بلومبرغ
في الأيام الأولى من تأسيس شركة التسويق عبر البريد الإليكتروني "ميل تشيمب" (Mailchimp)، تَلقَّى مؤسسها بن تشيستنات تحذيراً من مستثمرين في رأس المال المخاطر بأن الشركة ستنهار فوراً إذا لم يقبل منهم النصيحة والتمويل.
قال تشيستنات عبر "زووم": "كثير منهم يقذف رمية اللاعب الأخير، وهي دائماً تنطوي على ما يشبه التهديد، مثل مندوب يروّج وثائق التأمين: سوف تموت. وكانوا دائماً يطرحون سيناريوهات متشائمة ومحبطة".
طريق آخر للنجاح
مع لجوء بعض نظرائه إلى رأس المال المخاطر، تساءل تشيستنات البالغ من العمر 47 عاماً، عما إذا كان يسلك طريقاً خاطئاً بعدم اتباعه الطريق المعتادة والمطروقة لرواد الأعمال، غير أنه كان يشعر أن المستثمرين المحتملين لا يُبدون فهماً لرؤيته في دعم نموّ الشركة الصغيرة.
وبدلاً من أن يستمع ويستجيب للنبوءات المتشائمة، قرر في نهاية المطاف أن يعتبرها استفزازاً يدفعه إلى العمل: "مثل، إذن أنت تعتقد أنني لن أنجح؟".
بعد مرور ما يقرب من 20 عاماً رفض خلالها دخول مستثمرين من الخارج في الشركة، التي اتخذت مقرها في أتلانتا، باع تشيستنات وزميله في تأسيس الشركة دان كورزيوس، 49 عاماً، منصة التسويق الأوتوماتيكية مقابل 12 مليار دولار لشركة البرمجيات "إنتويت" (Intuit Inc)، التي طوّرت برامج "تربو-تاكس" و"كويك-بوكس".
مرحلة جديدة
قال تشيستنات إن الصفقة بالنسبة إليه ليست مجرد العائد النقدي الذي حصل عليه، بل بداية لفصل جديد سوف يدعم منصة "كويك-بوكس" المحاسبية التي تساعد الشركات على تنفيذ نشاطها.
وقد سدّدَت شركة "إنتويت" له ولزميله كورزيوس أموالاً في صورة أسهم بها، وأعطت كلّاً منهما ثروة تعادل نحو 5 مليارات دولار (وهي تقترب من ثروة الشريك المؤسس في "إنتويت" سكوت كوك).
قال تشيستنات، الذي سوف يستمرّ في قيادة فريق "ميل تشيمب": "سأواصل العمل الذي كنت أؤدّيه دائماً، أن أجلس هنا أمام الكمبيوتر وأطوّر أدوات عظيمة. ولا أعتبر ذلك تخارجاً على الإطلاق، بل إعادة تموين طائرة مقاتلة جوّاً بالوقود".
تربي تشيستنات في منطقة قريبة من أوغوستا بولاية جورجيا، وأمضى بعض الوقت في طفولته في مساعدة أمه في صالون شعر كانت تديره من مطبخ العائلة.
وقد درس الفيزياء في جامعة جورجيا، ثم انتقل إلى "معهد جورجيا للتكنولوجيا"، حيث ركّز على تصميم مواقع الإنترنت.
التزلج وتشغيل الموسيقى (DJ)
من ناحيته، عمل كورزيوس مشغّلاً للموسيقى المسجلة (DJ) ومتزلجاً بلوحة التزلج قبل أن يبدأ مشروعا لتصميم مواقع الإنترنت مع تشيستنات تحت اسم "روكيت ساينس غروب". وقد استخدما تعويضات حصلا عليها من وظائف تصميم على الإنترنت ليبدآ نشاطهما، حسب تشيستنات.
غير أن المؤسسين اكتشفا بسرعة أن عملاءهما يواجهون صعوبة في إرسال نشراتهم البريدية. فسارعا إلى استخدام أكواد من منتج لم ينجحا فيه لتصميم بطاقة معايدة رقمية، وطوّعاها لإطلاق منصة "ميل تشيمب" عام 2001.
حقّق المنتج الهامشي نمواً، وبدأ اختبار استراتيجيات تسعيره، مثل طريقة الدفع المسبق قبل التثبيت، أو نظام الدفع الشهري الذي جعلهما أكثر قدرة على توقع الإيرادات. وتحقق الاشتراكات حالياً الجانب الأعظم من الإيرادات التي تبلغ 800 مليون دولار.
مليار رسالة
ترسل الشركة حالياً مليار رسالة إلكترونية كل يوم من أيام الأسبوع، ومع تطور الشركة تطورت علامتها التجارية التي اتخذت صورة الشمبانزي.
تميمة "فريدي" تستقبل مستخدمي التطبيق عند إرسالهم حملة تسويق مرحّبة بهم وراحة يدها إلى أعلى مع استخدام قبعات القرد المغزولة وتعليقها خلال الحفلات التي تنظمها الشركة.
يقول جيفري كورنوال، أستاذ ريادة الأعمال في "جامعة بلمونت"، إن موسّسَي "ميل تشيمب" استطاعا أن يسيطرا على نشاطهما بلا اعتماد على رأس المال المخاطر، ولكنهما أيضاً منحا نفسيهما الوقت الكافي لاكتساب المهارة في المراحل الأولى عند اختبار نموذجهما.
وأضاف: "تفترض شركات كثيرة أن عليها أن تجمع أموالاً، وقد لا تحتاج إلى ذلك".