بلومبرغ
أظهر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الثقة في كيفية مواجهة البنوك لتفشي جائحة كورونا، ومنح قادة القطاع المصرفي الضوء الأخضر لاستئناف عمليات إعادة شراء الأسهم بمليارات الدولارات.
وقالت مؤسسات الإقراض، ومن بينها بنكا "جيه بي مورغان تشيس" و"غولدمان ساكس"، إنهم سيأخذون بما طرحه بنك الاحتياطي الفيدرالي من تسهيلات.
ويعتبر تخفيف القيود مكسبا جزئيا، لكنه مهم للشركات التي كانت تنتظر بفارغ الصبر الإذن بتعزيز توزيعاتها لرأس المال. وبعد وقت قصير من إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الجمعة، بدأت البنوك في الكشف عن خطط لاستئناف عمليات إعادة الشراء في أقرب وقت ممكن في الربع الأول.
تعتبر زيادة مدفوعات المساهمين هي أخبار مرحب بها لقطاع جرى إهماله إلى حد كبير بين أخبار صعود سوق الأسهم، وذلك علي الرغم من استمرار الأرباح بشكل أفضل مما توقعه الكثيرون عندما ارتفعت نسبة البطالة. جاءت القيود المخففة للبنك المركزي جنبا إلى جنب مع الإعلان عن أداء جيد للمؤسسات الكبرى في الجولة الثانية من اختبارات الإجهاد (اختبارات تحمل البنوك لاضطرابات أسواق المال) لعام 2020 التي قيمت كيف اجتاز القطاع الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19.
اختبار ات التحمل
قالت "سوزان كاتزكي" ، المحللة " كريدي سويس جروب"، في رسالة للعملاء وصفت فيها الأخبار بأنها إيجابية على نحو واضح : "اجتياز الاختبارات كان أمرا متوقعا، وكان من المأمول السماح بإعادة شراء الأسهم، ضمن حدود، ولكن القرار كان غير متوقع".
وبناء على سياسة التوزيع الجديدة، يمكن لأكبر ستة بنوك أمريكية إعادة شراء ما يصل إلى 11 مليار دولار من الأسهم في الربع الأول من العام المقبل، على افتراض أن أرباح الربع الأخير ستأتي بالمستويات التي يقدرها المحللون. وهذا من شأنه أن يضاعف ثلاثة مرات مدفوعات المساهمين.
وقفزت أسهم جميع البنوك الستة بأكثر من 3% في أواخر التعاملات في نيويورك عقب إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي تخفيف القيود.
أوضح نائب رئيس مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي للرقابة "راندال كوارلز" في بيان له أن النظام المصرفي كان مصدرا للقوة خلال العام الماضي، وتؤكد نتائج اختبار التحمل للبنوك في الوقت الراهن أن المصارف الكبيرة يمكن أن تستمر في إقراض الأسر والشركات حتى في ظل حدوث منعطف سلبي حاد للاقتصاد في المستقبل. وأظهرت الاختبارات أن أيا من البنوك الكبرى لم ينخفض إلى ما دون الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال في ظل سيناريوهات الإجهاد الافتراضية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وحتى مع استئناف عمليات إعادة الشراء، ستظل توزيعات الأرباح دون تغيير حتى شهر مارس، مع تحديد سقف لكل بنك بغض النظر عن حجم المبالغ التي ردها في الربع الثاني من عام 2020. وقال بنك الاحتياطي الفيدرالي إن مدفوعات البنوك للمساهمين في الربع الأول من العام المقبل لا يمكن أن تتجاوز متوسط دخلهم ربع السنوي لعام 2020 .
إعادة الشراء
صرح بنك "جيه بي مورغان ستانلي" يوم الجمعة أن مجلس إدارته وافق على تخصيص ما يصل إلى 30 مليار دولار لعمليات إعادة الشراء، على الرغم من أن توقيت استخدام هذا المبلغ بالكامل سيخضع لاعتبارات مختلفة. من المرجح أن تمنع القيود المعدلة التي فرضها بنك الاحتياطي الفيدرالي البنك من الوصول إلى هذا المبلغ الإجمالي في عام 2021، على الرغم من أن الجهات التننظيمية قد تخفف القواعد في العام المقبل.
وكشف "مورغان ستانلي" أن مجلس إدارته وافق على تخصيص نحو 10 مليارات دولار لعمليات إعادة الشراء في العام المقبل، ابتداء من الربع الأول.
وأوضح الرئيس التنفيذي "مايكل كوربات" في بيان له، أن بنك "سيتي جروب" يعتزم استئناف عمليات إعادة الشراء في عام 2021، بشرط توفر الظروف المالية المواتية وموافقة مجلس الإدارة وطبيعة أي تغييرات في القواعد من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن متطلبات رأس المال.
