بلومبرغ
فاز البائعون على المكشوف ببعض الانتصارات البارزة هذا العام مع انهيار شركة المدفوعات "وايركارد" ومُشغّل المستشفيات "مستشفى المركز الطبي الجديد". وبخلاف ذلك، يتشكّل عام 2020 ليكون أسوأ عام على الإطلاق بالنسبة لبعض المستثمرين الذين يسعون إلى الربح من انخفاض أسعار الأسهم.
ووفقاً لموفّر البيانات المُسمى "بحوث صندوق التحوط"، شهد المؤشر الشهري لصناديق التحوط للبيع على المكشوف انخفاضاً بنسبة 32% في هذا العام حتى شهر أكتوبر، ومن غير المحتمل أن يتحسن الأداء في نوفمبر، بالنظر إلى أن الأسهم الأوروبية سجلت أكبر مكاسبها على الإطلاق الشهر الماضي بينما سجل مؤشر "إس آند بي 500" رقماً قياسياً.
وبحسب بيانات "إتش إف آر" التي تعود إلى عام 2005، حقق مؤشر صندوق البيع على المكشوف أكبر مكاسب شهرية له على الإطلاق في شهر مارس عندما تراجعت الأسواق العالمية بسبب جائحة كورونا. ومع ذلك، سرعان ما تم القضاء على العوائد عندما عادت أسعار الأسهم للارتفاع.
وحظر المنظمون في بعض البلدان عمليات البيع على المكشوف، وتدخلت الحكومات بحزم إنقاذ اقتصادية وأغرقت البنوك المركزية الأسواق بالسيولة. وتسارع الانتعاش خلال الشهر الماضي بعدما أبلغت شركات الأدوية عن نجاحها في تطوير لقاحات لفيروس كورونا.
وقال "مارك هيلي" الشريك المؤسس لشركة "أناليست ريسيرش إل إل بي" التي تنشر توصيات استثمارية طويلة وقصيرة المدى، وقد نشرت ملاحظات حول الشركات بما في ذلك "وايركارد": "تدفق الأموال إلى السوق يعني أن عمليات البيع القصيرة الأساسية كانت في غاية الصعوبة، وعلى الرغم من عمليات البيع الكبيرة التي حدثت في شهر مارس، كان من المستحيل تقريباً إعادة تموضعها، ثم قامت السوق بمُفاجأة الجميع في شهر نوفمبر على الرغم من أن اللقاح مُنتظر في وقت ما".
كان هذا العام صعباً على وجه التحديد لأولئك الذين يراهنون على الانخفاض في شركة "تسلا"، وهي الشركة المُفضلة للمستثمرين الأفراد. وحلق السهم، الذي كان موضوع معركة استمرت لسنوات بين المُتشككين والمؤمنين برؤية الرئيس التنفيذي "إيلون ماسك" مُرتفعاً بأكثر من 600% في عام 2020. وحامت القيمة السوقية لشركة السيارات حول 600 مليار دولار، وستُتوّج العام بإضافتها إلى مؤشر "إس و بي 500" في 21 ديسمبر.
حقق مؤشر صندوق البيع على المكشوف أكبر مكاسب شهرية له على الإطلاق في شهر مارس عندما تراجعت الأسواق العالمية بسبب جائحة كورونا
ألم "تشانوس"
خلال مقابلة مع بلومبرغ "فرونت رو"، قال البائع على المكشوف المُخضرم "جيم تشانوس"، الذي كان يراهن ضد تسلا لمدة خمس سنوات: "من الواضح أن الأمر كان مؤلماً ". تقترض أسهم البيع على المكشوف وتبيعها، على أمل إعادة شرائها بسعر أقل لتعود إلى المُقرض، وربح الفرق.
أكبر رهان في البيع على المكشوف في قطاع التكنولوجيا الحيوية، هي شركة تطوير اللقاحات الأمريكية "موديرنا" التي بدورها أيضاً عاقبت الدببة -ارتفعت الأسهم بأكثر من 700% في عام 2020، عندما كانت الشركة على وشك الفوز بالموافقة التنظيمية للقاح الجديد ضد فيروس كورونا.
قام المستثمرون في أوروبا بتقليص مراكزهم المكشوفة في مجموعة "أوكادو بي إل سي" حيث أدى الوباء إلى زيادة الطلب على تسوق حاجيات البقالة من الإنترنت، وكذلك الأمر في "دويتشه بنك ايه جي" بسبب الثقة المتجددة في إستراتيجية التحول للمُقرض. وفي الولايات المتحدة، استفادت شركة التصميم الشخصي "ستيتش فيكس إنك" من إغلاق متاجر البيع بالتجزئة. وقفز السهم 39% يوم الثلاثاء الماضي بعد أن أعلنت الشركة عن نتائج ربع سنوية فاقت المتوقع.
