"فانغارد" تشدد قبضتها على سوق الصناديق المتداولة في وول ستريت

time reading iconدقائق القراءة - 9
شعار شركة \"فانغارد\" - المصدر: بلومبرغ
شعار شركة "فانغارد" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في كل عام على مدار العقدين الماضيين، في الأوقات الجيدة والسيئة، كان هناك اتجاه واحد مؤكد في إدارة الأموال في وول ستريت ألا وهو شركة "فانغارد" (Vanguard) التي تشدد قبضتها على سوق الصناديق المتداولة في البورصة.

لكن هذه الشركة العملاقة التي أسسها جون بوغل تضغط الآن على الصناعة التي تبلغ قيمتها 6.8 تريليون دولار أكثر من أي وقت مضى، من خلال شنّ حرب رسوم عبر مجموعة من الصناديق التي تستحوذ بالفعل على معظم المليارات التي تتدفق إلى السوق.

في أواخر الشهر الماضي، ودون أن يلاحظ ذلك أحد تقريباً، قالت "فانغارد" إنها خفّضت الرسوم على 10 صناديق أخرى متداولة في البورصة. يأتي هذا ضمن توجه مماثل من مجموعة من 82 صندوقاً متداولاً في بورصات الولايات المتحدة، استوعبت بالفعل حوالي 58 مليار دولار هذا العام، أكثر من جميع الصناديق المتنافسة البالغ عددها 2817 صندوقاً مجتمعة.

تأتي هذه التدفّقات على رأس مبيعات الشركة التي حطمت الرقم القياسي البالغ 328 مليار دولار في عام 2021، ما وضع "فانغارد" على الطريق لتجاوز شركة "بلاك روك" (BlackRock) العائدة للاري فينك كأكبر شركة إدارة للصناديق المتداولة في البورصة خلال العامين المقبلين، وفقاً لبلومبرغ إنتيلجنس، ما تسبب بإرباك نظام عالمي قائم منذ عام 2003.

تعرف على مؤسس ثورة "المؤشرات" البالغ قيمتها 11 تريليون دولار

في هذه العملية، تقوم الشركة التي تتخذ من مالفيرن بولاية بنسلفانيا مقراً لها بتسريع عملية الاستحواذ على صناديق مؤشرات الأسهم. وهو تطور حذّر بوغل نفسه من أنه سيتسبب في مخاطر خفية، فيما تدفع شركات إدارة الصناديق الصغرى إلى تقديم المزيد من الإستراتيجيات المتخصصة والمحفوفة بالمخاطر للبقاء.

"يمكن لـفانغارد أن تتدبر الخسارة لأنها تمتلك نطاقاً واسعاً في أماكن أخرى. إذا كان لديك متجر واحد أو اثنين أو حتى 10 متاجر للصناديق المتداولة في البورصة وكنت حديث العهد فلا يمكنك فعل ذلك. لا يمكنك الحصول على هوامش كهذه"، وفقاً لجيليان ديلسينور، العضوة المنتدبة ورئيسة صناديق الاستثمار المتداولة في "إف إل إكس ديستريبوشن" (FLX Distribution) وهي منصة للتكنولوجيا المالية تخدم قطاع إدارة الأصول.

من أصل الرقم القياسي البالغ 900 مليار دولار الذي ضُخ في صناعة الصناديق المتداولة في البورصة الأمريكية في عام 2021، تدفق حوالي الثلث إلى منتجات "فانغارد" خاملة الإدارة ورخيصة التكلفة. ومنذ بداية العام الجاري وحتى اليوم، أصبحت النسبة النصف.

وبينما أدت المخاوف من رفع أسعار الفائدة إلى بيع الأسهم في يناير، استقطبت الشركة 22 مليار دولار، ما دفع بصناعة الصناديق المتداولة في البورصة بأكملها إلى تحقيق صافي تدفقات داخلة قيمتها 17 مليار دولار.

