عادت نقشة المربعات من "بربري" إلى الموضة، إلا أنَّ مغادرة الرئيس التنفيذي للشركة أصبحت أكثر ما تلقي بثقلها على العلامة التجارية البريطانية الفاخرة.
فعلى الرغم من أنَّ مجموعة "بربري" أعلنت يوم الجمعة الماضي عن تحسُّن في المبيعات، إلا أنَّ قرار رئيسها التنفيذي، ماركو غوبيتي، ترك منصبه للانتقال إلى الشركة الإيطالية المنافسة الأصغر حجماً "سلفاتوري فيراغامو"، يهدد بانهيار التحسُّن الذي تحقَّق مؤخَّراً.
قفزة المبيعات
كان "غوبيتي" قد وضع نصب عينه هدفاً تضمَّن رفع شأن الشركة من مجرَّد علامة فاخرة إلى مصافي أعلى مراتب الترف.
وبالفعل، تمكَّن "غوبيتي" من تحقيق استقرار في الشركة منذ أن انضمَّ إليها في يوليو عام 2017، وقد ظهر ذلك من خلال ارتفاع المبيعات في المتاجر نفسها بنسبة 90% خلال الأشهر الثلاثة الماضية الممتدة حتى 26 يونيو، مقارنة مع الفترة عينها من العام الماضي، مما يتجاوز توقُّعات المحللين، لدرجة أنَّ المبيعات تجاوزت بشكل طفيف مرحلة ما قبل الوباء.
تصميمات عصرية
ضمَّ "غوبيتي" مصمماً جديداً، هو ريكاردو تيتشي، ووضع الأسس لتحويل "بربري" إلى ماركة فائقة الترف، فبنى خطَّ حقائب اليد، وأضفى طابعاً عصرياً على معاطفها المميزة، ووسَّع خطَّ الأحذية، ليشمل الأحذية الرياضية.
كما أنَّه توقَّف عن بيع منتجات الماركة في المتاجر العادية، وخفَّف من الخصومات الخاصة.
إلى ذلك، أصبحت "بربري" قريبة أكثر إلى المتسوقين من جيل الألفية، والجيل "زد" بفضل أزياء الشوارع التي تطرحها في السوق بإصدارات محدودة.
فلم يعد من المفاجئ مشاهدة الشباب في لندن يرتدون نقشات المربعات البنية، والسوداء، والحمراء، والبيضاء، التي تتميَّز بها "بربري"، إلى جانب الماركات الأخرى، مثل "غوتشي"، و"بالنسياغا".
حُلة جديدة
مع ذلك، ما تزال الماركة البريطانية تفتقر للبريق نفسه الذي تتمتَّع به "غوتشي"، بالإضافة إلى نمو المبيعات، وتوسُّع الهامش في السوق الذي كانت "غوتشي" قد حقَّقته بعد بضع سنوات فقط من إطلاق شركتها الأم "كيرينغ" مسيرة التحوُّل في الماركة في عام 2015.
وبالفعل؛ فإنَّ العمل على حلَّة "بربري" الجديدة لم ينتهِ بعد. مثلاً، لا بدَّ من متابعة العمل حتى يحقق خطّ حقائب اليد كامل الإمكانيات المرجوة منه، إذ تعدُّ حقائب اليد واحدة من أهم محرِّكات البيع والأرباح لدى الماركات الفاخرة الأخرى.
رئيس تنفيذي جديد
عرقل الوباء تقدُّم "بربري". وحالياً مع خروجها من الأزمة، تجد الشركة نفسها مضطرة للبحث عن رئيس تنفيذي جديد.
ونظراً إلى مسار التحوُّل الذي حقَّقته؛ فإنَّ استراتيجية الرئيس التنفيذي المقبل يجب أن تتماشى مع الخطوط العريضة لخطة "غوبيتي"، على الرغم من أنَّ ذلك قد يشكِّل رادعاً للمرشحين الذين سيرغبون في وضع بصمتهم على "بربري".