ورغم تصاعد الرهانات المُتشائمة، ارتفعت الشركات الصينية، والكثير منها مدرج في الولايات المتحدة. وبالنسبة لـ"كارسون بلوك" الذي صنع لنفسه اسماً في استهداف الشركات المُرتبطة بالصين، فقد عانى هو الأخر من الرهانات ضد شركات التعليم "جي إس إكس تيتش إيدو" ومجموعة "تال إديوكيشين" وخدمة البث المباشر "جوي".
شهد المؤشر الشهري لصناديق التحوط للبيع على المكشوف انخفاضاً بنسبة 32% في هذا العام حتى شهر أكتوبر
اندفاع الطاقة الشمسية
كما انجرفت شركات الطاقة الشمسية، وهي القطاع المُفضل للدببة، في موجة الصعود التي غذّتها أسعار الفائدة المنخفضة للغاية والأسعار الجنونية بين المستثمرين الأفراد. وفي هذا العام شهدت أسهم الشركات المُدرجة في الولايات المتحدة ارتفاعاً بما يفوق الضعف، كشركة "إن فيز إينيرجي" وشركة "سولار إدج للتكنولوجيا" و"جينكو سولار القابضة".
من المؤكد أنه كان هناك الكثير من الأموال التي يمكن جنيها من خلال المراهنة ضد الشركات التي تضررت بشدة من الوباء. حيث تراجعت في عام 2020 شركات تشغيل السينما مثل مجموعة "ساين وورلد" وشركة "إم سي" القابضة للترفيه، وشركات الطائرات مثل "لوفتهانزا" ومجموعة "أمريكان إيرلاينز" بالإضافة إلى سلسة المتاجر "ماسيز".
الضربة الصائبة
وربح بشكل كبير ما يسمى النُشطاء على المكشوف مثل "بلوك"، التي استهدفت بشكل صاخب الشركات التي اتهمتها بأنها تمارس أعمالاً مُراوغة أو مُمارسات محاسبية، مثل شركة "وايركارد" و "إن إم سي"؛ حيث قدمت "وايركارد" في شهر يونيو طلبها لإجراءات الإفلاس بعد أن صرحت بأن 1.9 مليار يورو (2.1 مليار دولار) من النقود مفقودة. وانهارت شركة "إن إم سي" المشغّلة للمستشفيات في الشرق الأوسط، بعد أن كشفت في مارس عن 2.7 مليار دولار من الديون المخفية، وقالت إن ثمة احتيال قد حدث.
وفي غضون ذلك، لم ينتعش سعر سهم شركة تطوير الشاحنات الكهربائية "نيكولا كورب" بعد تقرير البيع على المكشوف في سبتمبر. ورفضت الشركة المزاعم بأنها ضللت المُستثمرين بشأن قُدراتها وتقدمها في تطوير السيارات.
وكان شهر نوفمبر شهراً قاسياً بشكل خاص للبائعين على المكشوف، حيث قامت الأسهم التي كان هذا العام هو العام الأسوأ لها على الإطلاق بأداء مُرتفع؛ في حين أن الأسهم التي حققت أفضل أداء لها إما راوحت مكانها أو انخفضت قليلاً، وفقًا لـ"باري نوريس" الذي يدير "أرغونت كابيتال بارتنرز". شهد هذا العام عودة صندوق العائد المُطلق للشركة، الذي يسري على المدى الطويل والقصير، بنسبة 15%، على الرغم من انخفاضه بنسبة 10% في الشهر الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
كان شهر نوفمبر قاسياً بشكل خاص للبائعين على المكشوف، حيث قامت الأسهم التي كان هذا العام هو العام الأسوأ لها على الإطلاق بأداء مُرتفع
الوفرة في السوق.. هل ستتلاشى؟
قال"باري نوريس" في مقابلة عبر الهاتف إنه "إذا كنت تدير صندوقاً طويلا-قصير المدى ومنذ عام حتى الآن كان ناجحاً جداً، فلديك هذا الموقف حيث من المحتمل أن ترتفع صفقاتك الطويلة قليلاً، لكن القصيرة ترتفع كثيراً".
ومع ذلك، قد يكون عام 2021 عاماً أفضل للبائعين على المكشوف، حيث يتوقع "نوريس" أن الوفرة الحالية في السوق ستتلاشى في وقت مبكر من العام الجديد.
ويضيف "نوريس": "الكثير من هذه الشركات التي حققت شوطاً طويلاً من الصعود واستعادت في الكثير من الحالات جميع خسائرها الناجمة عن كوفيد19، لا تزال في مأزق كبير في ظل آفاق نمو محدودة جداً، واستنزاف الكثير من النقود، وبالتأكيد ليس هناك مجال كبير لتجاوز توقعات المُستثمرين". ويخلص "نوريس" إلى أنه "في حين أن هذا الربع بشكل عام سيكون صعباً جداً لجميع البائعين على المكشوف، يمكنني أن أرى بعض الفرص الرائعة في المستقبل في الأسهم الفردية".