تسبّبت أزمة الثقة التي اندلعت في صناعة الظل المصرفية بالهند في عام 2018 في حصد أكثر الضحايا شهرة حتى الآن.
ففي إعلان مفاجئ مساء الإثنين الماضي، قال البنك المركزي إنه حلّ محل مجلس إدارة شركة تمويل يسيطر عليها أنيل أمباني، الشقيق الأصغر لأغنى رجل في الهند، وأوضح البنك المركزي أنه عيَّن مسؤولاً إدارياً عن الشركة، وسيرسل ملف الشركة قريباً إلى محكمة الإفلاس.
ويُظهر تفكك شركة "ريلاينس كابيتال" سبب تردُّد بنك الاحتياطي الهندي في السماح لمجموعات الأعمال الكبرى بالعمل المصرفي الصغير، وذلك على الرغم من مواجهة ضغوط هائلة للسماح بدخول موجة من رأس مال الشركات إلى الصناعة وإعادة إشعال نمو الائتمان.
وفي الواقع، فإن قدرة الممولين على إلحاق الضرر مميتة حتى بدون الوصول إلى الودائع المؤمن عليها.
حظوظ متباينة
وبشكلٍ أكثر سطحية، هذه قصة شقيقين واختلاف كبير بين حظوظهما. فمع إرسال شركة "ريلاينس كابيتال" إلى فرامة الإفلاس، تصدَّرت شركة "ريلاينس إنداستريز"، لمالكها موكيش أمباني، الأخبار لأسباب مختلفة.
حيث قفزت أسهم "بي تي غروب" بنسبة 9.5٪ في لندن بعد أن ذكرت صحيفة "إيكونوميك تايمز" أن رجل الأعمال الهندي كان يفكر في تقديم عرض دون دعوة لشراء أكبر شركة هاتف في بريطانيا. وقالت "ريلاينس" إن المقال "تخميني بالكامل".
ومع ذلك، فإن بؤس أنيل أمباني لا يمكن أن يكون أكثر واقعية. حيث يتدافع الدائنون، بما في ذلك الحكومة، لاسترداد 758 مليار روبية (10 مليارات دولار) مستحقة لهم على شركة "ريلاينس كوميونيكيشنز"، التي أغلقت خدمة الهاتف المحمول الخاصة بها قبل أربع سنوات.
وفي العام الماضي، أمر قاضٍ في لندن الملياردير السابق البالغ من العمر 62 عاماً بدفع أكثر من 700 مليون دولار لثلاثة بنوك صينية أقرضت أموالاً لشركة "ريلاينس كوميونيكيشنز" مقابل ضمانات شخصية من أمباني.
علاوةً على ذلك، فإن شركة "ريلاينس نافال أند إنجينيرينغ"، التي كانت لديها عقداً لبناء سفن دورية للبحرية الهندية، هي أيضاً في حالة إفلاس. كما يتطلع الدائنون إلى تخفيض الأصول بنسبة 80٪ إلى 90٪، حسبما أفادت "بلومبرغ كوينت" في سبتمبر.
"المركزي الهندي" يرسل ومضات تحذير بشأن تقليص ضخ السيولة تدريجياً
أزمة الإفلاس
الآن بعد أن انضمت شركة "ريلاينس كابيتال" إلى شركات المجموعة الأخرى في مسلخ الإفلاس، سيحصل المستثمرون على تقييم أوضح للسبب الذي جعل شركتهم، التي كانت تبلغ قيمتها في السابق أكثر من 3 مليارات دولار، تتجه على الأرجح نحو محو كاملٍ لمبلغ 64 مليون دولار من قيمة المساهمين التي ما تزال قائمة.
كما أن "المخاوف الجادة المتعلقة بالحوكمة"، التي يقول بنك الاحتياطي الهندي إن مجلس الإدارة فشل في معالجتها بفعالية، يجب أن تظهر في العلن. حيث لن يؤدي ذلك إلى تحسين النتيجة لمساهمي شركة "ريلاينس كابيتال"، ولكن نأمل أن يمنع حدوث اخفاقات مماثلة في المستقبل.
