بلومبرغ
في الوقت الذي اهتزت فيه أسواق السندات الصينية، وسط مخاطر التخلف عن السداد المحيطة بالمصدرين المتعثرين من أمثال "تشاينا إيفرغراند غروب"، والتي تركت المستثمرين العالميين يطببون جراحهم، انقضَّت مجموعة تُعدّ على الأصابع من صناديق التحوط غير المعروفة على السوق.
تمكنت صناديق "شينزين كيانهاي غوين كابيتال مانجمنت"، و"فوهوي جولي ويلث مانجمنت كورب"، و"شينزين كيانهاي جيوينغ أسيت مانجمنت"، والتي تدير مجتمعة أكثر من 20 مليار يوان (3.2 مليار دولار)، من تحقيق مكاسب بنسبة 319% و104% و96% على التوالي، وذلك نتيجة استراتيجياتهم عالية العائد بعد أن اقتنصوا الديون المتعثرة الصادرة من شركات العقارات وكيانات التمويل الحكومية.
وتعد العوائد مثيرة للدهشة بالنظر إلى أن اضطرابات القطاع العقاري الصيني أضرت بأذرع مديري الأصول العالميين بما في ذلك شركتي "برودنشيال" و"يو بي إس".
وفي الوقت الذي تسعى فيه شركات مثل "تي رو برايس غروب" و"أليانز غلوبال إنفستورز" و"غولدمان ساكس أسيت مانجمنت" للاستفادة من الفرص في القطاع المتعثر، أصبحت صناديق التحوط ذات الدخل الثابت الأفضل أداءً في الدولة أكثر حذراً في الوقت الحالي لأنها ترى أن المخاطر تزداد أكثر.
مكاسب استثنائية
في حين أن مكاسب العام الماضي كانت متطرفة وغالباً ما عززتها الرهانات المركزة، فإن تقلبات الأسعار ساعدت صناديق السندات الخاصة في الصين - المكافئ المحلي لصناديق التحوط - في تحقيق متوسط عائد إجمالي بنسبة 8.9%، وهو الأفضل في خمس سنوات على الأقل، وفقاً لشركة "شينزين باي باي وانغ إنفستمنت آند مانجمنت"، وهي شركة بحثية محلية، وهذا يمثل أكثر من ضعف العائد البالغ 4.2% في مؤشر "يوريكاهيدج" لصناديق التحوط ذات الدخل الثابت.
بالنسبة لشركة "فوهوي جولي"، التي تدير أقل من 80 مليون دولار، نشأت الفرص في شهر مارس عندما أصبحت "تشاينا فورتشن لاند ديفلوبمنت" أول مطور يعاني من فشل في السداد منذ أن شددت بكين ضوابطها على القطاع المثقل بالديون.
قال وي تشونغ، رئيس أبحاث السندات في "فوهوي جولي" ومقرها مدينة هانغتشو، إن متداولي سندات الشركة رأَوْا أن مستثمري "تشاينا فورتشن" كانوا يعتمدون على المساهمة الرئيسية، مجموعة "بينغ آن للتأمين"، في مساعدة شركة البناء المتعثرة: "لقد رصدنا البائعين المحتملين في انتظار تخلصهم من الأصول عندما تبلغ الضغوط عليهم الذروة".
لم تقدم "بينغ آن" المساعدة، ما سمح لـ"فوهوي جولي" بشراء بعض السندات بأسعار أقل من 15 سنتاً، وحققت عوائد صافية تصل إلى أكثر من 300% على أساس سنوي عندما تم بيع السندات لاحقاً مع تحسن معنويات السوق، وفقاً لرئيس مجلس الإدارة، ياو تشيفينغ.
وساعد ذلك في دفع عائد العام بأكمله لصندوقها "شينغهوي رقم 6" ، والذي يستهدف الديون شبه المتعثرة عن السداد، إلى 104%، متصدراً صناديق السندات الخاصة التي تدير أكثر من 5 ملايين يوان في "باي باي وانغ".
واجتاحت أزمة السيولة المزيد من شركات البناء تدريجياً، ما هيأ الظروف لأفضل صفقة تداول لـ"جيوينغ أسيت" في نوفمبر.