تلقّى النمو الهائل لشركة "فانغارد" انتقادات محدودة، ربما لأنها ليست أكبر شركة إدارة صناديق متداولة بالبورصة حتى الآن، أو لأنها متفوقة في جلب الاستثمار منخفض التكلفة للجماهير. لكن المنظمين بدأوا يخشون حجم شركات مثل "فانغارد" و"بلاك روك" اللتين تديران معاً ما قيمته أكثر من 17 تريليون دولار، قبل فترة طويلة من طفرة النمو الأخيرة. في عام 2018، وقبل وقت قصير من وفاته، حذّر بوغل من أن ملكية صندوق المؤشر المركزة على الشركات الأمريكية قد لا تكون في المصلحة الوطنية.

تغذي السوق المزدهرة للصناديق المتداولة في البورصة هذه العملية، حيث تقود "فانغارد" الطريق بشكل متزايد. ونمت حصة الشركة من أصول الصناديق المتداولة في البورصة الأمريكية إلى 29.3% العام الماضي، وهي السنة العشرون على التوالي من النمو. تراجعت حصة شركة "بلاك روك" الحالية في الصناعة إلى 34.6%، وهي السنة الثالثة على التوالي من التراجع.

حيتان الاستثمار يسيطرون على صناديق المؤشرات المتداولة المرتبطة بالاستدامة

قال ريتش باورز، رئيس قسم الصناديق المتداولة في البورصة وإدارة منتج المؤشر في "فانغارد" في مقابلة معه: "نهدف إلى خفض الرسوم في جميع المجالات، كما فعلنا في الماضي. كيف سيظهر ذلك في المنتجات الفردية؟ إذا نظرت إلى تاريخنا، فستجد أننا كنا متسقين للغاية في القيام بذلك عبر تشكيلتنا من الصناديق المتداولة في البورصة".

لدى "فانغارد" 82 صندوقاً تشمل الصناديق المدارة بشكل نشط وخامل في الأسهم والدخل الثابت على حد سواء. يبلغ متوسط ​​التكلفة في هذه الصناديق 9 نقاط أساس فقط، مما يعني أن المستثمر سيدفع 9 دولارات فقط لاستثمار 10000 دولار لمدة عام. يتقاضى أكبر منتجاتها، "صندوق فانغارد توتال ستوك ماركت المتداول في البورصة" (Vanguard Total Stock Market ETF) (رمزه VTI) وتبلغ قيمته 278 مليار دولار، 3 نقاط أساس فقط، مقارنة بمتوسط ​​53 نقطة أساس لجميع صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة.

الجانب الإيجابي

هناك جانب إيجابي نوعاً ما لمنافسي "فانغارد". تمثل الشركة حوالي 30% من السوق من حيث الأصول واستحوذت على ثلث الأموال المتدفقة إلى الصناديق المتداولة في البورصة العام الماضي. لكنها استحوذت على 5% فقط من الإيرادات، وفقاً لحسابات "بلومبرغ إنتليجنس"، ما يدل على أن بعض المنافسين على الأقل يولدون إيرادات ضخمة مقارنة بحصتهم في السوق.

تعمل حرب الرسوم المستمرة التي تقودها "فانغارد" على خفض المبلغ المطلق الذي يمكن أن تفرضه شركات إدارة الصناديق المتداولة على كل صندوق، ما قد يقلل الربحية. وفي الوقت نفسه، فإن التدفق المستمر إلى الأدوات خاملة الإدارة الكبيرة والراسخة ورخيصة التكلفة يجعل دخول السوق مهمة صعبة. جرى إطلاق ربع جميع المنتجات الأمريكية للشركة تقريباً في العامين الماضيين، لكنها تستحوذ على 2.5% فقط من الأصول.

