بلومبرغ
دافع كبار مسؤولي الجهات التنظيمية في الصين، عن حملتهم الصارمة على قطاعات متنوعة، وذلك في اجتماع مع المديرين التنفيذيين في وول ستريت، مع طمأنتهم بأنَّ القواعد الأكثر صرامة، لا تهدف إلى خنق شركات التكنولوجيا أو القطاع الخاص.
قال نائب رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، فانغ شينغاي، إنَّ الإجراءات الأخيرة كانت لتعزيز اللوائح الخاصة بالشركات التي لديها منصات موجهة للمستهلكين، بهدف تحسين خصوصية البيانات والأمن القومي، وفقاً لما ذكره شخص مطَّلع على المحادثات، طلب عدم الكشف عن هويته، لأنَّ تفاصيل الاجتماع لم تكن معلنة.
وخلال الاجتماع، دافع فانغ عن التحرُّكات التي تقوم بها الصين، مثل القواعد التي تستهدف قطاعات التعليم والألعاب، بهدف تقليل الاضطرابات الاجتماعية.
اقرأ أيضاً: باسكال لامي: الحملة القمعية على التكنولوجيا قد تؤثر سلباً على نمو اقتصاد الصين
كبار صانعي سياسات الصين يلمحون لحل عقدة تدقيق مع الولايات المتحدة
يأتي الاجتماع في الوقت الذي يشعر فيه المستثمرون العالميون بالقلق من الهجوم التنظيمي من بكين، الذي استهدف أكبر شركات التكنولوجيا والصناعات الأخرى، بالإضافة إلى دفع الرئيس الصيني شي جين بينغ لاستراتيجية "الرخاء المشترك" (common prosperity).
وتتسبَّب تلك الحملة في تعريض المليارات من الدولارات من الأرباح المحتملة للخطر في "وول ستريت"، بعدما فتحت الصين أسواقها المالية أمام البنوك الاستثمارية، ومديري الثروات والأموال.
الاجتماع الذي استمر لنحو ثلاث ساعات بين الصين والولايات المتحدة يوم الخميس، ضمَّ رئيس بنك الشعب الصيني، والمسؤولين التنفيذيين من مجموعة "غولدمان ساكس"، وشركة "سيتاديل" (Citadel)، وغيرها من الشركات الفاعلة في "وول ستريت"، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على المحادثات.
ويعدُّ الاجتماع بمثابة استئناف للمائدة المستديرة التي عقدت للمرة الأولى في سبتمبر 2018.
قال فانغ للمشاركين، إنَّ التدقيق المتزايد على الشركات الصينية لا ينبغي تفسيره على أنَّه عزل لتلك الشركات عن الولايات المتحدة أو الأسواق المالية الدولية. وأضاف أنَّ بكين تظلُّ ملتزمة بالتكنولوجيا.
لم تردّ لجنة تنظيم الأوراق المالية على الفور على استفسار بالفاكس للحصول على تعليقات يوم السبت، وهو يوم عمل في الصين.
أدت حملة بكين التنظيمية إلى محو 1.5 تريليون دولار من قيمة الأسهم الصينية، وسط عمليات بيع قياسية واسعة النطاق، إذ فقدت مجموعة الألعاب "تينسنت هولدنغ" (Tencent Holdings) المدرجة في هونغ كونغ الأسبوع الماضي، مكانتها بين أكبر 10 شركات في العالم من ناحية القيمة السوقية، وتسبَّبت تلك التراجعات في خروج الشركات الصينية كافةً من القائمة للمرة الأولى منذ عام 2017، في حين هبطت أسهم مجموعة "علي بابا"، ثاني أكبر الشركات في الصين من ناحية القيمة بعد شركة "تينسنت"، بنسبة جاوزت 30% منذ بداية العام.
اقرأ أيضاً: بعد هروب 1.5 تريليون دولار.. أسهم التكنولوجيا الصينية في "مهب الريح"
قال مجلس الدولة الصيني -مجلس الوزراء- في يوليو، إنَّ قواعد الإدراج في الخارج ستتمُّ مراجعتها، وسيكون هناك المزيد من الرقابة التنظيمية على الشركات التي تتداول في الأسواق الخارجية.
ويفكر صانعو السياسة في الصين أيضاً، في إجراء تدقيق قانوني أكثر صرامة على هيكل الشركات "الرمادية"، وهو هيكل تستخدمه شركات التكنولوجيا الصينية بشكل شائع للبحث عن الإدراج في الخارج، فقد عمدت الصين إلى إجراء بعض التعديلات بالفعل. وزادت تلك القيود من مخاوف المستثمرين بشأن الفصل المالي الأعمق بين أكبر اقتصادين في العالم.
أشار لاري فينك من شركة "بلاك روك" خلال الاجتماع، إلى حاجة الصين إلى ضمان اتساق سياسة الحكومة طويلة المدى، بما في ذلك الشفافية لبناء الثقة، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على الأمر. ورفض ممثِّل "بلاك روك" التعليق.
كان فينك أيضاً من بين أعضاء الوفد الأمريكي الذين أثاروا مسألة حاجة الصين إلى إنشاء شبكة أمان مالي لسكانها المسنّين، لضمان رعاية اقتصادية جيدة عند تقاعدهم، على حدِّ قول المصادر.
ووفقاً للبيانات السكانية الأخيرة في الصين؛ فقد ارتفع عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر بنسبة 47% خلال العقد الماضي إلى 260 مليوناً، أي أكثر من 18% من إجمالي عدد سكان الصين، ومن المتوقَّع أن يتضاعف إلى ما يقرب من 500 مليون بحلول عام 2050.