قال رئيس استثمارات السندات، شي زاي، إن شركته لإدارة الأصول التي تدير 2.4 مليار دولار اختارت الأوراق المالية المدعومة بالأصول والصادرة عن مطور متوسط الحجم بقيمة تقل عن 50 سنتاً، لكنه رفض تسمية المُصدر، وأتى هذا الرهان ثماره عند سداد الدين وقت الاستحقاق بعد حوالي شهرين.
وبينما كانت فرص التداول تلك قصيرة عادة، فإنها لم تكن نادرة العام الماضي، وفي منتصف نوفمبر، ضخت "غيو إن" (Guo En) أموالاً في بعض سندات "كيه دبليو جي غروب"، المستحقة 17 ديسمبر بأسعار منخفضة لا تزيد على 91 سنتاً.
وحققت الشركة مكاسبَ، عندما سددت المطورة كامل الديون المستحقة بعد شهر، حسبما قال يان شاودي، مدير استثمار الدخل الثابت.
ورغم تسجيل السندات العقارية لبعضٍ من أفضل العوائد، قالت "غيو إن" و"جيوينغ أسيت" إن السندات من كيانات التمويل التي أنشأتها الحكومات المحلية لتمويل مشاريع البنية التحتية والاستثمارات العامة الأخرى ساهمت أيضاً في أرباح كبيرة.
خسائر الديون مرتفعة العائد
تدير المنتجات الأفضل أداءً أموالها الخاصة أو مصممة خصيصاً لعملاء محددين، ما يتيح قدراً أكبر من تحمل المخاطر والمراهنات المركزة، ومع ذلك، بالنسبة للعديد من المستثمرين، أدى انهيار ديون الصين ذات العائد المرتفع إلى انخفاض العائدات.
انخفض صندوق السندات الآسيوية عالية العائد التابع لشركة "إيست سبرينغ إنفستمنتس" بنسبة 17% العام الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ"، وتأثر أداء الصندوق أساساً بتعرضه لديون المطورين الصينيين المقومة بالدولار العام الماضي، وفق ويليام شين، رئيس الدخل الثابت لعمليات إدارة الأصول في الصين، والتي تعد جزءاً من "برودنشيال".
كما حاصر الانهيار في السندات الصينية عالية العائد صندوق "يو بي إس غروب" الآسيوي ذو العائد المرتفع الذي تبلغ قيمته عدة مليارات من الدولارات، وتعرض لأكبر خسارة سنوية منذ إنشائه.
وقالت مجموعة "آشمور" - واحدة من بين أكبر حاملي السندات المقومة بالدولار الصادرة عن "إيفرغراند" والشركات التابعة لها - إن العملاء سحبوا 2.2 مليار دولار في الأشهر الثلاثة حتى ديسمبر نتيجة لضعف النمو في الصين وعبر الأسواق الناشئة.
أكثر حذراً
حتى مع تكثيف السلطات لدعم السيولة من أجل وقف التباطؤ الاقتصادي، أصبح أفضل المديرين أداءً في الصين العام الماضي أكثر حذراً في وجود القليل من العلامات على انتعاش وشيك.
تقلص "جيوينغ أسيت" شهيتها للمخاطرة تجاه الديون المرتبطة بالكيانات المالية للحكومات المحلية وتعمل على تنويع محفظتها خوفاً من حدوث حالات تخلف عن السداد أخيراً مع تصاعد الضغوط على كيانات التمويل.
وبرغم أن "فوهوي جولي" ما زالت تراهن بحذر على سندات المطورين من القطاع الخاص، فإنها تضع حداً أقصى للاستثمارات الفردية عند 10% من محفظتها، بانخفاض من 30% العام الماضي، وسط مؤشرات على أنه حتى المطورين جيدي الإدارة يواجهون أزمات خطيرة في السيولة، حسبما قال وي.
وقال: "سوق العقارات مليئة بالفرص الكبيرة بالنسبة لنا لكن تراجعات الأسعار وتطور أسس القطاع تجاوزت توقعاتنا.. من الصعب علينا التنبؤ بمن يستطيع النجاة".