ومن المنتظر أن تقدم مؤسسة ويلز فارجو آند كو" إرشادات بشأن خططها عند نشر النتائج ربع السنوية في يناير المقبل. قال الرئيس التنفيذي تشارلي شارف في بيان له: "بينما نتوقع أن تكون لدينا قدرة توزيع متواضعة لرأس المال في الربع الأول، لا يزال لدينا فائض كبير في رأس المال فوق المتطلبات التنظيمية".
وأشار متحدث باسم "بنك أوف أمريكا" إلى تعليقات سابقة من الرئيس التنفيذي بريان ميونيهان قال فيها للمستثمرين خلال مؤتمر عقد الأسبوع الماضي: "سنواصل إعادة شراء الأسهم بمجرد أن تسمح السلطات لنا بذلك".
الدعوة إلى التعامل بحكمة
قال مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي إن قرارهم بشأن مدفوعات المساهمين سيستند إلى نتائج اختبارات الإجهاد، والتي تم إجراؤها، لأن الاختبارات السنوية التي أجريت في وقت سابق من العام لم تشمل تداعيات تفشي كوفيد-19. وللمرة الأولى، أطلقت إدارة البنك المركزي الأمريكي عملية شراء باستخدام سيناريوهات جديدة تستند إلى الاضطرابات الحالية.
أشار بنك "جيه بي مورغان" وغيره من البنوك الأمريكية الكبيرة لعدة أشهر إلى أن لديه ما يكفي من رأس المال للخروج من الأزمة ومستعد لاستئناف عمليات إعادة الشراء. لكن المشرعين الديمقراطيين وجماعات حقوق المستهلكين حثوا مجلس الاحتياطي الفيدرالي على إجبار البنوك على الاحتفاظ برأس المال طالما استمر الاقتصاد في التعثر.
عارضت محافظة بنك الاحتياطي الفيدرالي "لايل برينارد" جهود مؤسستها هذا العام للسماح بتوزيعات رأس المال المحدودة، وصوتت ضد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيف القيود بشكل أكبر للعام المقبل.
وقالت برينارد في بيان لها يوم الجمعة: "بالنسبة للعديد من البنوك الكبيرة، فإن الخسائر المتوقعة تأخذ مستويات رأسمالية قريبة جدا من الحد الأدنى من متطلبات رأس المال، لتدخل في نطاق تميل البنوك في ظله إلى التراجع عن الإقراض، حتى قبل سداد المدفوعات للمساهمين". تابعت: "الحكمة قد تتطلب تحديد سقف أقل للمدفوعات للحفاظ على الإقراض للأسر والمقترضين خلال فصل الشتاء القارس الاستثنائي للغاية".
"الائتمان السلبي"
قال السناتور الديمقراطي "شيرود براون" من ولاية أوهايو إنه يجب أن تركز السلطات التنظيمية على تعزيز النظام المالي حتى يتمكن من دعم العملاء أثناء الجائحة. وقال في بيان له: "هذه الأزمة الصحية والاقتصادية تتجه نحو الأسوأ وليس الأفضل". وتابع: "قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي يسمح بذهاب المليارات من الأرباح والمكافآت لقلة مختارة، بينما يعاني الملايين من الأمريكيين".
قال ديفيد فانجر، نائب الرئيس الأول في مجموعة المؤسسات المالية "موديز" في بيان له، إن اختبارات الإجهاد من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي تظهر أن البنوك لديها احتياطي كبير في رأس المال. لكن بالنسبة لبعض المقرضين، فإن مدى المدفوعات المسموح بها يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في رأسمال المصارف، وهو أمر سلبي على نحو واضح للائتمان".
تمر الولايات المتحدة بموجة أخرى من تفشي مرض كورونا، في ظل ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات. لكن الاقتصاد حتى الآن متعثر، مع أن أداءه كان أفضل مما توقع العديد من المحللين.
تخفيف القيود
في مناطق أخرى، بما في ذلك أوروبا والمملكة المتحدة، بدأت الجهات التنظيمية في تخفيف القيود التي كانت تفرضها على توزيعات أرباح البنوك. ومع ذلك، فإن هذه الجهات الرقابية ما زالت تحتفظ بسقف مدفوعات أقل بكثير من المستوى الذي وافق عليه بنك الاحتياطي الفيدرالي.
يمكن لعمليات إعادة الشراء أن تصل بإجمالي المدفوعات إلى نسبة 100٪ من متوسط الدخل الصافي للبنوك خلال الفترات الربع سنوية الأربعة السابقة. وتوزع الشركات بالفعل حوالي 30٪ من أرباحها من خلال توزيعات الأرباح الاعتيادية. وتوقع محللو بنك "باركليز بي إل سي" في رسالة له أن البنوك العشرين التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها والتي تم اختبارها من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكنها إعادة شراء 14 مليار دولار من الأسهم في الربع الأول.
لا يزال من الممكن أن يضع السقف الجديد حدا أقصى لمدفوعات البنوك، حيث اكتنزوا احتياطيات رأس المال على مدار العام الماضي ويمكنهم تحمل توزيع أكثر مما يكسبونه في الفترات الربع سنوية المقبلة من خلال هذا الفائض.