كما أنه سيُثري النقاش حول ما إذا كان يمكن الوثوق بالدور التجارية الكبيرة من خلال التراخيص المصرفية. حيث قال أنيل أمباني في الاجتماع العام السنوي لشركة "ريلاينس كابيتال" في عام 2010، عندما كان بنك الاحتياطي الهندي قد طرح للتو ورقة مناقشة حول السماح لبعض المقرضين الجدد بالانضمام إلى النظام: "لطالما كان طموحنا إنشاء بنك على مستوى عالمي". ولحسن الحظ، لم تحظ تلك الطموحات بمباركة تنظيمية. وإلا لكان بنك الاحتياطي الهندي يتصارع اليوم مع المهمة الأكثر فوضوية المتمثلة في جعل المودعين الأفراد كلاً واحداً.
بنوك الظل خطر يهدد اقتصاد العالم.. فما هي؟
صعوبة الوفاء بالالتزامات المالية
لا يعني ذلك أن قرار "ريلاينس كابيتال" سيكون قراراً بسيطاً، فمع وجود ما يقرب من 9 مليارات دولار من الأصول، وفقاً للتقرير السنوي الأخير للممول، فإن الوفاء بالتزام بقيمة 2.9 مليار دولار تجاه الدائنين في نهاية أكتوبر لا ينبغي أن يكون بهذه الصعوبة.
ولكن لأكثر من عامين حتى الآن، منعت أوامر مختلفة من المحاكم ومحاكم استرداد الديون الشركة من بيع الأصول. كما حصل الدائنون الذين حاولوا بيع الوحدات على العديد من عبارات الاهتمام. ومع ذلك، لا يمكن لأية صفقة أن تؤتي ثمارها بسبب طبقات التقاضي، حسبما أفادت "بيزنس ستاندرد" في وقت سابق من هذا الشهر.
بنوك الظل
وتنضم "ريلاينس كابيتال" إلى قائمة طويلة من بنوك الظل الهندية التي تدهورت منذ الانهيار المفاجئ لممول البنية التحتية مجموعة "أي إل أند إف إس" (IL&FS Group) في سبتمبر 2018.
كما تم بيع شركة "ديوان هاوسينغ فايننس" إلى الملياردير الهندي أجاي بيرامال. في حين أصبحت شركتا "سري إنفراستراكتشر فاينانس"، و"سري إيكويبمنت فاينانس" تحت وصاية بنك الاحتياطي الهندي الشهر الماضي وستتم إحالتهما إلى محكمة الإفلاس.
يُشار إلى أن الإفلاس الرسمي ليس خياراً لمؤسسات تلقي الودائع الفاشلة، والتي يتم حلها من خلال القرارات السريعة. حيث طُلب من البنك المركزي الهندي أداء خدمة وطنية من خلال إنقاذ "يس بنك" (Yes Bank).
وفي حين ما يزال البنك الرئيسي موجوداً بشكل مستقل، سُمح لـ "لاكشمي فيلاز بنك" الأصغر بالموت، مع إنقاذ المودعين من قبل شركة "دي بي إس غروب هولدينغز" السنغافورية.
فضلاً عن ذلك، تم ابتلاع بنك "البنجاب آند مهاراشترا التعاوني" الملوث بالاحتيال من قبل اتحاد ممول للتكنولوجيا المالية، على الرغم من أن بعض المودعين سيحصلون على أموالهم فقط في غضون 10 سنوات.
الجدير بالذكر أن بنك الاحتياطي الهندي قام بعمل جيد في عدم الاستسلام لإغراء فتح أبواب البنوك أمام دور الصناعة الكبيرة، على النحو الذي أوصت به مجموعة العمل الداخلية في العام الماضي.
وسيتطلب الأمر مهارات إشرافية أكبر بكثير مما يمكن للجهة التنظيمية الهندية حشده للبقاء على رأس "الإقراض المتصل" بين البنوك والمصالح التجارية غير المصرفية للسيطرة على المساهمين، خاصة إذا كان لهم نفوذ سياسي.
ما من شكٍ في أن مغامرة أنيل أمباني الخاطئة هي قصة تحذيرية. كما أن دائني شركة "ريلاينس كابيتال" غير المسدد لهم هم أصحاب السندات.
ولو حصل أمباني على الضوء الأخضر لإنشاء مصرفه ذي المستوى العالمي، لكان هؤلاء الدائنون هم عملاء مدخرات وحسابات جارية.
وبالتالي كم هو عدد صغار المدخرين الذين يمكن لبنك الاحتياطي الهندي أن يطلب منهم الانتظار لمدة عقد حتى يستعيدوا أموالهم، وذلك قبل أن يفقدوا كامل ثقتهم في النظام المصرفي الهندي –ويتجهوا نحو عملتي بتكوين وتيذر؟