والأهم من ذلك، هو مدى الانسجام الذي سينشأ بين الرئيس التنفيذي الجديد و"تيتشي" الذي كان قد عمل سابقاً مع "غوبيتي" في ماركة "جيفنشي" التابعة لمجموعة LVMH، وانضمَّ إلى "بربري" في مارس 2018.
فمن ناحية الاستمرارية، يشهد تاريخ "تيتشي" على بقائه في منصبه في "جينفشي" لأكثر من عقد من الزمن بعد أن انتقل "غوبيتي" إلى ماركة "سيلين" التابعة لـLVMH – مويت هنسي لوي فيتون.
فعلاقة "تيتشي" مع الرئيس التنفيذي الجديد ستكون حاسمة لتحديد ما إذا سيبقى المصمم لفترة طويلة في "بربري".
شعار جديد
في البداية، شكَّكت بصوابية تعيين "غوبيتي" لـ "تيتشي" الذي يقدِّم أسلوباً جمالياً يمكن وصفه بأنَّه يقع في النصف ما بين المصممة السابقة لدى "سيلين"، فيبي فيلو، وثورة الموضة التي أحدثها أليساندرو ميشال في "غوتشي".
مع ذلك؛ فإنَّ تبني التغيير في الإدارة الإبداعية عند هذا المنعطف الحساس سيكون أمراً مفيداً.
وعلى هذا الصعيد، بذلت الشركة الكثير من الجهد لابتكار شعار جديد، وتصميم "مونوغرام تيتشي" المتداخل من حرفيِّ "تي"، و"بي" الذي يزين اليوم كل منتجات الماركة من البلوزات إلى حواجب الشمس.
مهمة أسهل
في "فيراغامو"، لن يضطر "غوبيتي" لبذل مجهود كبير كما في "بربري". إذ سيركِّز المدير التنفيذي السابق في LVMH على تجديد اسم شركة ذات إرث متجذِّر ضلَّت طريقها، ولكنَّها ماتزال راسخة كعلامة مترفة.
مع ذلك، لن تكون مهمته سهلة؛ فهي ستتطلَّب إدارة إبداعية متجددة وسياسة تسويقية موجهة إلى جيل الألفية.
إلا أنَّ شركة "فيراغامو" توازي نصف حجم "بربري"، وهي تحت قيادة جهة مساهمة واحدة مسيطرة. بالتالي، لن يكون "غوبيتي" مضطراً للامتثال إلى قاعدة واسعة من المستثمرين.
تربص شركات الأسهم الخاصة
من المهم جداً أنْ تحسن "بربري" اختيار رئيسها التنفيذي الجديد، وأن تصيب في عملية تجديد نفسها.
فهي عرضة للموجة المالية السائدة حالياً؛ إذ تتربَّص شركات الأسهم الخاصة بالمؤسسات البريطانية التي تنخفض قيمتها.
يُذكر أنَّ معدل السعر إلى الأرباح الآجلة لدى "بربري" أقل مما هو لدى منافسيها الأكبر حجماً.
وإذا ما استثنينا إيجارات المتاجر، يصل صافي النقد الذي سجَّلته "بربري" في بيان ميزانيتها إلى حوالي مليار جنيه إسترليني.
تعافي العلامات الفاخرة
وكانت تكتلات العلامات الفاخرة مثل (LVMH)، و"كيرينغ"، و"سي فينانسيير ريشمونت" التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة تتجاوز الضعف في الربع الأول من السنة المالية، قد حقَّقت جميعها تعافياً أقوى بعد الوباء، ولديها ميزانيات أقوى.
وفي هذا الصدد، قالت "كيرينغ"، إنَّها سوف تمنح الأولوية لتحقيق النمو الذاتي، ولكنَّها لم تستبعد عقد صفقات. فسجل الشركة الحافل بإعادة الحياة لماركات متعثِّرة، وليس فقط "غوتشي"، بل هناك أيضاً "بوتيغا فانيتا" مؤخراً، وهذا يضعها في موقع ممتاز للاستحواذ على "بربري".
إذاً، في حال لم تتعامل "بربري" مع خروج "غوبيتي" بسلاسة؛ فإنَّ جهة أخرى قد ترغب في متابعة ما بدأه.