لا تنتظر تحليق أسهم طيران الإمارات إذا كنت تنوي شراءها

time reading iconدقائق القراءة - 13
طائرة إيرباص SE A380-800 ، تشغلها طيران الإمارات،  في مطار دبي الدولي في دبي ، الإمارات العربية المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
طائرة إيرباص SE A380-800 ، تشغلها طيران الإمارات، في مطار دبي الدولي في دبي ، الإمارات العربية المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بالنسبة للمستثمرين في أسهم شركات الطيران، توشك واحدة من كبرى الناقلات المُشغّلة للطائرات العملاقة ذات الطابقين في العالم على الخروج من عنبرها.

"طيران الإمارات" هي تقليدياً أكبر شركات الطيران من حيث حركة النقل الجوي الدولي، وتملك أكبر الأساطيل من طائرات "إيرباص A380" و"بوينغ 777". وفي لقاء مع قناة "الشرق" الأسبوع الحالي، قال رئيس مجلس الإدارة الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم إنها قد تدرج أسهمها في سوق دبي المالي.

سيكون ذلك بمثابة ثورة دراماتيكية تشبه ما حدث للمستثمرين في قطاع الطاقة عام 2019، في الاكتتاب العام لأسهم شركة النفط "أرامكو السعودية".

تحتل شركة طيران الإمارات من حيث الإيرادات مركزاً متقدماً على أي شركة طيران أخرى خارج أوروبا والولايات المتحدة، باعتبارها واحدة من أكبر عشر شركات طيران عالمية.

شركة عالمية

يقارب صافي أصول الشركة، البالغ 5.5 مليار دولار في قائمة المركز المالي، قيمة مجموع حقوق الملكية لأكبر 6 شركات طيران تقدم خدمات متكاملة في الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى شركة "ساوث ويست" للطيران.

حتى بعد خصم صافي ديونها البالغ 25 مليار دولار، تصل قيمة طيران الإمارات إلى 10 مليارات دولار وفق نظم التقييم المعتادة لشركات الطيران، عند العمل في ظروف سوق طبيعية.

لا يعني هذا أنه ينبغي على المستثمرين التهافت على امتلاك سهم الشركة. فلم تُؤسس "طيران الإمارات" بهدف تحقيق الأرباح، وإنما باعتبارها ركناً حيوياً في البنية الأساسية الوطنية. كان الغرض من تأسيسها هو مساعدة إمارة دبي في التحول من شقيقة تفتقر إلى الموارد النفطية التي تمتلكها جارتها أبوظبي إلى مركز عالمي للتجارة والتمويل، في نموذج يحاكي سنغافورة وهونغ كونغ، وهما مدينتان تترادفان تقريباً مع شركتي الطيران التابعتين لهما "الخطوط الجوية السنغافورية" و"كاثي باسيفيك".

في هذا الإطار حققت "طيران الإمارات" نجاحاً مذهلاً، إذ استطاعت استغلال موقع جغرافي فريد لقربه من مركز الجاذبية في الاقتصاد العالمي لتقدم قائمة متميزة من خدمات النقل بمستوى من الأسعار والرفاهية تعاني خطوط الطيران الأخرى لتضاهيها. فلم تكن مثقلة بطائرات قديمة وممارسات عمل مثل التي عند الشركات المنافسة، ولم تتحمل إلى حد كبير أي ضرائب عن نشاطها.

لم تكن هذه هي الفائدة الوحيدة للموقع. مزاعم شركات خطوط الطيران الأمريكية منذ سنوات قليلة مضت بأن شركات الطيران الخليجية تتلقى دعماً هائلاً من دولها كانت في معظمها ضعيفة أو مغرضة أو كلاهما.

ورغم ذلك، كانت مزاعمها دقيقة في نقطة واحدة هي أن المساهم الوحيد في الشركة –وهي العائلة الحاكمة في دبي– تحمل من الشركة مستويات من العوائد لا يمكن أن يتحملها مساهمو أسواق الأسهم.

العائد وسيولة السوق

بلغ متوسط العائد على حقوق الملكية لشركة "طيران الإمارات" على مدى خمسة أعوام حتى نهاية مارس 2019، حوالي 11.02%، بما يقل كثيراً عن المستوى الذي يعتبر مقبولاً في أوروبا وفي أمريكا الشمالية.

سيفضل حاملو الأسهم الواعون والحريصون أن يستثمروا أموالهم في شركة "دناتا"، إذا طرحت أسهمها في السوق في أي وقت، فهي الشركة الشقيقة لشركة "طيران الإمارات" التي تقدم الخدمات الأرضية والأطعمة والمشروبات أثناء الرحلات الجوية، وتحقق أرباحاً أفضل على قاعدة رأسمالية أصغر كثيراً.

