بلومبرغ
ازدادت حدَّة الضغوط في المنطقة الشمالية لأوروبا بسبب تدهور مخزونها من المياه، تزامناً مع تفاقم أزمة الطاقة في القارة.
و تضاعفت أسعار الكهرباء في المنطقة الإسكندنافية خمس مرات خلال شهر سبتمبر مقارنةً مع الفترة نفسها في العام الماضي، وبات الجميع يعانون من هذه الزيادة في المصانع والمناجم، التي أصبحت في أمس الحاجة إلى الكهرباء، بالإضافة إلى الطلاب الذين يعانون من تغطية التزاماتهم، في حين ترتفع معدلات التضخم ارتفاعاً صاروخياً.
لا يستطيع الركن الشمالي في أوروبا أن يُحصِّن نفسه من مشكلة نقص إمدادات الغاز الطبيعي والفحم عالمياً، خاصة أنَّ تدهور مخزونات المياه يحرم المنطقة من أهم مصادر توليد الكهرباء، وتعتمد السويد في إضاءة المصابيح على محطة كهرباء عمرها 52 عاماً تعمل بالبترول، ويحاول مرفق محلي إقناع مستهلكي الكهرباء في القطاع الصناعي بتوفير الطاقة مع اقتراب موسم الطقس البارد.
قال ماتس بيرسون، رئيس قسم التداول لدى شركة "فورتم أويج" (Fortum Oyj) للطاقة: "إنَّ انخفاض مخزون المياه في الشمال إلى جانب تدهور مخزون الغاز الأوروبي أمر سيصنع أزمة كاملة الأركان، على رأسها يأتي ارتفاع أسعار الفحم والكربون. ومع مد أسلاك كهربائية جديدة في ألمانيا والمملكة المتحدة، بدأت التفاوتات الكبيرة في الأسعار التي عرفتها أوروبا تزحف إلى داخل منطقة الشمال".
معدلات منخفضة
بلغ مستوى المياه في النرويج أدنى معدل له في هذه الفترة من العام منذ أكثر من عشر سنوات. وفي حين سقطت بعض الأمطار خلال الأيام القليلة الماضية، كان الموقف في جنوب غرب البلاد سيئاً، كما أنَّ شركة تشغيل شبكة الكهرباء "ستاتنيت" (Statnett SF) أصدرت تحذيراً للتجار يقول، إنَّ ميزان الكهرباء بلغ درجتين على معيار من خمس درجات، إذ تعني تلك الدرجة حد الترشيد. ولدى هذه المنطقة من البلاد أعلى مستوى من طاقة التخزين، وترتبط مع ألمانيا والدنمارك، علاوةً على خطِّ جديد للأسلاك مع بريطانيا.
بلغ مستوى مِلء المياه 52.3% للأسبوع الذي بدأ يوم 20 سبتمبر في المنطقة، وهو أدنى مستوى منذ عام 2006 بالنسبة لهذه الفترة. ويثير هذا المستوى المنخفض القلق قبل أسابيع من نقطة التحول الحرجة التي يبدأ عندها احتياطي المياه في التدهور مع انتهاء فصل الخريف.
قال أندر غودستاد، نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الطاقة الكهربائية بشركة "أغدير إنيرجي" (Agder Energi): "في الظروف الطبيعية تمتلئ أحواض التخزين في هذه الفترة من العام، غير أنَّنا خلال شهري أغسطس وسبتمبر عانينا من ارتفاع قياسي في درجة الحرارة، وانخفاض شديد في سقوط الأمطار".
تحتل الأرقام المتعلِّقة بتوافر المياه الأهمية نفسها بالنسبة لأسواق الكهرباء التي تحتلها الأرقام الكلية المتعلِّقة بمستوى مخزون الغاز في أوروبا، التي يراقبها التجار هذه الأيام مراقبة الصقور للفريسة.
استهلاك مرن
أشار سيغبجورن سيلاند، كبير المحللين لدى شركة استشارات المياه "ستورم جيو نينا" (StormGeo Nena AS) إلى أنَّ كميات المياه الموجودة لا تكفي للتصدير سواء إلى القارة الأوروبية أو المملكة المتحدة. ويعتقد أنَّ بريطانيا وإيرلندا أكثر الدول التي ضربتها أزمة نقص الغاز العالمية، وتعاني من شحِّ الطاقة الكهربائية.
وأوضح أندرو جوستافسون، محلل لدى شركة "سكيلفتيا كرافت" السويدية أنَّ: "فكرة أن نكون مصدر الطاقة الخضراء لأوروبا قد انهارت وأخفقت هذا الشتاء". ويفترض "جوستافسون" في أسوأ سيناريو لارتفاع أسعار الطاقة، أنَّه يمكن أن يتسبَّب في إضعاف النمو الاقتصادي، إذ تبدأ الشركات في خفض إنتاجها.
تعتزم شركة توزيع الكهرباء السويدية "أوريساندس كرافت" (Oresundskraft AB) أن تطلب من بعض الشركات الصناعية من عملائها أن تتحلّى بالمرونة في استهلاكها. وقد يساعد ذلك على تخفيف أزمة الكهرباء في الجنوب، فقد كانت محطة الكهرباء التابعة لشركة "يونيبر" (Uniper SE) تعمل بكامل طاقتها وبانتظام في شهر سبتمبر.
من المتوقَّع أن يستمر تقلُّب الأسعار، وفقاً لما قاله ماتس جوستافسون، نائب الرئيس لشؤون الطاقة لدى شركة "بوليدن" السويدية للمناجم (Boliden AB)، لأنَّ هناك محطات نووية، فضلاً عن أخرى تعمل بالفحم والغاز تخرج من الخدمة. ووقَّعت الشركة مؤخراً عقداً جديداً طويل الأجل لشراء الكهرباء لصالح أحد أفرانها في النرويج.
وقال جوستافسون: "الخطير في الأمر هو أنَّ أدنى الأسعار يرتفع باستمرار، وهكذا فإذا حاولت أن تتحوَّط سوف تُدفع الأسعار لأعلى بكثير".