بلومبرغ
باتت المكسيك ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية يدخل في حالة الركود خلال السنة الماضية، في حين تسبب العجز في سلاسل التوريد، ونقص الحوافز المالية في الإضرار بالنشاط الاقتصادي.
تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 0.1% خلال الربع الأخير مقارنة بفترة الشهور الثلاثة السابقة، مما يعد أقل من متوسط التوقَّع الذي كان يهبط بنسبة 0.3%، وفقاً لنتائج استطلاع أجرته "بلومبرغ"، وذلك بحسب البيانات المبدئية التي صدرت عن معهد الإحصاء المكسيكي يوم الإثنين. جاء ذلك عقب حدوث انكماش بنسبة بلغت 0.4% خلال الربع الثالث من السنة الماضية.
أصبح في الوقت الراهن أكبر اقتصادين في منطقة أمريكا اللاتينية متعثرين، في ظل انكماش البرازيل على مدى الربعين الثاني والثالث لسنة 2021. في المعتاد يعتبر خبراء الاقتصاد أنَّ دولة ما تكون في حالة ركود عند مرورها بربعين متتاليين من السنة، وتسجل خلالهما انكماشاً اقتصادياً.
أزمات سلاسل التوريد
تعرضت المكسيك، التي تعتبر واحدة من أكبر المصدرين في العالم، لمشكلات على صعيد الإمدادات العالمية حتى في ظل ارتفاع الطلب على سلعها في الولايات المتحدة، وهي الشريك التجاري الرئيسي لها.
أسفر غياب برامج التحفيز الحكومي، وتشديد البنك المركزي للسياسة النقدية بطريقة متزايدة بهدف التصدي لمعدلات التضخم التي تجاوزت المستوى المستهدف عن إضعاف النمو الاقتصادي، في حين يعد الانكماش في الربع السنوي بنسبة 0.7% في قطاع الخدمات أكبر عقبة في طريق الاقتصاد.
قالت غابرييلا سيلر، التي تعمل مديرة التحليل الاقتصادي في بنك "بانكو بيس": "يعطي التضخم العالي، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الثاني من سنة 2021 إشارة على أنَّ الاقتصاد المكسيكي يعيش حالة من الركود التضخمي، وهو موقف لم تجرِ مشاهدته في المكسيك منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي".
[object Promise]استعادة الوظائف
في حين أنَّ الاقتصاد المكسيكي تعافى على نحو سريع عقب نهاية الربع الثاني من سنة 2020، إلا أنَّه عندما لجأت البلاد لاتخاذ تدابير الإغلاق الأشد صرامة للتصدي لتفشي وباء كوفيد -19؛ خسر التعافي الاقتصادي زخمه، مما أدى إلى تصاعد الضغوط على حكومة الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور.
رفض "أملو" بحسب ما يشتهر الرئيس المكسيكي، على الدوام تطبيق برامج تحفيز مالي ضخمة على غرار ما قامت به دول أخرى من أجل توفير الحماية لنشاطها الاقتصادي من السقوط في الركود الناجم عن تفشي وباء فيروس كورونا.
هبطت عملية البيزو إلى نحو 20.85 مقابل الدولار قبل أن تتعافى على نحو محدود عقب إعلان يوم الإثنين.
رفضت الحكومة المكسيكية فكرة دخول المكسيك في حالة ركود، فقد قال نائب وزير المالية غابرييل يوريو قبيل صدور البيانات، إنَّ المتغيرات الأخرى على غرار معدلات البطالة يتعين أخذها في الحسبان أيضاً.
وقال في يوم الجمعة الماضية: "بدأت عملية التوظيف في التصاعد، كما بدأ استخدام السعة الإنتاجية للبلاد في التصاعد". أضاف: "يوجد العديد من الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم، قد بدأوا بالعودة إلى العمل".
وصف غابرييل لوزانو، وهو كبير خبراء الاقتصاد المتخصصين في المكسيك وأمريكا الوسطى في شركة "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، تعافي الاقتصاد المكسيكي بأنَّه يتحرك صعوداً وهبوطاً على شكل حرف "دبليو". تابع: "نمر حالياً بجولة التراجع الثانية".
تأثير سعر الفائدة الأساسي
يعرِّض الركود الاقتصاي الراهن البنك المركزي لمعضلة في ظل وجود رئيسة جديدة له، وهي فيكتوريا رودريغيز سيجا، على مقعد القيادة خلال الشهر الجاري.
لجأ البنك إلى خيار زيادة سعر الفائدة الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس لدى صدور قراره الأخير، في اجتماع شهر ديسمبر الماضي، وهو التحرك الأكثر جرأة مقارنة بما كان عليه الوضع خلال اجتماعات سابقة.
بيد أنَّ مواصلة عملية التعديل بهذه الوتيرة في اجتماع بنك المكسيك المنتظر في 10 فبراير المقبل من الممكن أن تتسبب في إلحاق الضرر بالاقتصاد الذي تشير التوقُّعات إلى أنَّه سيحقق نمواً بنسبة تبلغ 2.5% فقط خلال سنة 2022.
كتب نيخيل سانغاني، وهو خبير اقتصادي متخصص في شأن أمريكا اللاتينية لدى شركة "كابيتال إيكونوميكس" في رسالة للعملاء: "برغم مرونة الاقتصاد، إلا أنَّ لدينا توقُّعات بأن يعطي بنك المكسيك المركزي الأولوية للتصدي لمعدلات التضخم العالية، وسيرفع مرة أخرة أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 50 نقطة أساس خلال الأسبوع القادم".