يخت فخم في دبي بـ 353 مليون يتصدر مشهد أكبر قضايا الطلاق في لندن

time reading iconدقائق القراءة - 9
يخت \"لونا\" البالغ قيمته بـ353 مليون دولار. - المصدر: بلومبرغ
يخت "لونا" البالغ قيمته بـ353 مليون دولار. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في صلب أكبر مواجهة مالية تشهدها محاكم الطلاق في لندن، يقف يخت فخم وراء المشهد.

يحمل هذا اليخت اسم "لونا" ويبلغ طوله 115 متراً، ويضم تسعة طوابق. فيما يرسو في أحد موانئ دبي في الوقت الحالي.

ويعتبر يخت "لونا" الأكبر والأغلى بين أصول الشركات التابعة لقطب قطاع النفط والغاز، فرهاد أحمدوف الذي كان قد اشترى المركب من مواطنه الملياردير الروسي رومان إبراهيموفيتش.

وهذا اليخت حالياً هو الصيد الثمين الذي تستهدفه تاتيانا أحمدوفا، زوجة فرهاد السابقة لمدة 21 عاماً. وتقدر قيمة اليخت بـ250 مليون جنيه إسترليني (353 مليون دولار)، وبالتالي فإن استحواذها عليه سيسهم بشكل كبير في تنفيذ الأمر الصادر عن محكمة لندنية، والذي يقضي بحصولها على 450 مليون دولار في دعوى الطلاق.

صعوبة التطبيق

ولكن تاتيانا بدأت تكتشف أن الأمر لن يكون بهذه السهولة. ففي ظلّ العقبات التي توقف محادثات تسوية الطلاق، لجأت هي إلى خوض معاركها في مناطق قضائية متعددة من دبي إلى ليختنشتاين وحتى جزر المارشال. إذ تظهر المطاردة المالية التي تقودها أن الحكم الصادر عن محكمة في لندن، قد يظلّ حبراً على ورق حين يتعلق الأمر بشخص قادر على نقل أصوله حول العالم، وهو مصمم على عدم تنفيذ الأمر القضائي.

وكان فرهاد قد أعلن في السابق أنه سيفعل كلّ ما بوسعه لمنع زوجته السابقة من وضع يدها على ثروته.

وتلقي هذه الدعوى الضوء على كيفية تمكن الأثرياء حول العالم من حماية أصولهم من خلال ثغرات التحكيم التنظيمي، وإحداث مواجهة بين ولاية قضائية وأخرى، وإنشاء صناديق ائتمان تفتقر للشفافية، بالإضافة لنقل الملكيات.

وبعد عقد القضية الأخيرة في لندن خلال الشهر الماضي، في دعوى تتعلق بابن الثنائي، تيمور، البالغ من العمر 27 عاماً، والذي تزعم تاتيانا أن أباه نقل أصولاً لاسمه، قال فرهاد إن القضية "دون مستوى الاهتمام، ولا يمكنها تغيير أي شيء". إلا أن نبرة الابن كانت أكثر تسامحاً، وقال ناطق باسمه إنه لم يسع قط لأخذ طرف مع أحد والديه ضدّ الآخر.

ويذكر أن تاتيانا وفرهاد التقيا في عام 1989، وتزوجا بعد ذلك بأربع سنوات وانتقلا إلى لندن حيث تعيش تاتيانا مع ولديها منذ ذلك الحين. وقد انتهى زواجهما رسمياً في نهاية عام 2014.

قضايا متعددة

وفي عام 2016، منح قاض في لندن تاتيانا 41% من أصول فارهاد، وقد وصف الأخير الحكم القضائي بغير الشرعي، ثمّ انتقل للعيش في روسيا. وقال في رسالة نصية إلى ابنه في شهر مارس من ذلك العام: "أفضّل أن أحرق المال على أن أعطيه لها".

