بلومبرغ
يحظى المتشائمون في سوق سندات الخزانة الأمريكية بنجاح وراء الآخر في ظل ارتفاع العائدات عبر منحنى العائد لمستويات عالية في 2022، بعد تقرير الوظائف الأمريكية الساخن، وصعود الفائدة طويلة الأجل في أوروبا فوق الصفر لأول مرة منذ سنوات.
سواء كانت هذه العائدات مبررة أم لا، لكنها سوف تُختبر الأسبوع المقبل، حيث تعكس تزايد التوقعات برفع الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي للحيلولة دون ترسخ التضخم في الاقتصاد مع تعافيه. وبإمكان بيانات أسعار المستهلكين لشهر يناير، المتوقع أن تُظهر المزيد من تسارع التضخم إلى أعلى مستوى منذ ثمانينيات القرن الماضي، أن تغير هذه التوقعات في أي من الاتجاهين.
في الوقت ذاته، ستقيس مزادات سندات الخزانة لأجل 10 و30 عاماً شهية المستثمرين على العائدات التي انجرفت للأعلى جزئياً بدفع من أسواق السندات الأوروبية، وتسبب التحول نحو مواقف متشددة من قبل بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي في ارتفاع عائد السندات البريطانية لأجل 10 سنوات بمقدار 17 نقطة أساس، وعائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات - السلبي من منتصف 2019 - بمقدار 25 نقطة أساس إلى فوق 0% قليلاً، متوجاً ارتفاعاً أسبوعياً قدره 16 نقطة أساس.
قال آلان راسكين، الاستراتيجي العالمي في "دويتشه بنك": "ما لم تكن تعتقد أن التضخم يتراجع سريعاً بسبب عوامل أخرى غير مرتبطة بالسياسة الأكثر تشدداً، فإن الفيدرالي متخلف عن المنحنى كثيراً.. ومدى انخفاض تسعير الأسواق للتشديد الإضافي خلال العام المقبل أًصبح واضحاً".
وأفاد رئيس "الفيدرالي"، جيروم باول، بعد أحدث اجتماع للبنك المركزي في 26 يناير، بأنه سيكون "حذراً" في الاستجابة للبيانات الاقتصادية، وفهم متداولو السندات هذا التصريح بأنه يعني أن عدد زيادات الفائدة، وحجمها، قد يتجاوز السوابق التاريخية.
تقليص المشتريات
يُقلص "الفيدرالي" مشترياته من سندات الخزانة، وقال إن رفع الفائدة غير مرجح حتى استكمال هذه العملية في منتصف مارس، وقبل بيانات الوظائف لشهر يناير - التي أظهرت أيضاً قفزة أكبر من المتوقع في نمو الأجور - كانت تعكس العقود الآجلة للفائدة التوقعات بأربع زيادات مقدار كل واحدة منها ربع نقطة مئوية العام الجاري بدءاً من مارس، لكن بنهاية اليوم، عكست احتمالات شبه متساوية لتحرك قدره نصف نقطة مئوية في مارس، وهو الرفع الأول بهذا القدر منذ 2000، وكذلك خمس زيادات قدر كل واحدة ربع نقطة مئوية بنهاية العام. وكان سعر الفائدة الرسمي صفر منذ بداية الوباء في مارس 2020، والذروة المتوقعة تبلغ حوالي 1.85%.
ورغم كِبر حجم حركة إعادة التسعير، لكنها توقفت عند مستويات تبدو منخفضة جداً لبعض المستثمرين ولدى "الفيدرالي" نفسه، الذي يتوقع أعضاؤه أن تصل الفائدة 2.5%. وتعد تلك المستويات متماشية مع المؤشرات السوقية على أن التضخم من المتوقع له أن يتراجع مع عودة الاقتصاد لوضعه الطبيعي ومع رفع البنك للفائدة. وهبط أحد هذه المؤشرات - وهو مقياس لما سيكون عليه متوسط التضخم خلال خمس سنوات بعد خمس سنوات من الآن - إلى 2.10% من القمة التي سجلها في أكتوبر الماضي عند 2.40%.
قال كريستوفر برايتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "ريسيرش أفيلياتس" (Research Affiliates LLC)، إن سيناريو دورة التشديد المحدودة وعودة التضخم إلى ما يقرب من 2% "يمكن أن يحدث"، لكن في الوقت الحالي، فإن السيناريو هو "إساءة تسعير للمخاطر" من قبل المستثمرين، وأضاف: "تعتقد شركتنا أن المعدل الحقيقي المحايد هو صفر، ولن تحقق إعادة الفائدة إلى 2% هذا الهدف إذا ظل التضخم مرتفعاً".
