بلومبرغ
انتعش نشاط المساهمين في عام 2021، غير أن كُلاً من المستثمرين الناشطين ومستشاري الدفاع الماليين يهيئون أنفسهم لاستقبال تعديلات تنظيمية يرجح أن تغير طريقتهم في العمل على مدى سنوات قادمة.
شن المستثمرون الناشطون 220 حملة ضد شركات مستهدفة تجاوزت قيمتها السوقية مليار دولار هذا العام حتى نهاية يوم 28 ديسمبر، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ".
تزيد هذه الحملات بنسبة 20% تقريباً عن تلك التي شنها المستثمرون في عام 2020 وبلغ عددها 183 حملة، لكنها مازالت أقل من 238 حملة في عام 2019 قبل انتشار جائحة كورونا.
قاد ناشطون لأول مرة أو ناشطون "غير مواظبين" نحو 75% من الحملات التي أطلقت في عام 2021، ما يؤكد استمرار تلك النوعية من المستثمرين في تبني نهج نشيط أكثر قوة، حسب تصريحات أفيناش مهروترا، رئيس النشاط الدفاعي واستشارات المساهمين عالمياً لدى بنك "غولدمان ساكس غروب".
لم يعد الأمر قاصراً على أصحاب الأسماء الكبيرة مثل الملياردير كارل إيكان أو مؤسسات مثل "إليوت إنفستمنت مانجمنت" أو "ستاربورد فاليو" الذين يضغطون لإدخال تغييرات على الشركات التي يستثمرون فيها.
أمر طبيعي جديد
قال "مهروترا": "إن الوضع الطبيعي الجديد هو أن مساهمين أكثر اشتباكاً على مختلف المستويات يتشكلون أمامنا. لدينا مستثمرون يشتبكون حالياً بشكل بصورة منتظمة مع الإدارة حول أمور مثل الاستراتيجية، وتشكيل المحفظة الاستثمارية، والأداء التشغيلي والعوائد".
اقرأ أيضا: نائبة ديمقراطية أمريكية تطالب بقمع "وول ستريت" بسبب تغير المناخ
قد يؤدي ذلك إلى تبني المستثمرين التقليديين تكتيكات علنية وأكثر إقداماً في محاولتهم تمييز أنفسهم عن القادمين الجدد، وفقاً لـ"مهروترا".
كان "غولدمان ساكس" المستشار المالي الأبرز في مواقف الناشطين في عام 2021، وفقاً لأرقام "بلومبرغ".
وكشفت حملات هذا العام أن الناشطين مستعدون لاستخدام "كل الوسائل المتاحة" في ضغوطهم لإحداث التغيير، بحسب تصريح أندرو فريدمان، الرئيس المشارك لممارسة نشاط المساهمين في شركة المحاماة "أولشان فروم ولوسكي" (Olshan Frome Wolosky).
أضاف "فريدمان" أن أهداف الحملات تشمل الشركات التي أدرجت أسهمها حديثاً للتداول العام، وتلك التي تحاول أن تجذب من يستحوذ عليها، أو أن تحقق نمواً عبر عمليات الاستحواذ، أو الشركات التي يُعتقد أنها متأخرة في التزام المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
لا حصانة لأي قسم
قال "فريدمان"، الذي قدمت شركته استشارات قانونية للمساهمين الناشطين في عام 2021: "لقد وصلنا الآن إلى نقطة يشتبك فيها نشاط المساهمين مع كل جوانب دورة حياة أي شركة عامة. ولا يوجد جزء واحد من هياكل صناعة القرار أو صناعة السياسة في أي شركة عامة محصناً من قبضة نشاط المساهمين".
اقرأ أيضا: توقعات متباينة لأداء وول ستريت في 2022.. وهامش الفرق هو الأعلى في 10 سنوات
قالت إيمي ليسور، رئيس مستشاري "النشاط ودفاع المساهمين" لدى "بنك أوف أميركا"، إن عدد الحملات التي تمت في عام 2021 لا يعد مؤشراً على مدى الزخم في موسم انعقاد الجمعيات العمومية والتصويت ولا مدى الزخم في عام 2022". وأضافت أنه كانت هناك زيادة كبيرة في عدد المواقف الخلافية التي جرت تسويتها خلف الأبواب المغلقة.