من أجل البقاء، تطلق شركات إدارة الصناديق المتداولة الجديدة والصغيرة إستراتيجيات نشطة، تطارد غالباً الأسواق المحفوفة بالمخاطر التي يحبها جيش المتداولين اليوميين بما في ذلك "بتكوين" والمضاربة على أسهم شركات التكنولوجيا. في العام الماضي، ولأول مرة على الإطلاق، فاق عدد عمليات إطلاق الصناديق النشطة المتداولة في البورصة عدد الخاملة، واستمر الاتجاه. ومن بين 29 صندوقاً متداولاً في البورصة بدأت التداول في يناير، كان تسعة منها فقط تقدم منتجات خاملة الإدارة.

في عالم تسيطر فيه "فانغارد" و"بلاك روك" بقوة على الجزء الأكبر من السيولة المتدفقة إلى المنتجات خاملة الإدارة، تتوقع "ديل سيغنور" أن تغوص شركات إدارة الصناديق المتداولة بالبورصة المستقلة بشكل أعمق في عالم الصناديق التخصصية والنشطة. وقالت: "يبدو أن سفينة المنتجات خاملة الإدارة قد مكّنت نفسها جداً".

يعد هيكل الملكية الفريد الذي يسمح للشركة الرائدة في إدارة صناديق المؤشرات بفرض رسوم منخفضة للغاية أساس نجاح التدفقات النقدية لـ"فانغارد". تعد صناديق الاستثمار المتداولة الخاصة بها فئة أسهم في صناديقها المشتركة، حيث ينتخب مستثمرو الصناديق أعضاء مجلس الإدارة، الذين يتحملون بدورهم مسؤولية اتخاذ القرارات بشأن منتجات الشركة.

في هيكل ملكية الشركة النموذجي، قد تُعاد أي نقود أو أصول إضافية تولدها الشركة إلى المساهمين من خلال توزيعات أرباح أو ما شابه ذلك. ولكن في "فانغارد" تستخدم هذه الأموال عادةً لخفض الرسوم، حيث لا يوجد "توتر متأصل بين المالكين والمستثمرين"، وفقاً لما قاله إريك بالتشوناس من "بلومبرغ إنتليجنس".

وقال بالتشوناس كبير محللي الصناديق المتداولة في البورصة: "مالكو الشركة هم مستثمرو الصناديق، في نهاية المطاف، وهدفهم الاحتفاظ بالمزيد من الأموال. ولم يقلد أي شخص هذه الهيكلية لأنه لا يوجد حافز لذلك، ولكن يجب على بقية الصناعة اتباعه".

لا يشمل ذلك شركات إدارة الصناديق الجديدة فقط، بل أيضاً اللاعبين الكبار الراسخين. في ديسمبر، خفّضت "فانغارد" رسوم 17 منتجاً من بينها حوالي 12 من الصناديق المتداولة في البورصة، والتي تضم عدداً من صناديق الدخل الثابت. جاء ذلك في مواجهة تحرك من شركة "ستايت ستريت غلوبال أدفايررز" (State Street Global Advisors) المنافسة، التي قدمت تخفيضاً آخر في فبراير. وحذت حذوهما "تشارلز شواب" (Charles Schwab) و"بلاك روك" بإجراء تخفيضات مماثلة.

يوضح تكوين أصول الصناديق المتداولة في البورصة السبب. تُظهر بيانات "بلومبرغ إنتليجنس" أن حوالي 60% من أًصل 6.8 تريليون دولار مستثمرة في صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة تحتفظ بها صناديق تتقاضى رسوماً تبلغ 10 نقاط أساس أو أقل.

ترفض القوى في "فانغارد" فكرة أن الشركة تخنق المنافسين، وتسلط الضوء على أن صناديق الاستثمار المتداولة التابعة لها تمثل جزءاً صغيراً من إجمالي السوق.

وقال: "تصادف أن لدينا منتجات رائعة هي منتجات أساسية في العديد من المحافظ. هناك عدد لا يحصى من شركات إدارة الصناديق الجديدة في السوق. هناك متسع كبير للآخرين لتقديم منتجات عالية الجودة وقابلة للتطبيق".

تصنيفات

قصص قد تهمك