بلومبرغ
تُعَدّ السندات التي يجري تداولها بسعر 10 سنتات على الدولار في أقصى درجات التعثر. ومع ذلك في فنزويلا، التي كانت غارقة في التعثر لسنوات، كان ارتفاع الأسعار حول هذا المستوى هذا الأسبوع علامة مفاجئة على التفاؤل المتزايد، إذ كان سعرها 6 سنتات فقط قبل أسبوعين.
ويأتي الصعود في أعقاب تواصل إدارة بايدن مع الحكومة الفنزويلية، وذلك في ظل تهديد الغزو الروسي لأوكرانيا بقطع مصدر رئيسي للنفط، إذ تناقش الولايات المتحدة إمكانية رفع بعض العقوبات المفروضة على نظام نيكولاس مادورو للسماح ببيع مزيد من النفط الفنزويلي في الأسواق الدولية.
وقد أرسل بايدن وفداً إلى كاراكاس في وقت سابق من هذا الشهر لبدء المفاوضات على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تعترف رسمياً بمادورو زعيماً لفنزويلا.
مباحثات بين إدارة بايدن ومسؤولي فنزويلا بشأن الطاقة
وفي هذا الصدد قال كارلوس دي سوزا، المستثمر في شركة "فونتوبيل أسيت مانجمنت" (Vontobel Asset Management) في زيورخ: "إنه تطور إيجابي للغاية وغير متوقع تماماً، إلا أنني أعتقد أن على الولايات المتحدة أن تختار التعامل مع أقل الطغاة سوءاً في العالم".
ويتكهّن المتداولون بأن رفع بعض العقوبات على النفط قد يؤدي أيضاً إلى تخفيف القيود على الاستثمار في السندات الفنزويلية، إذ يُحظَر على المستثمرين الأمريكيين حالياً شراء ديون البلاد، مما جعل من المستحيل فعلياً على مادورو التوصل إلى صفقة إعادة هيكلة مع الدائنين، وهو أمر قال هو ومساعدوه مراراً إنهم يريدون القيام به.
وكان المستثمرون الأوروبيون، الذين لا يخضعون لنفس العقوبات، من بين أكبر مشتري السندات هذا الشهر، وفقاً للمتداولين.
عقوبات أمريكية
يُشار إلى أن فنزويلا وشركتها النفطية الحكومية "بيتروليوس دي فنزويلا" تخلفتا في البداية عن سداد ديون بنحو 60 مليار دولار في أواخر عام 2017، وفُرضت عقوبات تهدف إلى الإطاحة بمادورو في عام 2019، بما في ذلك حظر شراء الأوراق المالية من قِبل المستثمرين المقيمين في الولايات المتحدة.
فريق بايدن منفتح على تخفيف القيود الاقتصادية على فنزويلا
وقد أدّت عزلة مادورو عن الأسواق المالية العالمية إلى مزيد من الانزلاق في أحضان حليفه فلاديمير بوتين. أمّا الآن فتحاول الولايات المتحدة دق إسفين بين الزعيمين الاستبداديين.
يُذكر أنه بعد اجتماع كاراكاس الذي حضره كبير مديري شؤون نصف الكرة الغربي في مجلس الأمن القومي خوان غونزاليس والسفير الأمريكي لدى فنزويلا جيمس ستوري، أُطلق سراح مواطنين أمريكيين سجينين، في خطوة ترقى إلى أن تكون أهمّ علامة على انخراط البلدين منذ تطبيق العقوبات.
ومنذ 4 مارس، ارتفعت سندات فنزويلا المستحقة في 2027 من 6 سنتات إلى نحو 9.4 سنت على الدولار، فيما يجري تداول سندات "بيتروليوس دي فنزويلا" 2022 حالياً عند نحو 7 سنتات، وذلك صعوداً من 4 سنتات قبل الاجتماع، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ"، إذ ازداد الاهتمام والنشاط منذ الرحلة، وفقاً للمتداولين والوسطاء المطلعين على المعاملات، الذين لم يُصرح لهم بالتحدث علناً.
هل يجدر بالولايات المتحدة المراهنة على فنزويلا؟
بعد الاحتجاج من كل من معسكر غوايدو والمشرّعين الأمريكيين الذين انتقدوا التواصل مع مادورو، قال مسؤولو إدارة بايدن إن أي طريق لتخفيف العقوبات سيتطلب "خطوات ملموسة" من مادورو، وإنه لا توجد محادثات مفصلة جارية حالياً لتأمين النفط الفنزويلي. كما قلصت أسعار النفط الخام المكاسب منذ ذلك الحين.
تخفيف العقوبات
تعليقاً على الموضوع، قال راي زوكارو، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "آر في إكس أست مانجمنت" (RVX Asset Management) في ميامي: "يبدو أن الإدارة الأمريكية تراجعت قليلاً، وهناك ضغط أقل بكثير مما كان عليه عندما كان النفط عند 125 دولاراً".
بالطبع -كما توحي الأسعار- لا يزال عديد من العقبات أمام رفع العقوبات، إذ لا تعترف الولايات المتحدة رسمياً بمادورو زعيماً شرعياً لفنزويلا، وعلى الرغم من امتلاكها لأكبر احتياطيات نفطية في العالم، فإن الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية تضخ جزءاً بسيطاً مما كانت تفعله في السابق.
ولكن في حال حدثت إعادة الهيكلة في المستقبل غير البعيد، فإنّ البعض يحاول بالفعل حساب قيم الاسترداد. وقد أجرى فريق مادورو الاقتصادي مكالمات حديثة مع حاملي السندات.
من جانبه قال دين تايلر، رئيس الأسواق العالمية في شركة "بانكترست" (BancTrust) ومقره لندن: "سيظهر مشترون جدد في الأسابيع المقبلة مع استمرار ورود عناوين الأخبار الإيجابية عن التفاعلات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، كما تتزايد توقعات تخفيف العقوبات، وذلك في ما يخص عقوبات صناعة النفط على الأقل، إن لم تكن عقوبات الأدوات المالية أيضاً مع بعض حامليها".