حتى قبل حرب أوكرانيا.. كان المستثمرون يخفضون توقعاتهم من الأسواق

time reading iconدقائق القراءة - 10
المستثمرون كان يخفضون توقعاتهم من أسواق الأسهم حتى قبل حرب أوكرانيا - المصدر: بلومبرغ
المستثمرون كان يخفضون توقعاتهم من أسواق الأسهم حتى قبل حرب أوكرانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تطلّب الأمر وصول التضخم لمستويات غير مشهودة منذ عقود، وتصاعد القلق حول رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، إلا أنَّ تقييمات الأسهم تراجعت أخيراً إلى مستويات ما قبل الوباء، وما قبل المحفزات، حتى قبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. والآن لا تستطيع "وول ستريت" معرفة ما قد يأتي لاحقاً.

عامان من الانتعاش

حتى الآن، كانت استجابة سوق الأسهم للحرب هادئة. وربما يعود سبب ذلك إلى أنَّ المستثمرين كانوا يخفّضون توقُّعاتهم تجاه الأسواق بالفعل منذ شهرين. ففي العام الحالي؛ هبط مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 8% تقريباً، وفقد "ناسداك 100" المُحمل بأسهم التكنولوجيا 13% من قيمته.

ومن جهتهم؛ فإنَّ المتفائلين يرتكزون في حجتهم على أنَّ الأسهم تتداول بأسعار أقل، في بيئة ما يزال النمو فيها قوياً، و ماتزال أرباح الشركات الأمريكية تتصاعد فيها بلا هوادة. في حين لم تهبط تقديرات المحللين لأرباح شركات مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عن مسارها المرتفع. وتقول إميلي رولاند، المديرة المشتركة لاستراتيجية الاستثمار في "جون هانكوك إنفستمنت مانجمنت": "يتعيّن عليك البحث عن الفرص عندما تظهر بعض هذه الصفقات".

من جهة أخرى؛ فإنَّ لدى المتشائمين الكثير من الأسباب للقلق. صحيح أنَّ السوق نجحت في تجاوز العديد من التهديدات التي بدت وكأنَّها ستقضي على انتعاشها خلال العامين الماضيين (أبرزها جائحة عالمية مميتة)؛ لكنَّ صانعي السياسة النقدية وقفوا إلى جانب السوق بحزم.

في حين يختلف الوضع الآن؛ إذ مايزال البنك المركزي الأمريكي على استعداد لرفع أسعار الفائدة، وإنهاء برنامجه لشراء السندات، مزيلاً بعض الدعم الاستثنائي الذي كان يقدّمه لأسعار الأصول. وبينما يبدو من المرجح بشكل متزايد أن تُبطِّئ الحرب هذه العملية؛ إلا أنَّها لم تغيّر الاتجاه. وقلّص المتداولون الرهانات على رفع كبير للفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في مارس، لكنَّهم ما زالوا يتوقَّعون حوالي خمس الزيادات بالفائدة خلال عام 2022.

مخاوف التضخم

ويأتي غزو أوكرانيا ليزيد من صعوبة تعامل الفيدرالي مع التضخم، الذي يمثل مصدر قلق بالفعل. وحتى نهاية فبراير؛ كان يُنظر إلى ارتفاع الأسعار على أنَّه نتاج النمو الاقتصادي المتصاعد، بالإضافة لندرة العمالة في أسواق العمل، وسلاسل التوريد المتعثرة. والآن أدت العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، المنتجة الرئيسية للطاقة، إلى رفع أسعار السلع الأساسية.

وبرغم أنَّ ذلك قد يشكّل عائقاً للنمو؛ إلا أنَّ البنوك المركزية ما تزال تشعر بالحاجة إلى رفع الفائدة لإبقاء توقُّعات التضخم تحت السيطرة. تقول أليسيا ليفين، رئيسة قسم استشارات الأسهم وأسواق رأس المال في ذراع إدارة الثروات في "بي إن واي ميلون" خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "يطل شبح أواخر السبعينيات، وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي، ويزيد المخاوف من الركود التضخمي، بتراجع النمو المستمر، وتصاعد التضخم المستمر أيضاً"، وتابعت: "وما يفعله هذا الصراع؛ هو أنَّه يلعب على وتر التضخم".