ساعدت نظرة السوق الجيدة للتضخم على احتواء الارتفاع في عائدات سندات الخزانة طويلة الأجل مقارنة بالعائدات قصيرة الأجل، تاركة منحدر منحنى العائد عند مستويات ضحلة تاريخياً، ويبلغ الفارق بين عوائد العامين والعشرة أعوام حوالي 60 نقطة أساس، وتعد الفجوة بين آجال 5 و30 عاماً والبالغة حوالي 43 نقطة أساس هي الأصغر في أكثر من عام.
تواجه العائدات الأطول أجلاً ضغطاً صعودياً على المدى القريب من مزادات سندات الخزانة لأجل 10 و30 عاماً، والتي ستحدد الفائدة على السندات المستحقة في فبراير 2023 وفبراير 2026، ويعد العائد على أذون أجل 10 سنوات أقل بمقدار 10 نقاط أساس عن المستوى المطلوب للحصول على كوبون نسبته 2%، وسيقدم مزاد سندات أجل 30 عاماً المزيد من الضغوط، بعد أن شهد أحدث مزاد للديون ذات أجل 30 عاماً في نوفمبر طلباً ضعيفاً تاريخياً.
موقف العائد
سيشهد المزادان أعلى عائد في شهور إذا ظلت السوق قرب المستويات الحالية، ومع ذلك، في ظل إصدار سندات بقيمة 37 مليار دولار و23 مليار دولار على التوالي، فستكون تلك أصغر إصدارات جديدة لسندات أجل 10 و30 عاماً منذ مايو 2020، إذ تقلص وزارة الخزانة أحجام مزاداتها مع انحسار احتياجاتها التمويلية.
قال ريك ريدر، كبير مسؤولي الاستثمار في الدخل الثابت العالمي في "بلاك روك"، إذا كان التضخم معتدلاً ولم تصل الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 2%، كما تتوقع السوق حالياً، فمن غير المرجح أن يتجاوز عائد سندات أجل 10 سنوات 2.25% العام الجاري، وقال إن سندات الخزانة طويلة الأجل لديها "مشتر طبيعي" مثل صناديق التقاعد وشركات التأمين.
وعادة يُظهر الاقتصاد الذي يتسم بشيخوخة السكان، والمثقل بالديون، والذي يشهد ابتكارات تكنولوجية لا هوادة فيها، ضعفاً في النمو طويل الأجل والتضخم وعائدات السندات، وإذا وصل "الفيدرالي" إلى نسبة الفائدة النهائية المتوقعة عند 2.5%، فإن شريحة من سوق السندات تخشى وقوع خطأ، كما أن هناك وجهة نظر منافسة مفادها أن الاقتصاد المرن المدعوم بالمدخرات الكبيرة للمستهلكين والشركات، يمكن أن يتعامل مع فائدة أعلى بكثير في عامي 2023 و2024.
وذكر أندرو باترسون، كبير الاقتصاديين في "انفستمنت ستراتيجي غروب" (Investment Strategy Group)، التابعة لـ"فانغارد" أنه: "عندما تتوقع فائدة نهائية منخفضة فأنت تعتقد بالفعل أن الركود سيأتي في مرحلة ما.. والسيناريو الأساسي الخاص بنا هو أن الفائدة الرسمية النهائية المحايدة سترتفع أكثر، وينتهي بها الأمر فوق 2.75% إلى 3%، وستحتاج سوق السندات للوصول إلى هذا التصور في النهاية، وسيشهد المستثمرون المزيد من التقلبات ".
ماذا نترقب في الأسواق
التقويم الاقتصادي:
- 7 فبراير: ائتمان المستهلكين
- 8 فبراير: مؤشر تفاؤل الشركات الصغيرة الصادر عن الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة، الميزان التجاري.
- 9 فبراير: مخزونات الحملة، وطلبات الرهن العقاري الصادر عن رابطة مصرفيي الرهن العقاري.
- 10 فبراير: مطالبات البطالة الأسبوعية، مؤشر أسعار المستهلكين، والمتوسط الحقيقي للأجور الأسبوعية/الشهرية.
- 11 فبراير: مسح الاقتصاد الأمريكي لـ"بلومبرغ"، وبيانات معنويات المستهلكين والتضخم المتوقع الصادرة عن جامعة ميشيغان.
تقويم الفيدرالي:
- 9 فبراير: تتحدث الحاكمة ميشيل بومان إلى جمعية المصرفيين المجتمعيين، وتتحدث رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، لوريتا ميستر، عن الاقتصاد وآفاق السياسة.
- 11 فبراير: ينشر الفيدرالي في نيويورك الجدول النهائي المتوقع لمشتريات سندات الخزانة.
تقويم المزادات:
- 7 فبراير: إصدار أذون 13 و26 أسبوعاً.
- 8 فبراير: سندات أجل 3 سنوات.
- 9 فبراير: سندات لأجل 10 سنوات.
- 10 فبراير: أذون لأجل 4 و8 أسابيع وسندات لأجل 30 عاماً.