بلومبرغ
انتهى ازدهار تعدين عملة "بتكوين" في كازاخستان بشكلٍ أسرع من بدايته، فقد دفع الضغط في إمدادات الطاقة بالدولة الواقعة في آسيا الوسطى الحكومة إلى وضع قيود كبيرة على الصناعة كثيفة الاستهلاك للطاقة.
قضى هذا التبدل السريع على واحد من أرخص الأماكن لتعدين العملة المشفرة في الوقت الذي أدى فيه صعود بتكوين هذا العام إلى جعل العملية أكثر ربحية.
يقول ألماس تشوكين، الشريك في شركة الأسهم الخاصة "فيزور كازاخستان" التي تتخذ من ألماتي مقراً لها، والتي استثمرت في بناء الطاقة المتجددة ومراكز البيانات: "إن الوضع قد اختلف كلياً... لا توجد احتمالية لتعدين (بتكوين) في الوقت الحالي في كازاخستان".
نقص الكهرباء
ظهرت كازاخستان في وقت سابق من هذا العام كواحدة من الدول الفائزة على مستوى العالم باستقطاب مُعدّني "بتكوين" بعد أن اتخذت الصين إجراءات صارمة ضد هذه الأنشطة.
يتطلب إنتاج أكبر عملة مشفرة في العالم أجهزة كمبيوتر خاصة تعمل على حل المشكلات المعقدة المشفرة، وتُعَدّ أكبر نفقات تشغيل هذه الأعمال هي الكهرباء. كان طرح كازاخستان بسيطاً: إنّ طاقة الفحم الرخيصة والوفيرة في البلاد ستجعلها من أكثر الأماكن ربحية في العالم لممارسة هذه الأعمال التجارية.
اندفع المعدّنون إلى هناك. بحلول أغسطس، أصبحت كازاخستان ثاني أكبر دولة تعدين "بتكوين" في العالم بعد الولايات المتحدة، وفقاً لبيانات من مركز "كامبريدج للتمويل البديل".
في أكتوبر، واجهت كازاخستان نقصاً في الكهرباء بعد أن اضطرت أكبر محطة كهرباء في البلاد إلى إغلاق وحدتين للصيانة بسعة مجمعة تبلغ ألف ميغاوات، أي ما يقرب من 5% من إمدادات الطاقة في البلاد.
تتطلب شبكات الكهرباء توازناً دقيقاً بين العرض والطلب، وبسبب عدم توفر القدرة على توليد جزء كبير من الكهرباء، بدأت كازاخستان في استهداف معدّني العملة المشفرة لمنع شبكة الكهرباء من المعاناة من انقطاع التيار الكهربائي.
نظرت وزارة الطاقة الكازاخستانية في إصدار أمر لتقييد استهلاك الطاقة من قِبل معدّني "بتكوين" الجدد، ولكن بعد مناقشة عامّة في أكتوبر تخلّت عن الخطة. وبدلاً من ذلك عدّلت الوزارة التشريع الحالي، مما سمح لشركة "تشغيل شبكة الكهرباء الكازاخستانية" بالحد أو تقليل إمداد الطاقة للمعدّنين الرقميين في حالة حدوث عجز في الطاقة ولتجنب حالات الطوارئ.
قطع الكهرباء
تلقى ديدار بيكباوف، الذي يدير شركة "إكسيف" التي تستضيف عملية تعدين بتكوين، وتتخذ من ألماتي مقراً لها، استجواباً في سبتمبر يسأله عن عمليات شركته.
وبعد أن قام موقع التعدين، حيث توجد شركة "إكسيف" وثلاث شركات تعدين أخرى، بملء الأوراق الحكومية حول نشاطهم، بدأت الطاقة في الانقطاع.
في البداية كان بلا كهرباء نحو 50% من الوقت، ثم 80%، وبعد بضعة أسابيع انقطعت الكهرباء تماماً.
قال بيكباوف عبر الهاتف: "إنهم يحاولون جعل التعدين كبش فداء، وإخبار الجميع أنه بسبب المعدّنين كان هناك استهلاك ضخم للكهرباء... معدّنو بتكوين في كازاخستان غير سعداء بتاتاً حالياً".
في نهاية المطاف، اضطر بيكباوف إلى إغلاق أكبر منشأتين للتعدين لديه، وهي عملية تبلغ طاقتها 10 ميغاوات تجري في مدينة طراز الواقعة جنوب كازاخستان. وشحَن بعض مستثمريه أجهزتهم خارج البلاد، إلى روسيا والولايات المتحدة.
الخروج من كازاخستان
يتطلع بيكباوف أيضاً إلى إنشاء عملية لشركته في الولايات المتحدة، لكنه لم يتخلَّ عن كازاخستان بالكامل. فهو يستعد لإنشاء مركز تعدين أكبر في الجزء الشمالي من البلاد.
وبدلاً من الحصول على الطاقة من شبكة الكهرباء، ستشتري المنشأة الجديدة الغاز مباشرةً من محطة طاقة جديدة يجري بناؤها في الموقع الذي يُستخرَج فيه الوقود. دخلت شركة "إكسيف" في صفقة طويلة الأجل لشراء الغاز في وقتٍ سابق من هذا العام، قبل الارتفاع العالمي في أسعاره.
ليست كازاخستان البلد الوحيد الذي تضاءل فيه الوعد بتوفير طاقة رخيصة لمعدّني "بتكوين".
ففي أيسلندا تسبب نقص الطاقة في تقليل المرفق الرئيسي للجزيرة الإمدادات لبعض العملاء الصناعيين وإبعاد معدّني "بتكوين" الجدد، في حين أن بعض الشركات قد يكون قادراً على استمرار العمل في كازاخستان، فمن المرجح أن تظل هذه الدولة لاعباً صغيراً في سوق تعدين "بتكوين" العالمية.
في وقتٍ سابق من هذا العام، كان دينيس روسينوفيتش يتطلع إلى بناء عملية لتعدين "بتكوين" يمكن أن تستخدم ما يصل إلى 100 ميغاوات من الطاقة.
حالياً، يرى مؤسس مجموعة "مافيريك غروب" التي تتخذ من سويسرا مقراً لها، والتي تستثمر في تعدين العملات المشفرة، البلاد فرصة مناسبة، حتى مع عودة الطاقة من محطة الفحم العملاقة إلى طبيعتها.
يقول روسينوفيتش: "قبل ستة أشهر أو حتى العام الماضي كان بإمكانك التحدث عن عديد من المواقع الضخمة في كازاخستان... إذا نظرت الآن، فيمكنك أن تنسى ذلك".