بلومبرغ
حذَّرت شركات من أن الأرباح لن ترقى لمستوى التوقعات عندما يتم الإعلان عنها خلال شهر. تشمل مجموعة الشركات، التي تضم كلا من "بي بي اندستريز" و"شيروين ويليامز"، منتجي مواد خام في الأساس، والذين عانوا وسط اضطرابات سلسلة التوريد. ورغم أنهم يشكلون جزءا صغيرا من مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، فإن أرباحهم طالما ارتبطت تاريخيا بجميع قطاعات المؤشر، حسبما أظهرت دراسة أجراها "بنك أوف أمريكا".
تأتي تحذيرات الأرباح في وقت يتباطأ فيه النمو الاقتصادي، ولا تتماشى فيه زيادات أسعار المنتجات والخدمات النهائية مع التوقعات، بينما تتزايد فيه ضغوط الأجور. وعندما يتم أخذ كل ذلك في الاعتبار، ستكون النتيجة تدهورا فيما يطلق عليه "بنك أوف أمريكا" "مؤشر بؤس الشركات"، وهو إشارة أخرى على أن زخم الأرباح المتزايد يمكن أن ينتشر في السوق الأوسع.
من شأن تلك التوقعات أن تسلب المضاربين على الصعود سببا رئيسيا وراء تجاوز الأسهم لكل شيء طرأ في السوق خلال الـ 18 شهرا الماضية، وهو قدرة الشركات الأمريكية على تحقيق نتائج أرباح مذهلة.
وقال جيفري كلاينتوب، استراتيجي الاستثمار العالمي الأول في "تشارلز شواب آند كو" (Charles Schwab & Co)، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "كانت المراجعات الصعودية للأرباح هي ما دعم الأسهم، وبالتالي التقييمات العالية.. وإذا بدأنا نحصل على بعض خيبة الأمل، مثلما حدث مؤخرا مع البيانات الاقتصادية، فإن ذلك سيضعف الداعم الأساسي للسوق".
تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 0.6% في الأيام الخمسة الماضية، في ثاني تراجع أسبوعي له على التوالي، لكن تراجعه يوم الجمعة كان الأسوأ في شهر، وفي المرة الأخيرة التي وصل فيها إلى أعلى مستوى على الإطلاق كان في يوم 2 سبتمبر، وتتناقض الفترة الصعبة الحالية مع وقت سابق من العام الجاري عندما ارتفع المؤشر إلى رقم قياسي كل أسبوع تقريبا.
السؤال الآن هو ما مقدار الربح الذي يتم تسعيره في السوق الحالي؟، فبافتراض تراجع نسبة السعر إلى الربحية بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" إلى متوسط الخمس سنوات البالغ 19.6، فإن هذا يشير إلى أرباح على مستوى المؤشر بقيمة 228 دولارا للسهم، لكن المحللين يتشككون، وخفضوا تقديراتهم للمرة الأولى منذ مارس، وتوقعوا توقف أرباح 2021 بالقرب من 200 دولار للسهم، وفقا للبيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرغ إنتليجنس".
صحيح أن عقبات سلسلة التوريد والضغوط التضخمية شهدت تزايدا العام الجاري، لكنها لم تشكل حواجز للشركات التي اتخذت كل التدابير لخفض التكاليف وتحقيق نتائج أعمال قوية، وخلال خمسة أرباع على التوالي، هزمت الأرباح التوقعات بنسبة 15% على الأقل.
نمو جيد
وقال جيم بولسن، من "ليوت هولد غروب" ( Leuthold Group)، إنه من المرجح أن يواصل المحللون لعب دور اللحاق بالركب بمجرد أن يبدأ موسم نتائج الأعمال، ويتوقع أن تكسب شركات "ستاندرد آند بورز 500" نحو 220 دولارا للسهم العام الجاري.
وأضاف "بولسن" في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" أن: "النمو يتباطأ بسبب متحول دلتا وعوامل أخرى، ولكننا لا زلنا ننمو بوتيرة جيدة للغاية عند 5% إلى 6% على الأرجح حاليا، وربما 4% و4.5% العام المقبل -- ولا تزال تلك المعدلات أعلى بكثير من أي شيء رأيناه في العقود القليلة الماضية.. عندما تكون الشركات الأمريكية في أفضل وضع من حيث الكفاءة، فقط اعطها نموا سريعا وسترتفع الأرباح بحدة".
لكن بالنسبة للمتشككين مثل سافيتا سوبرامانيان، الخبيرة الإستراتيجية في "بنك أوف أميركا"، فإن الدليل المتزايد على رياح معاكسة للأرباح أصبح من الصعب تجاهله، ويشير قادة الأعمال أنفسهم إلى توخي الحذر، لأن نسبة الشركات التي لديها توجيهات فوق إجماع المحللين مقابل تلك التي لديها توجيهات أقل من الإجماع قد انخفضت بشكل حاد من مستوى قياسي، وفقًا لبيانات الشركة.
بينما ركبت الشركات الأمريكية موجة التضخم وحققت أرباحا قياسية، يشير "مؤشر بؤس الشركات" الخاص ببنك أوف أميركا الآن إلى "بيئة تضخم سيئة" يمكن أن تضر بهوامش الربح، وأظهر المؤشر، الذي يقارن معدلات نمو الاقتصاد الحقيقي وأسعار المستهلكين مقابل نمو الأجور، ارتباطه بعلاقة وثيقة مع دورة الربح.
تآكل الربحية
وعبرت جينا مارتن آدامز، كبيرة استراتيجيي الأسهم في "بلومبرغ انتليجنس"، عن قلقها، مشيرة إلى أن الإجماع على تقديرات الهامش قد انخفض بالنسبة لـ140 شركة في مؤشر "ستاندرد بورز 500" خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو ما يقود إلى تفاوتٍ في العوائد بين الأسهم، وبشكل أعم، شهدت الشركات التي انخفضت تقديرات هامشها تراجعا في أسهمها بنحو 1% في المتوسط، وذلك يتباين مع مكاسب بنسبة 5% لأولئك الذين لديهم توقعات بارتفاع هوامش الربح.
الأمر الأخطر هو أن وصول توقعات الأرباح للذروة شوّش على أربعة من أكبر التراجعات لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" خلال العقد الماضي، بما في ذلك واحد العام الماضي، حسبما أظهرت دراسة "بلومبرغ انتليجنس".
وكتبت مارتن آدامز في مذكرة: "التوقعات على المدى الأطول طالما كانت أعلى، إذ يرى المحللون ضغوط الأرباح مؤقتة إلى حد كبير، لكن استمرار الارتفاع في أرقام التضخم يهدد بتآكل ربحية الشركات"، وقال: "إذا تحول التراجع في توقعات أغسطس إلى هبوط صريح، فمن المرجح أن يقود ذلك إلى انخفاض في السوق ككل".