بلومبرغ
سجّل أول طرح لـ"السندات الخضراء" يقوم به الاتحاد الأوروبي، مستوى قياسياً من الطلب عليها في أكبر صفقة يشهدها هذا القطاع.
باع التكتل الأوروبي أوراقاً بقيمة 12 مليار يورو (13.9 مليار دولار) تستحق في عام 2037، وبلغت قيمة الطلبات التي تقدمت لها أكثر من 135 مليار يورو يوم الثلاثاء.
تجاوزت الصفقة من حيث ضخامة حجمها وقيمة الطلب عليها، أول طرح للسندات الخضراء قامت به المملكة المتحدة خلال الشهر الماضي.
هذه الصفقة هي الأولى في برنامج الاتحاد الأوروبي لإصدار سندات خضراء بقيمة 250 مليار يورو على مدى الأعوام المقبلة، رغم أن المستثمرين ربما ينتظرون حتى عام 2022 لاستقبال الإصدار التالي.
قال محللون من شركة "آي إن جي غروب" (ING Groep)، ومن بينهم أنطوان بوفيه: "إن ما يجعل هذه الصفقة ذات طابع مميز، هي الرسالة التي تبثها حول قوة الطلب على السندات الخضراء، بعد طوفان من العمليات التي استهدفت قاعدة المستثمرين ذاتها. وهي تؤكد أن مستوى عرض السندات الخضراء مازال يحاول اللحاق بمستوى الطلب عليها".
اقرأ أيضاً: طلب قياسي على أكبر إصدار لسندات أوروبية خضراء
تزاحم وفوضى
كان التزاحم على تقديم الطلبات "فوضى مطلقة" كما يقول كير فينلايسون، رئيس وحدة المقترضين المنتظمين في شركة "نات-ويست ماركتس" (NatWest Markets) في لندن. ويستحوذ الاتحاد الأوروبي كذلك على الرقم القياسي في الطلب في أسواق الدين ككل، بإجمالي بلغ 145 مليار يورو من الطلب على أول طرح للسندات الاجتماعية خلال العام الماضي، بما يعكس طفرة الاهتمام بالاستثمار في أدوات أخلاقية.
اقرأ المزيد: التغير المناخي يهدد مستقبل سندات حكومات العالم
صفقة كبيرة لمديري الطرح
كانت صفقة كبيرة كذلك بالنسبة إلى مجموعة بنوك الاستثمار التي أدارت الطرح وهي "بنك أوف أميركا سيكيوريتيز"، و"كريديه أغريكول" و"دويتشه بنك" و"نومورا هولدينغز" و"تي دي سيكيوريتيز"، باعتبارها بنوكاً تتنافس على رسوم ترويج سندات الديون الأخلاقية التي تبلغ قيمتها نحو 1.2 تريليون دولار خلال العام الحالي. ولم يشارك في الطرح الأخير أكبر ثلاثة بنوك في ترتيب القروض الخضراء، وهي بنوك "جيه بي مورغان تشيس" و"بي إن بي باريبا" و"سيتي غروب".
في العادة، يكون الطلب على هذا النوع من أوراق الدين، مرتفعاً جداً، إذ إنه يعطي عائداً أخضر "غرينيوم" مقارنة مع السندات التقليدية. وقد تحددت الأسعار عند مستوى أقل بمقدار 8 نقاط أساس عن متوسط سعر المقايضة، بما يمثل تراجعاً عن مؤشرات أولية عند 5 نقاط أساس أقل من أسعار المقايضات.
ومعنى ذلك أنها حققت عائداً أخضر "غرينيوم" مقداره 2.5 نقطة أساس، وفق تصريحات مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الموازنة، يوهانس هان. وسوف يعتمد توقيت إصدار سندات خضراء أخرى على مختلف الاحتياجات والمطالبات المالية للدول الأعضاء.
قال هان في مؤتمر صحفي بعد بيع السندات: "لن أستبعد شيئاً في العام الحالي، لكنه قد لا يكون واقعياً".
سوف توجه حصيلة بيع السندات إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لإنفاقها على مجالات مثل كفاءة استهلاك الطاقة، والطاقة النظيفة، والتأقلم مع تغير المناخ. هذه العملية سوف يدققها المستثمرون الذين يتزايد وعيهم وانتباههم لعمليات الغسل الأخضر –حيث تتم المبالغة في الأثر الإيجابي للمشروعات والإجراءات– وكذلك تراقبها البنوك التي تتعرض لضغوط من الأجهزة التنظيمية والرقابية بشأن تعريف الأصول التي تراعي المعايير "البيئية والاجتماعية ومبادئ الحوكمة".
العوائد الخضراء
تؤدي الندرة النسبية لهذه القروض المستدامة غالباً، إلى تفوق أدائها على نظيراتها التقليدية في الأسواق. ويتوقع فلورتي ميرتن، محلل استراتيجي لدى بنك "إيه بي إن أمرو" في أمستردام، زيادة أكبر في العوائد الخضراء عند الاتحاد الأوروبي. وأوضح ميرتن: "يبدو أن أداء هذه السندات سيكون قوياً، وأعتقد بأن العائد الأخضر يمكن أن يرتفع إلى نحو 5 نقاط أساس".
مع ذلك، تعني الهرولة لبدء التمويل، أن طرح السندات جاء قبل أن تصادق الدول الأعضاء والمشرعون مصادقة فعلية على قواعد السندات الخضراء عند المفوضية الأوروبية، بما يهدد بتقويض هدفها بأن تجعل تلك القواعد مثل "قاعدة الذهب" بالنسبة إلى المقترضين في مختلف أنحاء العالم.
قالت المفوضية إن الديون الخضراء، سوف تلتزم بإطارها كلما كان ذلك معقولاً، وكذلك بالمبادئ واسعة الاستخدام التي تتبناها "الجمعية الدولية لأسواق رأس المال". وقد تمت مراجعتها من قبل طرف استشاري ثاني هو شركة "فيغيو إيريس" (Vigeo Eiris) للاستشارات البيئية والمجتمعية والحوكمة، وهي جزء من شركة "إي إس جي سولوشنز" (ESG Solutions) التابعة لمؤسسة "موديز".
قالت مايا غوديمر، محللة التمويل المستدام لدى "بلومبرغ إن إي إف": "كان على الاتحاد الأوروبي أن يتوصل إلى حل وسطي بين إلحاح إصدار أول سندات خضراء من ناحية، والانتظار حتى تصل النسخة النهائية من نظامه للتصنيف البيئي الذي يتعرض حالياً لحملات ضغط عنيفة، من ناحية أخرى. فإذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب في إثبات قوة وكفاءة خطة عمله في مجال الإصدارات الخضراء، ينبغي أن يستخدم إصداره القادم كاملاً في تمويل مشروعات تلتزم بمعايير نظام التصنيف البيئي".