بلومبرغ
أخفقت أسهم شركات الفضاء خلال عام 2021، رغم جاذبيتها المستقبلية، وربما يحتاج المتحمسون على غرار إيلون ماسك، إلى القيام بما فعله في صناعة السيارات الكهربائية لتحقيق التحوّل خلال 2022.
روّج ماسك لفكرة طرح شركته "سبيس إكس" (SpaceX) للاكتتاب العام، وسيكون من الصعب تجاهل مقارنة القطاع مع المركبات الكهربائية. يُركّز كل من استكشاف الفضاء والمركبات الكهربائية على مستقبل مازال غير قائم بعد، لكنه يعد بفرص هائلة حيث تتطوّر التقنيات الجديدة لتصبح شركات مجدية.
اقرأ أيضاً: إيلون ماسك: "سبيس إكس" ستحول ثاني أكسيد الكربون من الجو إلى وقود للصواريخ
في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسهم المرتبطة بثورة المركبات الكهربائية خلال العام المنقضي، إلا أن أسهم الشركات التي تُركّز على الفضاء تراجعت بشدة في السوق وعلى نطاق واسع، بعد مرحلة أولية من الانتعاش. لم تنجح الرحلات السياحية رفيعة المستوى، التي قامت بها الشركة المدرجة "فيرجين غالاكتيك" (Virgin Galactic) المملوكة لريتشارد برانسون، و"بلو أوريجين" (Blue Origin) الخاصة المملوكة لجيف بيزوس، و"سبيس إكس" (SpaceX) التابعة لماسك، في التغلّب على الشكوك حول ما إذا كان هذا نشاطاً تجارياً حقيقياً، أم فقط وسيلة ترفيه للمليارديرات.
اقرأ المزيد: ملياردير ياباني يوزع نقوداً من الفضاء أثناء رحلة حول الأرض
لا معالم واضحة
قال جاي جاكوبز، رئيس الأبحاث والإستراتيجية لدى "غلوبال إكس مانجمنت" (Global X Management)، التي تُدير صناديق متداولة في البورصة لا تشمل الفضاء: "لم تترسخ بعد قواعد هذه الصناعة بأكملها، بما فيها عمليات الإطلاق الفضائية التجارية الخاصة بالأقمار الصناعية والسياحة الفضائية، إلى جانب الاتجاهات المستقبلية مثل تعدين الكويكبات. كما لا توجد شركات مُدرجة باستثناء (فيرجين غالاكتيك)".
هذا يترك قطاع الفضاء دون رائد في الصناعة أو معالم واضحة قد تساعد المستثمرين في الشركات المُدرجة في عملية الحكم على تقّدمها. كما لا يساعد افتقار الشركات المتداولة في البورصات إلى قيادي يتمتّع بشخصية جذّابة تلفت انتباه السوق. إذا اختارت شركة "سبيس إكسبلوريشين تكنولوجيز" (Space Exploration Technologies Corp) التابعة لماسك أن تطرح أسهمها للاكتتاب العام، فسيؤدي ذلك إلى حل بعض هذه المشكلات دفعة واحدة.
كما قال نيكولاس كولاس، المؤسس المشارك لشركة "داتا تريك ريسيرتش" (DataTrek Research): "سيكون الطرح العام الأولي بمثابة داعم للقطاع، ويمكن أن تجذب تلك الأصول الفردية انتباه الناس وتجعلهم يفهمون ماهية الاستثمار في الفضاء. لا يتعلق الأمر بالذهاب إلى كوكب المريخ أو السياحة، ولكنه يتعلق بنقل معدات الفضاء ذات التقنية الحديثة والمُحدّثة". لم تستجب "سبيس إكس" لطلب التعليق.
إلى ذلك، يُنسب إلى ماسك قيادة صناعة السيارات نحو مستقبل كهربائي. ولم تبدأ شركات السيارات الكهربائية الأخرى في جذب الانتباه إلا بعد نجاح "تسلا" كشركة، ونجاح أسهمها على حد سواء. يمكن لماسك أن يفعل الأمر ذاته لأسهم شركته الفضائية، وفقاً لأندرو تشانين، الرئيس التنفيذي لـ"بروكيور إيه إم" (ProcureAM) التي تدير صندوقاً مُتداولاً في البورصة في قطاع الفضاء.
التحليق الأعمى
قال تشانين: "سيجذب دخول شركة بقيمة نصف تريليون دولار إلى الأسواق بعض الاهتمام بالأسهم الأخرى في تلك السوق. لا يزال هناك سوء فهم عام بشأن ماهية الفضاء وكيفية تأثيره علينا، ولدينا هذا الكم التعليمي الهائل الذي لا يفهمه المستثمرون بشكل حقيقي بعد".
حرّك ماسك الأمور على طريقته الخاصة عندما فكّر في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود للمركبات الفضائية، وبناء صواريخ ضخمة، والذهاب إلى المريخ خلال عقد، وفي احتمالية الإفلاس في الوقت ذاته تقريباً. وأثارت شبكته، التي تضم أكثر من 1700 قمر صناعي، انتقادات في الصين هذا الشهر بعدما اقترب اثنان منها بشكل كبير من محطة الفضاء الصينية.
جذبت رحلات السياحة الفضائية تغطية إخبارية ضخمة، وفقاً لشانين، رغم أنها تغطي جزءاً بسيطاً من الصناعة. ويمكن أن يعد مستقبل الاستخدامات التجارية في القطاع بتطبيقات في الجيش والدفاع والاتصالات والتعدين وتتبّع الطقس واستكشاف الفضاء السحيق.
مع ذلك، يظل المستثمرون في القطاع عالقين في مأزق، حيث اكتسب صندوق "بروكيور سبيس" (Procure Space) المتداول في البورصة تحت رمز "يو إف أو" (UFO) بنسبة قدرها 6% فقط خلال عام 2021، وهي نسبة تقل بكثير عن القفزة البالغة 28% في مؤشر "إس آند بي 500".
تراجع سهم شركة "فيرجن غالاكتيك" بنسبة 45% وسط تأخيرات متعددة في بدء عمليات الإطلاق التجارية. وتجمع توقعات المحللين على أن الشركة لن تتمكن من تحقيق ربح سنوي صاف في السنوات الثلاث المقبلة. ومع انخفاض أسهم "أسترا سبيس" (Astra Space) لخدمات إطلاق الأقمار الصناعية بنسبة 35%، وشركة "سباير غلوبال" (Spire Global) للبيانات والتحليلات الفضائية بنسبة 66%، يُقدّر المحللون أن تحقق هاتان الشركتان أرباحهما السنوية الأولى في العام 2024.
مع ذلك، يؤكد العديد من المستثمرين الأوائل في "تسلا" و"بتكوين" أن للمراحل الأولى مزاياها.
قال كولاس من "داتا تريك": "قد تظن أن أسهم الفضاء في العامين الماضيين تشابهت نوعاً ما مع فقاعة شركات الدوت كوم. كانت هناك حماسة حيالها في البداية قبل تلاشي الاهتمام، ولكنك أدركت بعد ذلك بعامين أنه ربما انتهى بعض منها، إلا أن الشركات الناجية أصبحت هامة بشكل ممنهج".