تمزيق بورصة لندن للمعادن لعقود بمليارات يبعد صناديق التحوط

time reading iconدقائق القراءة - 14
التجار في قاعة التداولات المفتوحة في بورصة لندن للمعادن المحدودة (LME) بلندن في بريطانيا يوم الاثنين 6 سبتمبر 2021. يعود يوم الاثنين الوسطاء بعد 18 شهر إلى الأرائك الجلدية الحمراء في قاعة تداولات بورصة لندن للمعادن ليضعوا أسعار قياسية للمعادن مثل النحاس والألمنيوم عن طريق الصراخ بالطلبات على بعضهم البعض - المصدر: بلومبرغ
التجار في قاعة التداولات المفتوحة في بورصة لندن للمعادن المحدودة (LME) بلندن في بريطانيا يوم الاثنين 6 سبتمبر 2021. يعود يوم الاثنين الوسطاء بعد 18 شهر إلى الأرائك الجلدية الحمراء في قاعة تداولات بورصة لندن للمعادن ليضعوا أسعار قياسية للمعادن مثل النحاس والألمنيوم عن طريق الصراخ بالطلبات على بعضهم البعض - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

عمل لوك سادريان على مرّ ثلاثة عقود في تداول المعادن مديرَ صندوق لدى عملاقي صناديق التحوط "بريفان هوارد" (Brevan Howard) و"مور كابيتال" (Moore Capital)، ويدير حالياً عمله الخاص. قال لأول مرة في حياته المهنية إنه من الخطر التداول في بورصة لندن للمعادن.

صدم سادريان وغيره من مخضرمي السوق قرار بورصة لندن للمعادن تعليق التداول على النيكل يوم الثلاثاء، وإلغاء جميع تعاملات ذاك الصباح، إذ قرر البعض من هذا القطاع تركه في خضمّ سوق شديدة التفاؤل رفعت الأسعار إلى مستويات قياسية.

قال سادريان، الذي ارتفع صندوقه "كوموديتيز ورلد كابيتال" (Commodities World Capital) بنحو 120% هذا العام: "لقد كانت بورصة لندن للمعادن أساساً عملياً لفترة طويلة جداً، لذلك أجد الأمر فاجعاً... إنني أتخارج من جميع تعاملاتي في بورصة لندن للمعادن نظراً إلى عدم اليقين حالياً، رغم أني متفائل بشدة حيال النحاس".

أتى تدخُّل بورصة لندن للمعادن المفرط بعد ثماني ساعات من أعتى التقلبات في تاريخها الحديث، إذ جعلت الأسعار الجامحة السماسرة والعملاء يواجهون تغطية هوامش ضخمة في ظل خسائر في مراكزهم. ارتفعت الأسعار بأكثر من الضعف خلال ساعات التداول الآسيوية، قبل تعليق بورصة لندن للمعادن التداول وشطب صفقات اليوم، التي بلغت قيمتها نحو 3.9 مليار دولار، وفقًا لحسابات "بلومبرغ".

حفاظاً على الآليات

قالت البورصة الخميس دفاعاً عن قراراتها إنّ ارتفاع الأسعار خلق خطراً يطال آلية عمل السوق، فقد أدى إلى زيادة طلبات تغطية الهوامش بأعلى بكثير من أي وقت مضى، ما أجج مخاطر كبيرة لوقوع عديد من حالات تخلف عن السداد. قال الرئيس التنفيذي ماثيو تشامبرلين خلال الأسبوع إنّ عديداً من التجار كانوا سيتخبطون للبقاء لو لم توقف البورصة التداول وتلغي التعاملات.

كانت اضطرابات هذا الأسبوع هي الأحدث في سلسلة أمور مثيرة للجدل في بورصة لندن للمعادن، بدءًا من التخلي عن خطة لإغلاق قاعة التداول المفتوحة الصاخبة، وصولاً إلى الضغط الهائل في سوق النحاس، الذي شهد استنفاد مخزوناته تقريباً في أواخر 2021. لكن قرار إلغاء تعاملات الثلاثاء قد يكون لحظة الفصل لدى بعض داعمي السوق المخلصين.

