الشرق
فاجأت صفقة بنك أبوظبي الأول – هيرميس المحتملة السوق المصرية، ومازال صداها يتردد في أروقة سوق المال. فبعد فشل الملياردير المصري نجيب ساويرس في الاستحواذ عليها، ورفض الحكومة اندماجها مع "كيو إنفست القطرية"، وعدم نجاح "بلانيت أي بي المصرية" بشرائها أيضاً، هل تكون الظروف مواتية لصالح أبوظبي الأول للاستحواذ على أكبر بنوك الاستثمار في مصر والمنطقة، في ضوء قيمة العرض الحالية؟.
تقدّم بنك أبوظبي الأول مطلع الشهر الحالي بعرض لشراء المجموعة المالية هيرميس بسعر مبدئي يبلغ 19 جنيهاً للسهم، فيما قد يكون أكبر عملية استحواذ في مصر حتى الآن من قبل أكبر بنك في الإمارات العربية المتحدة، في صفقة قد تصل قيمتها إلى 1.2 مليار دولار.
السعر العادل
يقول هاني توفيق رئيس جمعيتي الاستثمار المباشر المصرية والعربية السابق، "بهذا السعر يستحيل إتمام الصفقة، لأنه قريب جداً من سعر السوق. والبعض يرى أن القيمة العادلة لسهم هيرميس عند 25 إلى 27 جنيهاً، فالمجموعة لديها سيولة تبلغ 1.5 مليار جنيه، هذا غير النمو المتوقع لشركاتها التابعة. وبالتالي، على المدى الطويل، لو أنا مستثمر بسهم "هيرميس" فلن أبيع بالتأكيد، لاسيما في ظلّ الرؤية التوسعية المستقبلية للمجموعة".
أغلق سهم هيرميس في بورصة مصر عند 17.85 جنيه بانخفاض 1.38%.
اقرأ المزيد: بنك أبوظبي الأول يعرض 1.2 مليار دولار لشراء "هيرميس" المصرية
لكن رضوى السويفي من الأهلي فاروس تقول "لو أنا مستثمرة في هيرميس، فالسعر الذي يُمكن أن أبيع به هو بحدود 21 إلى 23 جنيه للسهم، فبرأيي هذا السعر عادل ومغرٍ للمستثمرين". وهي ترى أن "هيرميس هي المستفيد الأكبر من الصفقة، لأنها ستكون مدعومة من مؤسسة خليجية ذات ملاءة مالية كبيرة مثل بنك أبوظبي الأول".
هيرميس هي أكبر بنك استثمار في الشرق الأوسط، وتعمل في أسواق مصر، والسعودية، والإمارات، والكويت، والأردن، وسلطنة عمان، وباكستان، وبنغلادش، وكينيا، والولايات المتحدة.
اختارت هيرميس اليوم الاثنين مجموعة "غولدمان ساكس" لتقديم المشورة بشأن عرض بنك أبوظبي الأول للاستحواذ على حصة الأغلبية،وعينت وايت اند كيس مستشارا قانونيا في العرض الغير ملزم.
سمحت هيرميس لبنك أبوظبي بإجراء عملية الفحص النافي للجهالة في نطاق يتم "الاتفاق عليه بين الطرفين بحسن نية" بعد الحصول على لاموافقات الرقابية اللازمة.
المساهمون الرئيسيون
"لو أنا مساهم في هيرميس فلن أبيع بأقل من 22 جنيه للسهم.. بنك أبوظبي الأول سيكون المستفيد الأكبر لو تمّت الصفقة، نظراً لاحتياجه لذراع مصرفية استثمارية قوية، وهيرميس الخيار الأفضل باعتبارها أكبر بنك استثمار في الشرق الأوسط"، وفق إيهاب رشاد من "مباشر كابيتال". مؤكداً: "لو أنا عضو مجلس إدارة في هيرميس سأرفض الصفقة، فالمجموعة لديها فرص نمو وتوسعات كبيرة بخلاف أذرعها في التمويل غير المصرفي".