حذر المستثمرين

ومع أنَّه من غير المرجح حدوث ركود تضخمي؛ فمن المتوقَّع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.7% العام الحالي، لكنَّ الوضع الجيوسياسي وتأثيره على أسعار النفط ما يزال غير واضح إلى حد كبير. في حين أظهر المستثمرون بوادر الحذر، وراحوا يشترون سندات الخزانة، وهو ما يقلّص العائدات. وهم كذلك يشترون الأسهم في القطاعات الدفاعية، مثل: الطاقة، والمرافق، والرعاية الصحية.

أضف إلى ذلك الأرباح الهشة من بعض شركات التكنولوجيا الكبرى، كما أنَّ أيام الوفرة في كل ركن من أركان أسواق الأسهم تبدو معدودة.

يقول مايكل شاؤول، الرئيس التنفيذي لشركة "ماركت فيلد" لإدارة الأصول: "موجة بيع واسعة مثل هذه ستعاقب المذنبين والأبرياء"، ويضيف: "هذه سوق يمكن فيها كسب المال"، هناك أسهم مختلفة ترتفع، لكن قد يكون هناك عدد أقل منها.

صعوبة التقييم

أصبحت تقديرات نسبة السعر إلى الربحية في مؤشرات سوق الأسهم بمثابة "اختبار رورشاخ" النفسي؛ فهل تنظر إلى السوق باعتبار أنَّها مسعّرة أخيراً بشكل معقول مرة أخرى؟ أم ترى أنَّ الأسعار ما تزال باهظة الثمن، ويجب أن تبرر تقييماتها كل يوم للمستثمرين الذين يواجهون سيلاً من الأخبار السيئة؟. وعند مضاعف ربحية قدره 22 مرة؛ انخفض تقييم "ستاندرد آند بورز 500" بشكل كبير منذ أن وصل إلى 32 مرة قبل عام، وبالتالي؛ عاد إلى ما كان عليه في أوائل عام 2020.

لكن تذكّر، كان ذلك يمثل في النهاية أطول امتداد لسوق صاعدة في التاريخ، وذلك قبل تدهور الأسهم لفترة وجيزة بسبب الوباء. وشهد مؤشر "ناسداك 100" قصة مماثلة، إذ يبلغ مضاعف ربحيته حالياً 32 مرة بانخفاض من 40 مرة تقريباً العام الماضي، لكنَّه مع ذلك ما يزال أعلى بكثير من متوسطه التاريخي.

ومهما كان ماسيحدث لاحقاً؛ يبدو أنَّ حمّى المضاربة التي اتسمت بها السوق في عصر الوباء - والتي ولّدت أسهم الميم والطفرة في شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة - قد هدأت، وتقول ليز آن سوندرز، كبيرة محللي الاستثمار في شركة "تشارلز شواب آند كو": "كانت الشركات ذات المراكز المالية الضعيفة، وأسهم الميم، وشركات (الشيك على بياض) مشابهة لما شهدناه في أواخر 1999 وأوائل الألفية… أعتقد أنَّ تداول الأصول منخفضة الجودة قد انتهى، بخلاف بعض التحركات قصيرة المدى المخالفة للاتجاه، والتي يتخذها المتداولون المضاربون". يذكر أنَّه خلال 2021، كان من الصعب ألا تجني الأموال. فقد سجل كل قطاع في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" مكاسب تزيد عن 10%، كان ذلك قبل شهرين فقط، لكن بالفعل يبدو أنَّنا نعيش في عالم مختلف.

تصنيفات

قصص قد تهمك