس"، إن الهجوم على منصة جسر "رونين"، التابعة لـ"أكسي"، دفع شركات رأس المال المغامر إلى التدقيق على الشفرات والبروتوكولات الأمنية الخاصة بالمشاريع قبل الاستثمار فيها. ورغم أن عمليات السرقات لا تؤثر عادة على الداعمين الأثرياء للعملات المشفرة، إلا أن لديهم القدر ذاته من الدور لضمان ثقة المستخدمين في القطاع الذي يتعرض لمشاكلات في بداياته.
مكافآت استباقية
في الوقت ذاته، ارتفعت التكلفة الأولية لعمليات الاختراق، حتى من دون الترتيبات الحسابية هذه. أشار أولسن إلى أن "جامب" أصدرت مكافآت عدة بقيمة 10 ملايين دولار للمعروفين باسم "قراصنة القبعة البيضاء"، القادرين على اكتشاف عيوب في منصات مثل "وورم هول" قبل استغلالها من قبل أطراف أخرى بشكل سيئ.
إذا كان أصحاب رأس المال المغامر على استعداد لضخ مليارات الدولارات في قطاع التشفير المتنامي لجني الفوائد، فقد يجدون أن استرداد أموال العملاء عندما تسوء الأمور، يُعدّ مسألة ضرورية.