تحوُّل "سوفت بنك" لشركة خاصة.. "طبخة هادئة" أم مناورة؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
لافتة ضخمة تحمل العلامة التجاري لمجموعة سوفت بنك في العاصمة اليابانية طوكيو - المصدر: بلومبرغ
لافتة ضخمة تحمل العلامة التجاري لمجموعة سوفت بنك في العاصمة اليابانية طوكيو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تناقش "مجموعة سوفت بنك SoftBank Group" اليابانية استراتيجيةً جديدةً للتحوُّل إلى "كيان خاص" عن طريق شراء أسهم مُصدرة تدريجياً، حتى يمتلك المؤسس "ماسايوشي صن" حصة كبيرة بما يكفي لإخراج المستثمرين المتبقين؛ وفقاً لمصادر مطَّلعة على الأمر.

وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأنَّ الأمر سريٌّ، أنَّ هذه الخطَّة قد تستغرق أكثر من عام على الأرجح، وستعني استمرار المجموعة اليابانية في بيع الأصول لتمويل عمليات شراء الأسهم المُصدرة.

ولن يشتري "صن" المزيد من الأسهم بنفسه، لكن نسبة ملكيته، التي تبلغ الآن حوالي 27%، ستزداد مع قيام مستثمرين آخرين ببيع الأسهم.

ووفقاً للوائح اليابانية، يمكن لِـ"صن" إجبار المساهمين الآخرين على البيع عندما يحصل على ملكية 66% من الأسهم، ربما من دون دفع علاوة أيضاً، كما قالت المصادر.

وتتمثل إحدى ميزات الخطة، التي أطلق عليها المطَّلعون لقب الاستحواذ "بطيء الحركة" أو "بطيء الاحتراق"، في أنَّها تمنح مجموعة "سوفت بنك" المرونة لشراء أسهمها الخاصة عندما تنخفض، وفقاً للمصادر.

أما في حالة الاستحواذ الرسمي، فسيتعيَّن عليها دفع علاوة، بنحو 25% على الأرجح.

ومن المرجح أيضاً أن يدعم المساهمون عمليات شراء الأسهم المُصدرة، خاصة أنَّ "سوفت بنك" يتمُّ تداولها بسعر يقلُّ عن القيمة الإجمالية لحيازاتها في شركاتٍ، مثل "علي بابا"، و"أوبر"، و"دورداش".

البنوك نسفت المحادثات

في فبراير الماضي، أعلن الملياردير "صن" أنه يعتقد أنَّ "سوفت بنك" أفضل حالاً كونها شركة مساهمة عامة. غير أنه في الآونة الأخيرة، قد رفض صن التعليق على خططه بعد أن تحدَّثت تقارير إعلامية، بما في ذلك "بلومبرغ نيوز"، عن صفقة محتملة لشراء أسهم مُصدرة. لكنه صرَّح خلال مؤتمر في نوفمبر: "إذا انخفضت أسهمنا، سأقوم بشراء المزيد من الأسهم بقوة أكبر".

وارتفعت أسهم "سوفت بنك" بنسبة 5.6% يوم الأربعاء في طوكيو بعد تقرير بلومبرغ، مسجِّلةً أعلى مستوى لها في 20 عاماً عند 7489 يناً يابانياً.

وناقش صن فكرة تحويل "سوفت بنك" من شركة مساهمة عامة إلى شركة خاصة على مدار خمس سنوات على الأقل.

وعندما تراجعت أسهم "سوفت بنك" في مارس بسبب فيروس كورونا، بدأ صن محادثات مع شركات استشارية، وبنوك، وجهات إقراض، بما في ذلك "إليوت مانجمنت"، وصندوق أبوظبي السيادي، و"مبادلة" للاستثمار. ومع أنَّ القيمة السوقية لمجموعة "سوفت بنك" اليابانية نحو 50 مليار دولار، وتبلغ أصولها نحو 150 مليار دولار، فقد كانت هناك صعوبة في إقناع المُقرضين بضخِّ المزيد من الأموال. وكشف شخصٌ مشاركٌ في المفاوضات أنَّ البنوك عرضت شروطاً غير مؤاتية، ونسفت المحادثات.

وبدلاً من ذلك، كشف صن عن خطط لبيع أصول بنحو 43 مليار دولار لسداد الديون، وإعادة شراء الأسهم المُصدِّرة.

وفي شهر يونيو، باع صن ما قيمته 13.7 مليار دولار من أسهم "علي بابا"، وأسهم بقيمة أعلى حتى من أسهم "تي موبايل" الأميركية، وحوالي ثلث أسهم "سوفت بنك كورب، التابعة للمجموعة والمتخصصة بالاتصالات السلكية واللاسلكية في اليابان. كما أعلن عن بيع " أرم" إلى "نيفادا كورب" مقابل نحو 40 مليار دولار، وباع حصةً حاكمةً في شركة "برايت ستار" لتوزيع الهواتف.

ويشير صن إلى أن َّ لديه سيولة نقدية بقيمة 80 مليار دولار. ومنح الطرح العام الأولي القوي في السوق "سوفت بنك" بعض المكاسب الكبيرة على الاستثمارات، بما في ذلك شركة "كيه إي هولدنغز" الصينية و "دور داش".