وكان فارهاد المولود في أذربيجان قد حقق معظم أمواله من بيع حصته في شركة روسية لإنتاج الغاز في نوفمبر عام 2012، مقابل 1.4 مليار دولار، إلا أن الملياردير رفض تسديد أي أموال ناجمة عن الطلاق. ما اضطر تاتيانا لرفع دعاوى قضائية في تسعة أماكن مختلفة على الأقل.

ومنذ صدور الحكم الأول، يؤكد فارهاد أن زوجته تتصرف بسوء نية، وأنها تخضع لسيطرة شركة التقاضي "بورفرود كابيتال" التي تموّل دعاويها القضائية، متهماً الشركة بأنها صاحبة القرار الأساسي وأنها "تقوم بمطاردة عقيمة له حول محاكم العالم" بالنيابة عنها، وهو ما نفته شركة "بورفورد". وقد رفضت الشركة التعليق على القضية.

وكان الزوجان السابقان قد ناقشا اتفاق تسوية، حيث يتعهد فارهاد بدفع 100 مليون دولار لتاتيانا، و15 مليون دولار لشركة "بورفورد"، بحسب مصادر مطلعة. إلا أن المحادثات انهارت، ما دفع تاتيانا لمتابعة مساعيها القضائية.

وحتى الآن، تمكنت تاتيانا من الاستحواذ على طائرة مروحية في جزيرة مان تساوي نحو 6 ملايين دولار، وهي في صدد وضع يدها على طائرة خاصة كذلك. وقد واجهت مساعيها عدة عوائق مع تغير ملكية الأصول باستمرار، وانتقالها من صلاحية قضائية إلى أخرى.

يخت "لونا"

وخلال فترة المحاكمة، انتقلت معظم ثروة العائلة من اسم فارهاد إلى صناديق ائتمانية في ليختنشتاين. وتم وضع تحف فنية تقدر قيمتها بـ140 مليون دولار، بينها لوحات لأندي وارهول ومارك روثكو في قبو ضخم، يطلق عليه اسم "دار الكنز" في ذات الدولة الأوربية الصغيرة.

ومع ذلك، لا يزال يخت "لونا"، مع طاقمه المؤلف من 50 شخصاً، يرسو منذ أكثر من عامين في دبي، وبات يعتبر صلب معركتهما الأكثر شراسة. ومن حين إلى آخر، يستخدم فارهاد وتيمور اليخت الذي يعتبر بين اليخوت الفخمة القليلة في العالم، والمزودة بهياكل من الصلب مصممة لاختراق الجليد.

وبحسب محامي تاتيانا، تغيرت ملكية يخت "لونا" أربع مرات حتى الآن. وحصل ذلك أحياناً في غضون ليلة وضحاها. ويزعم المحققون الذين يعملون لصالح تاتيانا أنهم وجدوا حوالة مصرفية مشبوهة في عام 2018، في نفس الوقت الذي حصلت فيه على أمر تجميد طارئ بحق الصندوق الائتماني في ليختنشتاين، المالك لليخت.

وأفاد محامو تاتيانا أنه تم تحويل 65 ألف دولار من حساب فارهاد الشخصي إلى شركة بحرية في دبي من أجل استخدام زورق كبير لسحب اليخت.

وبحسب المحامين، بدا للحظة وكأن الملياردير المحاصر في صدد تهريب اليخت. إلا أن متحدثاً باسم فارهاد أكد أن الدفعة كانت ببساطة من أجل قطر اليخت إلى حوض جاف لإجراء بعض أعمال الصيانة عليه.

وكانت تاتيانا قد واجهت صعوبات في إقناع محاكم أخرى بالاعتراف بالأحكام الصادرة في لندن. فقد رفضت المحاكم المحلية في دبي قرار المحكمة في لندن المتعلق بالنزاع الزوجي، وذلك بعد أن تحجج فارهاد أن الحكم لا ينسجم مع أحكام الشريعة. كما قال قاض في لندن: "من المستحيل تطبيق أحكام إنجليزية في ليختنشتاين".