وتابعت "ليسور": "إن عام 2022 سوف يشهد زخماً مثل عام 2021. إن الأرقام لا تكشف عن الصورة الكاملة لأن جانباً كبيراً مما نعمل عليه يحدث الآن من وراء ستار".
تغيير حاسم
رغم ذلك، فإن قواعد اللعبة توشك أن تتغير، حيث تعتزم هيئة الأوراق المالية والبورصات بالولايات المتحدة إجراء تعديلات في شهر سبتمبر سوف تنقل معارك الوكالة في التصويت على قيادة الشركات إلى ما يطلق عليه البطاقة الشاملة. ويعني ذلك أن حاملي الأسهم سيكون لهم اقتراع واحد يصوتون فيه على جميع المرشحين لمجلس الإدارة المطروحين من قبل الشركة، ومن قبل المساهمين الناشطين، بدلاً من استخدام بطاقتي تصويت مختلفتين كما يحدث الآن.
قال غريغ تاكسين، العضو المنتدب لدى شركة "سبوتلايت أدفايزورز" (Spotlight Advisors) إنه يعتقد أن التعديل الجديد سوف يدفع المساهمين الناشطين إلى التركيز أكثر على نوعية مرشحيهم للإدارة مع خوض معارك أقل بهدف السيطرة على مجلس الإدارة. وأضاف أن معنى ذلك أن الناشطين ربما يحققون انتصاراً في مقعد واحد إضافي.
اقرأ أيضا: "وول ستريت" تريد أن تبيع مؤشراً خاصاً.. لك وحدك
أوضح "تاكسين" أن: "بطاقة التصويت الشاملة تعني أن معارك السيطرة تصبح منتهية من الأساس. وأكبر تأثير لتلك البطاقة يتمثل في أن حجم التغيير الناتج عن معارك الوكالة يرجح أن يعكس بدقة آراء حاملي الأسهم".
اقترحت هيئة الأوراق المالية والبورصات أيضاً قواعد قد تُجبر الناشطين على الإفصاح عن الحصص النشيطة ذات الحقوق المؤثرة في أي شركة في وقت أقرب من الأيام العشرة المطلوبة عندما تتجاوز حيازتهم نسبة 5%. وتسعى الهيئة إلى تقييد استخدام المشتقات المركبة بهدف بناء حصص في الشركات العامة.
انتصار "إكسون"
ربما كان أبرز الانتصارات في عام 2021 حققه مساهم نشط هو انتصار "إنجين نامبر وان" (Engine No. 1) على شركة "إكسون موبيل". فهي المرة الأولى التي يستطيع مساهم نشط أن يفوز بثلاثة مقاعد في مجلس إدارة عملاق النفط والغاز رغم امتلاكه 0.02% فقط من أسهم الشركة.
كان إليعايز كلاين، الرئيس المشارك لمجموعة المساهمين الناشطين العالمية لدى شركة المحاماة "شولت روث أند زابل" (Schulte Roth & Zabel)، يمثل شركة "إنجين نامبر وان" في هذه المعركة. وقال إنه يتوقع أن تلعب المعايير "البيئية والاجتماعية والحوكمة" دوراً أكثر بروزاً في حملات الناشطين. ففي حين كانت قضايا البيئة تحظى بتركيز أكبر هذا العام، فإن القضايا الاجتماعية تتقدم نحو الصدارة هي الأخرى.
اقرأ أيضا: بعد تحوّل مفاجئ بانتخابات مجلس الإدارة.. ماذا يحدث في "إكسون موبيل"؟
قال "كلاين": "إن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لعبت دوراً أكبر من دورها في الأعوام الأخرى. والجانب الاجتماعي ليس متخلفاً بمسافة بعيدة. وسوف يظهر بنفس الطريقة التي ظهرت بها المعايير في الجانب المتعلق بالمناخ".
وأضاف أن ما يحظى بأهمية عند المجتمع سيكون له تأثيره على الشركات، وتابع: "منذ سنوات قليلة، كان عدد كبير من الناس يناقشون كيف أن الجوانب المتعلقة بالبيئة سوف تلعب دوراً مؤثراً من الناحية المالية. ها أنت ترى أنها مؤثرة لأن ما يهم العالم له تأثيره على الشركات".