وارتفعت القيمة السوقية لمجموعة "سوفت بنك" بعدما صعدت إلى أكثر من 160% منذ أدنى مستوى لها في مارس. وتبلغ قيمة الأسهم الخارجة عن سيطرتها حوالي 87 مليار دولار.

"صن" و"إليوت" يداً بيد

يوضح أحد الأشخاص المطَّلعين، بأنَّ المجموعة اليابانية ليست ملزمة بالإفصاح علناً عن خطط شراء الأسهم المصدرة، إن لم تتخذ خطوات ملموسة، مثل تشكيل لجنة خاصة لمراجعة العطاء، أو الحصول على خطابات نوايا من البنوك للتمويل.

وأضاف أنَّ قواعد الإفصاح في اليابان، إذ تندر عمليات شراء الأسهم المصدرة من قِبل الإدارة؛ تتضمَّن بنوداً رمادية يمكن أن تمنح "سوفت بنك" مجالاً للمناورة.

وصرَّح أحد المصادر أنَّ صن قد يستمر في إجراء عملية إعادة شراء الأسهم وفق القواعد الإدارية التقليدية، إذا انخفض سعر السهم إلى ما دون مستوى معين، ورفض إعطاء أرقام محددة.

في حين كشف مصدر آخر أنَّ "إليوت"، أكبر مساهم خارجيٍّ في "سوفت بنك"، سيشارك في العملية شرط أن يستمر تداول السهم بخصم من قيمته الأساسية.

لافتاً إلى أنَّ المجموعة اليابانية العملاقة أقل اعتماداً على الديون، لتمويل عملياتها، ومن السهل على البنوك إقراضها، بالمقارنةً مع لوضع الذي كانت عليه في مارس.

ماسايوشي صن: إذا انخفضت أسهمنا، سأقوم بشراء المزيد منها بقوة أكبر

بعد إعادة شراء أسهم بقيمة 1.35 تريليون ين خلال العام الحالي، باتت "سوفت بنك" تمتلك حوالي 12 % من الأسهم المصدرة. ويسيطر صن على حوالي 26.8% عبر كيانات مختلفة.

وأعلنت " سوفت بنك" بالفعل عن خطط لإعادة شراء أسهم بقيمة 1.5 تريليون ين إضافية حتى يوليو 2021.

ووفق سعر إغلاق الأمس، ستؤدي خطَّة إعادة شراء الأسهم، إلى زيادة حصة صن لأقل من 35%، وأمامه طريق طويل لامتلاك أغلبية حاكمة.

ويشكك بعض المحلِّلين في أنَّ صن سيتابع عمليات إعادة شراء الأسهم، حالياً على الأقل في ضوء مثل التحديات القائمة، فضلاً عن ميله لاستخدام السيولة النقدية المتوفرة لديه لتنفيذ صفقات طموحة.

رهانات كبيرة في عالم التكنولوجيا

يقول أتول غويال، كبير المحلِّلين في "جيفريز": "خلال العام الحالي أظهر صن القليل من الرغبة في انتهاز الخصم على سعر السهم للقيام بعمليات إعادة شراء؛ فهل من المفترض أن نصدق أنَّه سيقضي الآن سنواتٍن وينفق كلَّ أموال "سوفت بنك" على هذا المخطط، بدلاً من فعل ما يحبه حقاً؛ أيّ وضع رهانات كبيرة في عالم التكنولوجيا؟"

وتكمن مشكلة استراتيجية إدارة "سوفت بنك"القائمة على الاستحواذ "بطيء الحركة" أنَّها من المرجح سترفع تكلفة الصفقة النهائية؛ بحسب غويال.

وإن تمكَّن صن من رفع حصته الشخصية في الشركة إلى 66%؛ فإنَّ غويال ليس مقتنعاً بأنَّه سيكون قادراً على إنهاء صفقة إعادة شراء الأسهم دون تحدِّيات من مساهمي الأقلية. إذ يعارض كثيرون داخل "سوفت بنك" فكرة زيادة حصة صن من الأسهم، وتحويلها إلى شركة خاصة.

ويمثِّل المبلغ النقدي الهائل المطلوب إحدى العقبات الرئيسة لعملية التحويل. لكن من المحتمل أيضاً أن يتسبَّب تحويل "سوفت بنك" إلى شركة خاصة، من شركة مساهمة عامة، إلى حدوث ردِّ فعلٍ سلبيٍّ من وكالات التصنيف الائتماني، مما يجعل إعادة إصدار سنداتٍ بمليارات الدولارات أكثر صعوبة، كما يرى أحد الأشخاص المطَّلعين.

في حين رأى آخر أنَّ عملية الاستحواذ ستمنع صن من إبرام صفقات كبيرة لمدَّةٍ تصل إلى عام ونصف، وهذا الأمر قد يجعله يُعيد التفكير بالعملية.

وفي فبراير، عندما تحدَّث علناً عن فكرة الاستحواذ، قال صن، إنَّه قرَّر عدم متابعة الصفقة بعد التفكير مليَّاً. مُضيفاً أنَّ إبقاء "سوفت بنك " كمساهمة عامة سيسمح للمساهمين بالمشاركة في نموِّ المجموعة، وفرض الانضباط الإداري، بما في ذلك الشفافية.

تصنيفات