أنقذت بورصة لندن عبر إلغاء التعاملات أصحاب المراكز المتشائمة على حساب نظرائهم المتفائلين في الجانب الآخر من ساحة التداول. كما تسبب بضرر لدى المتداولين الذين بدأوا بالتعامل في ساعات ما قبل الفجر، إذ باع بعضهم مراكز طويلة، محققين أرباحاً، ليأتي الإلغاء ويشطبها، كما وضع البعض رهانات نسبية على النيكل مقابل معادن أخرى، ليأتي الإلغاء ويقوض شق النيكل فيها، واستخدم بعض البنوك البورصة للتحوط من مراكز مع عملائها فتمزقت تحوطاتها.

تعاملات حسنة النية

قال ديفيد ليلي، المؤسس المشارك لصندوق "ريد كايت" (Red Kite) للمعادن، ويدير حالياً "دريكوود كابيتال مانجمنت" (Drakewood Capital Management): "كان التداول في بورصة لندن للمعادن مفتوحاً، وقد اتفق متعاملون حسنو النية على عقود حسنة النية، لذا ينبغي أن يتمكنوا من الاعتماد عليها... هذا هو الغرض من التداول المنظم".

كان ليلي وسادريان من حرس تجارة المعادن المتخصصين القديم، الذين أمضوا حياتهم المهنية يصقلون مجموعة مهارات متميزة يتطلبها الازدهار في البورصة الغامضة الشهيرة، وهي إحدى آخر الشركات في العالم التي لا تزال تسوي الأسعار عبر مباراة صراخ يومية وتدير شبكة تخزين عالمية هامة لحركة أسواق المعادن المادية.

لم يقتصر الغضب على المتخصصين بالمعادن، بل امتد ليشمل مديري الصناديق الأكثر عمومية، وهم نفس المستثمرين الذين حاولت بورصة لندن للمعادن استقطابهم على مرّ السنين في محاولة لزيادة أحجام التداول. لجأ كليف أسنيس، مؤسس "إيه كيو آر كابيتال مانجمنت" (AQR Capital Management)، إلى "توتير" للتنفيس عن غضبه، فكتب في تغريدة: "عملت في هذا المجال لفترة قصيرة جداً... لكنها كانت من أسوأ ما رأيت على الإطلاق".

استحسان من آخرين

من المؤكد أن غضب بعض المتداولين بعيد كل البعد عن أن يكون عامّاً، فقد نالت بورصة لندن للمعادن ثناء آخرين لكبحها ارتفاع الأسعار غير المسبوق الذي جعل مستهلكي النيكل، مثل مصانع الصلب، يترنحون.

يعتمد عديد من المستخدمين الفعليين للبورصة أيضاً على الوسطاء الشخصيين فيها لتوفير ائتمان للتحوط من مخاطر الأسعار، ولو فشل أي منهم فقد تكون التأثيرات المتواترة عبر تجارة المعادن الملموسة شديدة.

سبق أن تعهدت بورصة لندن للمعادن بوضع مصالح متعامليها الأساسيين أولاً في قراراتها الاستراتيجية، قبل مصالح صناديق التحوط والمتداولين الخوارزميين والبنوك التي تشكل أيضاً جزءاً من نظامها البيئي.

قال مارك هانسن ، الرئيس التنفيذي لشركة تداول السلع الملموسة "كونكورد ريسورسز" (Concord Resources): "أعتقد أن البورصة كانت محقةً تماماً بوقفها التداول، بل أعتقد أنه كان ينبغي أن تفعل ذلك بأبكر مما فعلت... للكل مصلحة بأن تكون السوق منتظمة، فقد رأينا مستهلكين يغلقون مصانع صلب أو يصفون مخزوناتهم نتيجة لهذا التحرك في النيكل".

تصنيفات