بلومبرغ
قد يكون الحدث السينمائي الأكثر سحراً في العالم، لكن ما يحدث وراء الكواليس في مهرجان "كان" السينمائي يكاد يكون أكثر أهمية.
وتعد طقوس السجادة الحمراء ومعركة السعفة الذهبية عيار 18 قيراط، عرض جانبي لمعظم المشاركين الذين يبلغ عددهم 40 ألفاً، والذين عادة ما يأتون إلى هذه المدينة على البحر الأبيض المتوسط.
إنهم يشاركون في أعمال جدّية، كإبرام صفقات التوزيع بين عمليات الفحص وتملق المفوضين، لتوقيع الشيكات التي تحافظ على بقاء مجموعة شركات الإنتاج في الصناعة.
ضرورة عقد المهرجان رغم تزايد الإصابات
لذلك يتعرض المنظمون لضغوط شديدة للوفاء بتعهدهم بعقد التجمع في يوليو، حتى في الوقت الذي تكافح فيه فرنسا المضيفة، زيادة أخرى في أعداد المصابين بفيروس كورونا، وتزايد عدد الوفيات بعد بداية فاشلة لحملة التطعيم.
وتراجعت استثمارات الأفلام في فرنسا بنسبة 30% العام الماضي، وانتقدت شخصيات الصناعة الحكومة، لإبقاء دور العرض مغلقة، بينما سُمح بإعادة افتتاح المحلات التجارية.
وتركت الإغلاقات إريك لاجيسي، كبير المديرين التنفيذيين لشركة التوزيع "بيرميدز فيلمز"، مع أكثر من 300 عنوان على الرف.
أقيم آخر مهرجان كامل في كان في مايو 2019، ولدى لاجيسي، الآن 12 فيلماً في انتظار عرضها.
وأوضح أنه من المرجح أن يحصل على صفقات لنوع أفلام الفن الذي تخصص فيه عند لقائه بأشخاص وجهاً لوجه. وكلما طال انتظاره، أصبح بيعها أكثر صعوبة.
وأضاف لاجيسي: "عندما يكون لديك أفلام قديمة لم تتمكن من إصدارها، يصبح الأمر معقداً. إنه وضع صعب لصانعي الأفلام، الذين ينتظر بعضهم منذ أكثر من عام".
إبرام الصفقات
وينظم منظمو المهرجان عروض أفلام افتراضية قبل أسبوعين من الحدث الرئيسي لمساعدة الصناعة في إبرام بعض الصفقات المبكرة.
وقال المدير التنفيذي للسوق، جيروم بيلارد، لبلومبرغ: "نبذل قصارى جهدنا لنتمتع بالمرونة، لأننا ندرك أن الناس قد لا يتمكنون من اتخاذ قرارات حتى اقتراب الموعد في شهر يوليو".
لا يزال المهرجان الواقعي "حيوياً" بالنسبة لبول ريد، مدير عمليات الاستحواذ في "بيكتشر هاوس إنترتينمنت"، التي تعود ملكيتها لـ"سين وورلد"، ثاني أكبر سلسلة سينمائية في العالم.
عندما اختار فريق "بكتشر هاوس" فيلم "نيفر غانا سنو" (Never Gonna Snow) لمالغورزاتا شوموسكا مرة أخرى في مهرجان البندقية السينمائي في سبتمبر الماضي، يعود جزئياً إلى إمكانية تواجدهم هناك شخصياً.
وقال ريد: "هذا بالضبط ما تأتي به المهرجانات المادية إلى الطاولة - أفلام مثيرة وظروف كاملة ومناسبة لاتخاذ قرار بالمجازفة في عمل جديد جريء".
ونجح المدير التنفيذي المخضرم في الصناعة دانيال باتسيك، مدير "فيلم 4" (Film4)، في بيع فيلم ريبيكا هول الأول "باسينغ" (Passing) - وهو نجاح حاسم، والفيلم من بطولة تيسا تومبسون، وروث نيغا – إلى "نيفلكس" في مهرجان "سندانس" السينمائي الافتراضي هذا العام.
