بلومبرغ
تُشكّل معدلات التضخم بالأسواق أولى بوادر المشكلات الآخذة في التطور، وذلك بالنسبة إلى أولئك القلقين من أن سياسة التيسير النقدي الشديدة التي دامت عقوداً من الزمان أدت إلى خلق فقاعات أصول بجميع أنحاء العالم.
يرى بعض الاستراتيجيين في بنك أوف أمريكا، بمن فيهم مايكل هارتنت، أن هناك فقاعة "تنفجر في الوقت ذاته" في الأصول، بما في ذلك العملات المشفرة والبلاديوم، وأسهم التكنولوجيا طويلة الأمد، وغيرها من المجالات ذات المخاطر التاريخية في السوق. ويأتي التراجع في مجالات المضاربة، في الوقت الذي يستعد المستثمرون لخطوة من جانب الاحتياطي الفيدرالي لزيادة تشديد السياسة.
وقال جاي هاتفيلد، مدير محفظة في "أنفراستراكتشر كابيتال أديفايزر" Infrastructure Capital Advisors: "سيؤدي انخفاض السيولة من قبل الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع كل من علاوة مخاطر الأسهم، وأسعار الفائدة، الأمر الذي سيواصل تأثيره بشكل غير متناسب على الأصول الأكثر خطورة في السوق، بما في ذلك الاستثمارات المدفوعة بالزخم في أسهم التكنولوجيا الخاسرة، وأسهم "الميم"، وعلى وجه الخصوص العملات المشفرة التي ليس لها قيمة في ذاتها".
وفيما يلي ثمانية رسوم بيانية توضح استنزاف المضاربة عبر فئات الأصول المختلفة:
انخفض سهم "صندوق آرك إنوفيشن المتداول في البورصة" بحوالي 46% بعد ارتفاع قياسي في فبراير 2021. فقد أدت التصريحات المتشددة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى الإضرار البالغ بأسهم شركات التكنولوجيا ذات القيمة الكبيرة، حيث تهيمن الكثير منها، بما فيها "تسلا" و"روكو إنك" على "صناديق آرك".
اقرأ أيضا: بعد فورة الأسعار.. علامات الفقاعة تظهر بسوق العقارات الأمريكي
كما يتم استنزاف المضاربة من الجوانب الأخرى الأكثر خطورة في أسواق الأسهم، فقد تراجعت سلة أسهم "غولدمان ساكس" التي تضم أسهم تقنية غير مربحة بعد سنوات طويلة من الارتفاع، بينما انخفض مؤشر يتتبع الشركات الخاصة لأغراض الاستحواذ بـ 35% مقارنة بأعلى مستوياته السابقة.
وقال تود روزنبلوث، رئيس أبحاث الأسهم المدرجة في البورصة بشركة "سي إف آر إيه" CFRA: "تدفع بيئة أسعار الفائدة المرتفعة المحتملة المستثمرين إلى إعادة تقييم مخاطر هم على استعداد لتحملها.. فهناك إمكانات نمو أعلى، ومع ذلك فإن الشركات الأقل استقراراً تخرج من نطاق الأسهم ذات الأفضلية، بينما يعطي المستثمرون الأولوية للأعمال الأكثر استقراراً".
ومع ذلك فهو لا يرى أن خروج هذه المجالات من السوق بمثابة فقاعة مفاجئة، حيث أضاف روزنبلوث: "لا أفضّل استخدام عبارة فقاعة، لأنها واضحة فقط بعد فوات الأوان. نحن في منتصف هذا الاتجاه، وقد يعكس مساره أو قد لا يفعل ذلك".
تضرر أسهم التكنولوجيا
خسر مؤشر "ناسداك للتكنولوجيا الحيوية"، الذي يضم شركات مثل "أمجين إنك" و"غيلياد للعلوم"، 6.5% خلال الأسبوع الأول من العام الجديد، ليسجّل أسوأ خسائر في خمسة أشهر منذ منتصف مارس 2020. ولم تحقق العديد من الأسهم المدرجة ضمن هذا المؤشر زيادة في مبيعاتها أو أرباحاً، وتأثرت بتوجّه المستثمرين للتناوب من الأسهم عالية المخاطر والأرباح.
تزامناً مع ذلك، تدفقت الأموال خارج صندوق إنفسكو سولار" المتداول في البورصة (Invesco Solar ETF) ، بالرمز TAN، والتي تجاوزت 70 مليون دولار الخميس الماضي، وهو أكبر تدفق منذ مارس من العام الماضي. وفقد الصندوق، الذي حقق في عام 2020 مكاسب بأكثر من 230%، بريقه في الأيام الأخيرة، خاصة بعد التصريحات الأكثر تشدّداً من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
معاناة العملات المشفّرة
العملات المشفرة لم تسلم من الضرر نتيجة المضاربة. فقد تراجعت "بتكوين" بنحو 40% حتى وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي، بعد أن سجلت أعلى مستوى قياسي بلغ حوالي 69 ألف دولار في نوفمبر الماضي. وهوت الـ "إيثر"، وهي ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، بحوالي 35% عن أعلى مستوياتها في نوفمبر.
ووفقاً لنويل اشسون، رئيس تحليلات السوق في "جينيسيس غلوبال تريدنغ" Genesis Global Trading Inc: "يبدو أن التراجع الذي حلّ بـ "بتكوين" جاء بشكل أكبر بسبب المتداولين والمستثمرين على المدى القصير والذين يعتبرونها أحد أصول المخاطرة، حيث يميلون إلى خيارات التصفية لتجنب المخاطر في محافظهم". وأضاف: "كذلك فإن الرافعة المالية في السوق ليست عند مستويات مفرطة ولكنها كانت تتراكم، ما يعني أن عمليات تصفية مركز المشتقات تؤدي إلى دفع السوق إلى الانخفاض".
يشكّل الضعف الذي أصاب أسهم التكنولوجيا والعملات المشفرة بمثابة ضربة مزدوجة لصندوق تداول في البورصة يركز على هاتين الصناعتين، وهو "غلوبال إكس فينتك" Global X Fintech ETF، الذي يضم شركات التكنولوجيا الناشئة بما في ذلك "أفيرم هولدينغز" Affirm Holdings Inc. والشركات المرتبطة بالتشفير، مثل "كوين بيس" Coinbase، حيث هبط بنسبة 30% منذ أن سجل رقماً قياسياً في أكتوبر الماضي.
في الوقت نفسه، انخفض مؤشر "هانغ سينغ" لأسهم التكنولوجيا بنسبة 50% تقريباً عن أعلى مستوياته في أوائل عام 2021 ضغطت اللوائح الشاملة على الشركات والمخاوف من فقاعة الإسكان بثقلها على أسهم التكنولوجيا الصينية.
البلاديوم يتكبَّد خسائر
كما شهدت السلع انكماشاً، حيث سجل البلاديوم مستوى قياسي من التراجع بـ 35% خلال مايو الماضي، بعد عدة سنوات من الارتفاعات.
وفي تعليقه، خلال مكالمة هاتفية، قال جيري براكمان، وهو كبير مسؤولي الاستثمار ورئيس "فيرست أمريكان تراست" First American Trust في سانتا آنا بكاليفورنيا: "ما رأيناه في الماضي عندما ترتفع الأسعار، إما من خلال توقعات زيادة سعر الفائدة الفيدرالية التي يتم رفعها، أو عمليات الصعود لمدة 10 سنوات، يبدو أن التكنولوجيا وبعض نماذج النمو تتأثر أكثر من جانب التقييم".