تُقدِّم هيرميس خدمات أنشطة التأجير، والتمويل، والتخصيم، والتمويل متناهي الصغر، والتمويل الاستهلاكي، والتمويل العقاري، والتأمين، والمدفوعات الرقمية من خلال شركات تابعة لها.
اقرأ المزيد: "فاليو" المصرية التابعة لـ"هيرميس" تخطط لدخول السعودية وشمال أفريقيا
بدوره، يُشير محمد ماهر من "برايم القابضة" إلى أن أغلب التقييمات تتمحور حول 20 إلى 25 جنيهاً للسهم، وأي تغيير إلى أعلى في سعر عرض أبوظبي قد يدفع المستثمرين للتفكير". متابعاً: "لو بنك أبوظبي الأول على تواصل بالفعل مع المساهمين الرئيسين في المجموعة، فقد تُكلَّل الصفقة في النهاية بالنجاح".
من المساهمين الرئيسيين في هيرميس كل من بنك الاستثمار الفرنسي "ناتيكسيس" الذي يمتلك 12.2% من أسهم المجموعة، وشركة الاستثمار الإماراتية "أر إيه مينا هولدنغز" التي تمتلك 11.7% من الأسهم، بجانب 5.2% مخصصة لتحفيز العاملين بالمجموعة. بينما تُقدَّر الأسهم حرة التداول بأكثر من 50%.
الفحص النافي للجهالة
عدَّلت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر، اليوم الأحد، قواعد تملّك أسهم الشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية، بحيث أصبح يُشتَرَط موافقة الهيئة المسبقة لإجراء الفحص النافي للجهالة.
تأتي تعديلات الهيئة بعد أيام قليلة من تقدّم بنك أبوظبي الأول بعرض لشراء المجموعة المالية هيرميس.
ويَعتبر إيهاب رشاد أن هذا القرار "مفيد للسوق، فالكثير من الشركات، ومنها هيرميس، لديها هواجس في حال عدم التوصل لاتفاق بأن يكون الطرف الراغب في الشراء اطلع بالفعل على كل بيانات الشركة. وعليه، فإن تنظيم الهيئة لآلية حصول الطرف الراغب في الشراء على البيانات أمر بالغ الأهمية"، بحسب إيهاب رشاد من مباشر كابيتال.
تشترط الرقابة المالية الحصول على موافقة مسبقة من الهيئة أو من مجلس إدارتها- بحسب الحالة- للقيام بعمليات الفحص النافي للجهالة لأي من الشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية، وقبل المضي قدماً نحو الاطلاع على البيانات والمعلومات الداخلية الخاصة بتلك الشركات لاتخاذ قرار استثماري نهائي بشأنها.
السويفي ترى أن الدولة المصرية "لن تكون لديها اشتراطات على الصفقة، فبنك أبوظبي الأول مؤسسة كبيرة ودخولها للسوق المصرية سيكون له تأثير إيجابي".
اقرأ المزيد: الرقابة المالية تشترط موافقتها المسبقة على الفحص النافي للجهالة في مصر
تمتلك مصر العديد من الشركات في مختلف القطاعات التي يمكن للمستثمرين الاستحواذ عليها في ظل التقييمات والأسعار المتدنية في بورصة مصر. "لكن عندما يتعلق الأمر بكيان بحجم هيرميس، أكبر بنك استثماري في الشرق الأوسط، ومالك الحصة الأكبر بأحد البنوك الحكومية، وأحد خزائن أسرار الدولة الاقتصادية ومستشارها في العديد من الصفقات، فقد تختلف المعادلة، كما يُنوّه إيهاب رشاد".
وفقاً لقواعد تملك الشركات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية، تتطلب الصفقة الحصول على موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر، كون هيرميس تمثل 10% فأكثر من حجم سوق النشاط المالي غير المصرفي في البلاد.
بهذا الصدد، يقول هاني توفيق: "لازم نشوف هيئة الرقابة المالية والبنك المركزي رأيهم إيه في الصفقة.. لازم يتأكدوا من الرؤية المستقبلية للمستثمر لأنها مش مجرد عملية بيع وخلاص".