"طيران الإمارات" تحلق بمؤشر سوق دبي لأعلى مستوى منذ فبراير 2018

من المفهوم تعطش دبي لتحويل سوق الأسهم الخاملة إلى بورصة أكثر حيوية ونشاطاً، خاصة أن انتشار الأهداف المناخية التي تستهدف تحقيق الحياد الكربوني يركز الانتباه على بناء اقتصاد في دول الخليج لا يحتاج إلى أنهار من النفط حتى يدور.

تعد هوامش العرض والطلب (أو الفرق بين أعلى سعر معروض لشراء السهم وأقل سعر يقبله البائع) على بنك "الإمارات - دبي الوطني"، أكبر مكون للمؤشر العام لسوق دبي المالي، تصل إلى نحو 40 نقطة أساس على سعر البيع.

يؤشر ذلك على أن مستوى سيولة السوق حيث نشاط البيع والشراء باهتاً في أفضل الأحوال، إذا قورن مع هوامش العرض والطلب أحادية الرقم عند الأسهم الكبرى في بورصات الدول المتقدمة.

مع ذلك، لن يكفي إدراج عدد قليل من أبرز الشركات الوطنية لتغيير وضع السوق. دعت "هيئة كهرباء ومياه دبي" البنوك العالمية لإدارة الاكتتاب العام في أسهمها التي تبلغ قيمتها 25 مليار دولار، وفق تقرير نشرته "بلومبرغ" الأسبوع الماضي، كما أُعلن عن نظام "سالك" للتعرفة المرورية باعتباره أحد الأسهم المرشحة للبيع في سوق دبي.

تعمل أسواق الأسهم العامة بكفاءة أعلى عندما تكون في قلب الاقتصاد مع توافر فرص غزيرة للابتكار الخاص والنمو، ومدخرات وفيرة تبحث عن عوائد على استثمارها.

الداء الهولندي

يختلف ذلك عن الوضع في الإمارات العربية المتحدة، إذ تشهد البلاد حالة واضحة من الداء الهولندي، حيث تعاني القطاعات التصديرية غير النفطية في المنافسة، بسبب ثبات سعر الصرف المرتفع نتيجة الطلب الخارجي على النفط.

علاوة على ذلك، يتم تحويل كثير من المدخرات، التي كان من الطبيعي استثمارها في سوق الأسهم المحلية في الإمارات، إلى دول أخرى هي أوطان المهاجرين الذين ينتمي معظمهم إلى جنوب آسيا ويشكلون نحو 90% من السكان في الإمارات.

وسجلت التحويلات التي تدفقت خارج الإمارات العام الماضي، والبالغة 43 مليار دولار، ثاني أكبر قيمة للتحويلات بعد تلك الخارجة من الولايات المتحدة، ووصلت إلى نحو 12% من إجمالي الناتج المحلي.

يشير ذلك إلى أن التاريخ سيعيد نفسه. وكما تعلمت "طيران الإمارات" من "الخطوط الجوية السنغافورية" استخدام شركة طيران في تحويل مركز تجاري إقليمي إلى مركز عالمي، يرجح أن تلحق بورصة دبي بما آلت إليه بورصة سنغافورة من تضاؤل.

بعد تراجع الطروحات.. سنغافورة تسعى لجذب شركات "الشيك على بياض"

تحولت سوق الأسهم في سنغافورة إلى شيء لا يفضل كثيراً عن لوحة الشرف الجامدة التي تضم أسماء أكثر الشركات المحلية تميزاً، وتسيطر عليها شركة "تيماسك هولدينغز" للاستثمار التي تملكها الدولة مع أباطرة أعمال إقليميين. فأصبحت أسواق أخرى، كان يتجاهلها الجميع، مثل أسواق تايلاند وإندونيسيا، بل وحتى فيتنام تتنافس معها، بل وتتجاوزها.

لا تعاني دبي نقصاً في الأموال، كما أن تميزها في تشغيل وإدارة قطاع الطيران يوضح أن سكانها من المهاجرين لا يفتقدون إلى الابتكار والخيال والموهبة. ورغم ذلك، مازالت تفتقد إلى ذلك المزيج من التركيب الاقتصادي والثروة ذات الانتشار الواسع، وهما ضروريان في تحويل تلك السمات إلى سوق نشيطة للأسهم. والسماح بإدراج "طيران الإمارات" لن يغير ذلك.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

دبي

9 دقائق

31°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى 30°/31°
18.5 كم/س
66%