بلومبرغ
تتجه المملكة المتحدة لفرض رقابة أكثر صرامة على لوحات إعلانات العملات المشفرة، التي تنتشر عبر شبكة مترو أنفاق لندن، في أحدث خطوة ضمن سلسلة الإجراءات التي تتخذها الحكومة والجهات التنظيمية للقضاء على الإعلانات المضللة في تلك الصناعة.
قالت وزارة الخزانة أمس الثلاثاء إنها تخطط لتنظيم إعلانات العملات المشفرة مثل كل المنتجات المالية الأخرى للتأكد من أن العروض الترويجية "عادلة وواضحة وغير مضللة".
تأتي هذه الأخبار بعد يوم من بيان مشابه لمنظم السوق الإسباني، والذي فرض ضوابطَ على الحملات الإعلانية للأصول المشفرة وألزمها بأن يتضمن الإعلان تحذيراً للمستثمرين بأنهم قد يفقدون جميع أموالهم.
قالت وزارة الخزانة في المملكة المتحدة في بيانها: "تشير الأبحاث إلى انخفاضٍ في فهم ماهية العملات المشفرة، ما يعني أن بعض متداوليها قد لا يدركون بشكل كامل ما يشترونه". وسيتم تنفيذ تلك القواعد الصارمة على مراحل خلال ستة أشهر بمجرد الانتهاء من إقرارها.
جذبت صناعة التشفير انتباه المنظمين على مستوى العالم بسبب التقلب الكبير في أسعار الأصول الرقمية، بداية من "بتكوين" و"إيثر"، وصولاً إلى عملات "الميم" مثل "شيبا إينو"، بالإضافة إلى التعقيدات التي تحيط بتلك المنتجات ونقص حماية المستهلكين.
في المملكة المتحدة، أصدر منظم الإعلانات سلسلة من القرارات ضد الإعلانات ذات الصلة بالعملات المشفرة، متخذاً موقفاً موحداً ضد بعض الأسماء الرئيسية في الصناعة.
وفي الوقت نفسه، أصدرت هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة تحذيرات متكررة حول مخاطر العملات المشفرة، قائلة في يناير الماضي إن المستثمرين يجب أن يكونوا مستعدين لخسارة كل أموالهم.
بابا جونز وأرسنال
اكتسبت العملات المشفرة شعبية متزايدة لدى الجمهور البريطاني. نشرت هيئة السلوك المالي بحثاً في يونيو حول امتلاك المستهلكين للعملات المشفرة، وجد أن الأشخاص الذين أقنعتهم الإعلانات بالشراء كانوا أكثر عرضة للندم على مشترياتهم. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 2.3 مليون شخص في المملكة المتحدة يمتلكون عملات مشفرة.
لم تستهدف الإجراءات الأخيرة التي اتخذها المنظمون في المملكة المتحدة عمالقة الصناعة فقط مثل بورصات العملات المشفرة المعروفة "كوين بيس غلوبال" و"كراكين"، بل استهدفت أيضاً مجموعة من الكيانات المحلية التي قدمت عروضاً ترويجية للعملات المشفرة، بما في ذلك محلات "بيتزا بابا جونز"وفريق كرة القدم في نادي "أرسنال".
وفي أحدث خطوة، حظرت هيئة معايير الإعلان في المملكة المتحدة اثنين من إعلانات (Crypto.com)، محذرة الموقع من التصرف بعدم مسؤولية واستغلال افتقار المستهلكين إلى الخبرة أو المعرفة من خلال تشجيع الاستثمار في العملات المشفرة باستخدام بطاقات الائتمان "بشكل غير مسؤول".
وفي العام الماضي، أثار إعلان على إنستغرام للنجمة كيم كارداشيان غضب تشارلز راندل، رئيس هيئة السلوك المالي، ودعا إلى منح المنظمين صلاحيات أكبر لحماية المستهلكين.
حماية المستثمرين
في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني أمس الثلاثاء، رحب توبي كينغ المتحدث باسم هيئة الإعلانات، بأخبار وزارة الخزانة، قائلاً إن الأصول المشفرة هي "أولوية هامة" لهيئة معايير الإعلانات.
وأضاف أن وضع قواعد لتنظيم إعلانات مثل هذه المنتجات بشكل مماثل للقواعد المفروضة على المنتجات المالية الأخرى سيوفر مزيداً من الثقة ويعزز الحماية للمستثمرين.
وقال كينج إن هيئة الإعلانات ستستمر في اتخاذ إجراءات صارمة ضد إعلانات الأصول المشفرة المضللة أو غير المسؤولة والتي تقع ضمن اختصاصها، وستعمل بالتعاون مع هيئة السلوك المالي لمواصلة حماية المستهلكين على المدى الطويل.
قامت هيئة السلوك المالي بالفعل بحظر بيع مشتقات التشفير لعملاء التجزئة، مع اعترافها بأنها لا تنظم العملات المشفرة الأساسية.
يتعين على شركات العملات المشفرة أن تفي بمعايير هيئة السلوك المالي الخاصة بمكافحة غسيل الأموال.
يقول بعض مراقبي العملات المشفرة إن القوانين الجديدة والوضوح المتزايد بشأن قواعد تنظيم العملات المشفرة يمكن أن يكون مفيداً في نهاية المطاف بينما يخطو القطاع خطواته نحو النضوج.
يقول وليد كودماني، محلل السوق في شركة الوساطة المالية "إكس بي تي" في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن القوانين الجديدة قد تكون مؤشراً واضحاً على أن حكومة المملكة المتحدة تعتزم تنظيم سوق يبدو أنه لا يمكن إيقافه ولا مفر منه بسبب التبني الكبير له.
ولن يحمي هذا المتداولين الحاليين في هذا السوق فحسب، بل يمكن أن يشجع في النهاية مستثمرين جدد للانضمام لأنه سيقضي على أحد العوائق الرئيسية التي تمنع البعض من الدخول في هذا السوق، وهو "افتقاره إلى التنظيم".