ولكن بالنسبة لتاتيانا، فإن الحكم القضائي الأكبر لصالحها ربما صدر في سلسلة جزر صغيرة تبعد آلاف الأميال في المحيط الهادئ.

فالسفن ملزمة بالخضوع لقوانين البلد الذي ترفع علمه، ويخت "لونا" يرفع علم جزر المارشال. وكانت محكمة محلية هناك قد أصدرت حكماً لصالح تاتيانا في وقت سابق هذا الشهر، يتيح لها أن تصبح المالكة الجديدة لليخت.

واستندت المحكمة إلى "نمط سلوكي" يتبعه فارهاد كأساس للحكم لصالح زوجته السابقة. واعتبرت أن الخطوات التي اتخذها الملياردير، وكذلك الصندوق الائتماني في ليختنشتاين هدفهما "عرقلة وتأخير وتجنب تسديد الأموال بموجب الأحكام الإنجليزية".

وقد رفض متحدث باسم فارهاد الحكم، قائلاً :"لا يوجد أي رأي قانوني موثوق يفيد أن الحكم سيؤدي إلى نقل الملكية قسراً".

معركة مستمرة

ويترك ذلك القرار يخت "لونا" يرسو في الميناء، ويخسر تدريجياً من قيمته. ويقدّر أحد السماسرة أن تكون قيمة المركب قد تراجعت إلى 110 ملايين دولار.

وقد عيّن جانب تاتيانا شركة لاسترداد الأصول مدعومة من عملاء عسكريين سابقين، وهو ما منح مادة دسمة لصحف الفضائح البريطانية لتسهب في الحديث عن مداهمات قامت بها قوات خاصة على اليخت، إلا أن تاتيانا تحتاج في نهاية المطاف للحصول على المساعدة من المحاكم المحلية في الإمارات.

وقال جيمس باور، محامي تاتيانا الأمريكي الذي كان قد تولى قضيتها في جزر المارشال: "نحن المالكون، وعلى محاكم دبي أن تعترف لنا بذلك"، وأضاف: "سيتعين عليهم بذل جهد مضن جداً لتجاهل هذا الواقع".

ويعد باور، واحد من عدة محامين من شركة التقاضي "بورفورد كابيتال"، التي ستحصل على 30% من أي أصول يتم استرجاعها مقابل تمويلها المساعي القضائية، بحسب أوراق المحكمة. وكانت الشركة قد دفعت 18 مليون جنيه إسترليني في إطار الدعوى حتى العام الماضي.

وكانت الأموال التي توفرها "بورفرود" قد مكنت تاتيانا من مقاضاة ابنها تيمور أمام محكمة في لندن كي تستحوذ على أصول محلية هناك، بينها شقته الفخمة المطلة على "هايد بارك".

وقد أمر القاضي تيمور، بدفع 100 مليون دولار لوالدته بسبب قيامه "بكل ما يستطيع" لمنعها من الحصول على أموال الطلاق الموافق عليها من المحكمة.

وعلّق متحدث باسم تيمور على الحكم قائلاً: "على الرغم من أنه يختلف تماماً مع هذا الحكم، إلا أنه يعتبره ثمناً يستحق دفعه إذا كان سيؤدي إلى تسوية منطقية بين والديه اللذين يحبهما".

إلا أن هذا الحكم أثار غضب فارهاد. وقال في بيان: "شركة بورفورد انطلقت في جولة بالغة التكلفة حول محاكم العالم من أجل الاستحواذ على أصول مني ومن صناديق الائتمان العائلية".

حالياً، لا تزال الجائزة الكبرى، هي يخت "لونا"، الذي لا يزال بيديْ فارهاد، ولكن محامي تاتيانا لم يفقدوا الأمل. وقال باور أخيراً: "يمكن لأصحاب المال تأخير الأمور، ولكن دائماً ما يتم اتمامها في النهاية".

تصنيفات

قصص قد تهمك