بلومبرغ
قد تخفف السلالة الجديدة من فيروس كورونا بعض آلام اليورو، حيث تعرضت العملة المشتركة في هذا الشهر إلى أزمة، إذ كان يبدو أن أوروبا هي المنطقة الوحيدة التي تتجه نحو الإغلاق في شتاء آخر، غير أن مخاوف وضع قيود على السفر تنتشر حالياً في مختلف أنحاء العالم بسبب آخر سلالة من فيروس "كوفيد-19".
تراهن الأسواق بالفعل على أن صناع السياسة النقدية في العالم سوف يتبعون وتيرة أبطأ في رفع أسعار الفائدة. وربما تسبب ذلك في توقف المراهنة المنتشرة حالياً على انخفاض سعر اليورو، التي تأسست على أن البنوك المركزية الكبرى الأخرى ستقوم برفع أسعار الفائدة قبل البنك المركزي الأوروبي بفترة طويلة.
تسبب هذا التغير في رفع تقييم المستثمرين للعملة الأوروبية الموحدة، يوم الجمعة الماضي، حتى جعلوا منها فجأة العملة الرابحة من اضطراب حركة السوق، بموازاة الملاذات الآمنة التقليدية مثل الين الياباني والفرنك السويسري.
ارتفعت قيمة اليورو بنسبة 1% حتى تجاوز سعرها 1.13 دولار، لتتعافى من انخفاض إلى أقل من 1.12 دولار في بداية هذا الأسبوع، ما دفع المحللين الذين يتوقعون ضعف قيمة اليورو إلى إعادة النظر في توقعاتهم.
قال نوردين نعام، استراتيجي أسواق العملة في بنك "ناتيكسيس": "نستطيع أن نتوقع بعض الاستقرار في أسعار اليورو أمام الدولار في الوقت الراهن، لتتراوح بين 1.12 دولار و1.14 دولار لليورو، إذا استمرت الأسواق في مراجعة توقعاتها بقيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في العام القادم". وكان "نعام" يتوقع قبل ذلك انخفاض سعر اليورو إلى 1.10 دولار بحلول نهاية العام الحالي.
سيتابع المستثمرون أي تطورات في عطلة نهاية الأسبوع الحالية، إذ تحاول منظمة الصحة العالمية مع العلماء في جنوب أفريقيا، حيث أول اكتشاف لسلالة "أوميركون" الجديدة، التأكد من مدى سرعة انتشارها وما إذا كانت مقاومة للقاحات أم لا.
لا يخاطر المتعاملون بالانتظار، فقاموا ببيع كثيف للأسهم يوم الجمعة وشراء مزيد من سندات الخزانة الأمريكية والأوروبية.
يأتي ذلك وسط مراجعة أسواق النقد لتوقعات توقيت أول رفع لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 25 نقطة أساس، وترجيحات رفع الفائدة مرتين فقط في العام القادم.
نفس الأمر يحدث بالنسبة للمملكة المتحدة، حيث من المنتظر أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة في فبراير القادم، بعد أن راجع المتعاملون رهاناتهم على اتخاذ البنك إجراءً من هذا النوع في الشهر المقبل.
اقرأ أيضا: اليورو يواجه شتاءً مظلماً وسط مخاوف متداولي عقود الخيارات
بينما تعرضت توقعات السوق بإجراء يتخذه البنك المركزي الأوروبي هي الأخرى لصدمة مماثلة، فإن احتمال خسائر المتعاملين أقل كثيراً من أصحاب الرهانات الأكثر تقدماً في مناطق أخرى. ولم تعد أسواق النقد تتوقع قيام البنك المركزي الأوروبي برفع الفائدة العام القادم، بعد أن كانت تراهن على زيادة بنحو 20 نقطة أساس منذ أسبوعين فقط.
تراجع المضاربات
وتأتي أوضاع السوق الحالية في مصلحة اليورو، حيث إن الضربات التي تعرضت لها مشاعر الثقة عالمياً تُطلق موجة من التراجع عن الاستثمار في العملات الأخرى التي تتطلب إعادة شراء عملات التمويل مثل اليورو.
تحول صافي استثمارات شركات إدارة الأصول إلى الأقل إيجابية على العملة الأوروبية المشتركة منذ شهر يونيو 2020، بحسب البيانات الصادرة عن "هيئة تداول عقود السلع الآجلة" (Commodity Futures Trading Commission) عن الأسبوع الذي ينتهي في 16 نوفمبر.
وبقيت صناديق التحوط على موقفها بتقليل وزن العملة النسبي في استثماراتها الأسابيع الأخيرة، ومن هنا كانت العملة عُرضة لضغوط ارتفاع بنسبة صغيرة فقط، بحسب أودري تشايلد فريمان، رئيس استراتيجي العملة في "بلومبرغ إنتيليجنس" في منطقة مجموعة العشرة.
لا يقتنع الجميع بأن هذه النقطة قد تصبح نقطة تحول بالنسبة للعملة الأوروبية المشتركة. وتفتش شركة "بي أم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets) عن فرص لبيع العملة مقابل الدولار في ضوء مشكلات أوروبا الاقتصادية القائمة منذ البداية. كذلك، فإن التوقعات المتعلقة بسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يرجح أن تعود إلى موقف المغالاة في السياسة التوسعية.
انتشار السلالة
يعمل جوردان روتشستر استراتيجياً لأسواق العملة لدى بنك "نومورا إنترناشيونال"، والذي يوصي بتداول اليورو عند 1.2 دولار. يتساءل "روتشستر": "هل ينبغي أن ننزعج؟ نعم، وهل يجب أن نتصرف بطريقة غير عقلانية؟ لا. سوف تنتهي هذه الفترة من تعاملات الدولار واليورو في الأخير، ربما في الأسبوع القادم إذا استمر انخفاض مستوى انتشار السلالة الجديدة خارج جنوب أفريقيا".
حتى الآن، يقف المشاركون في السوق موقفاً شبيهاً بما كانوا عليه في المراحل الأولى لانتشار جائحة كورونا، حيث يدرسون المعلومات الوبائية لمعرفة ما إذا كانت السلالة الجديدة أكثر فتكاً أو قدرة على العدوى من السلالات السابقة، ويتوقعون ردود أفعال صناع القرار.
كانت إيما سمعان، المحللة لدى شركة "مونيكس يوروب"، تتوقع تغيراً في السياسة النقدية يؤدي إلى إغلاق اليورو عام 2021 عند 1.11 دولار، بعد خفض توقعاتها من 1.15 دولار هذا الأسبوع.
وقالت "سمعان" إن اليورو قد يغلق هذا العام على مستوى يتراوح بين 1.12 دولار و1.13 دولار إذا ارتفعت حالات الإصابة عالمياً إلى الدرجة التي تدفع دولاً أخرى إلى فرض إجراءات الإغلاق مرة ثانية. وأضافت: "كان هذا السيناريو يمثل خطراً بعيداً في نظرنا غير أن احتمال وقوعه وتأثيره ارتفع في الوقت الراهن بسبب الأنباء الأخيرة".
أحداث الأسبوع القادم
- ينتظر أن يبلغ إجمالي مبيعات سندات منطقة اليورو من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا 19 مليار يورو في الأسبوع القادم، بحسب بنك "سيتي غروب". سوف تبيع المملكة المتحدة سندات استحقاق 10 سنوات بقيمة 2.25 مليار جنيه إسترليني يوم الأربعاء المقبل.
- يتجه التركيز إلى معدل التضخم في منطقة اليورو خلال الأسبوع المقبل، حيث قد يبلغ أعلى مستوى تاريخي له منذ نشأة العملة الأوروبية الموحدة، بحسب "بلومبرغ إيكونوميكس". وإشارة إلى ما سيأتي، سوف تعلن ألمانيا أرقام معدل التضخم بها عن شهر نوفمبر يوم الإثنين القادم.
- فيلاروي،وبانيتا، وسنتانو من "البنك المركزي الأوروبي" سيتحدثون في الأسبوع القادم. وفي المملكة المتحدة، تتحدث كاترين مان من "بنك إنجلترا" في مؤتمر يعقده "بنك باركليز" سوف يحضره أيضاً حاكم البنك أندرو بيلي، غير أنها ستتحدث عن تنظيم أسواق التأمين.