ومع ذلك، بالنسبة لباتسيك، فإن الأسواق عبر الإنترنت تفتقر إلى الأجواء والتجربة المشتركة، وتجعل من الصعب استكشاف المواهب الناشئة.
وقال: "أتوق إلى العودة إلى المهرجانات التي يمكن حضورها شخصياً، ومهرجان (كان) قبل كل شيء تقريباً، بسبب النطاق الهائل لها، والملفات الذي تخلقها للأفلام، وصناعة الأفلام في جميع أنحاء العالم".
مركز تطعيم
وتعرض مهرجان كان لانقطاعات مختلفة منذ عام 1939 عندما تم إطلاقه كمنافس لمهرجان البندقية السينمائي الذي أصبح وسيلة للدعاية الفاشية والنازية.
اليوم يستقطب المهرجان أكثر من 120 ألف زائر إلى هذه المدينة على البحر الأبيض المتوسط، والتي يبلغ عدد سكانها 74 ألف نسمة، بما في ذلك 13 ألف منتج ومخرج وموزع، و 4500 صحفي - ما يجعله واحداً من أكبر الفعاليات الإعلامية في العالم بعد الأولمبياد.
ولم يفقد هذا الحدث الذي ساعد في إطلاق مسيرة كوينتين تارانتينو، وستيفن سودربيرغ، أياً من أهميته في عصر "نتفلكس".
قبل بدء التصوير في دراما الجريمة الملحمية "ذا آيرش مان" لمارتن سكورسيزي، حصلت "إس تي إكس" على حقوق التوزيع مقابل 50 مليون دولار في حفل بجانب المسبح في مدينة "كان" بعد حرب مزايدة، وفقاً لصحيفة هوليوود ريبورتر.
وصل الفيلم أخيراً إلى "نتفلكس"، وتابع ليحصل على 10 ترشيحات لجوائز الأوسكار.
وفاز فيلم "باراسايت" (Parasite) لبونغ جون هو، بجائزة السعفة الذهبية في عام 2019، ليحقق نجاحاً حاسماً وإيرادات بأكثر من 250 مليون دولار في شباك التذاكر. وأصبح لاحقاً أول فيلم بلغة غير إنجليزية يفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم.
في الوقت الحالي يعد قصر المهرجانات والمؤتمرات مقراً لمركز التلقيح ضد كوفيد، بعد أن تم استخدامه في العام الماضي كمأوى للمشردين أثناء الوباء.
وقال بيلارد، إن مهرجان هذا العام لا يزال يتطلب ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي.
وليس من الواضح متى ستعود الحياة الطبيعية، حيث إن البلاد لا تزال في خِضمّ إغلاق آخر، وتفضِّل الحكومة تخفيفاً حذراً وتدريجياً للقيود.
وتخطط لرفع القيود المفروضة على السفر الداخلي في 3 مايو، وإعادة فتح بعض تراسات المقاهي والمطاعم اعتباراً من منتصف مايو، لكن ليس لديها خطة لرفع الحظر بعد الساعة 7 مساءً.
وقال بيتر كوفمان، محامي صناعة الترفيه، المقيم في لوس أنجلوس، إنه يجب إلغاء مهرجان كان هذا العام، ويمكن للصناعة إدارة أعمالها عبر الإنترنت في الوقت الحالي، مضيفاً، "أظن أن الذهاب إلى جنوب فرنسا في يوليو من عام 2021 قد يكون أمراً غير مسؤول أخلاقياً، فهو سيخلق مستوى من القلق غير الضروري".
أبرز محطات مهرجان كان
1939 – إغلاق أول مهرجان أقيم في كان بعد عرض فيلم واحد فقط نظراً لبداية الحرب العالمية الثانية.
1953 – برجيت باردو، تقدم البيكيني أمام جمهور أوسع في كان.
1955 – غرايس كيلي، تلتقي راينير أمير موناكو.
1968 – مجموعة من المخرجين يقاطعون عروض أفلام تضامناً مع العمال والطلاب الفرنسيين المضربين.
1994 – كوينتين تارانتينو، يرفع الإصبع الأوسط لأحد المشاهدين الذين ضايقوه بعد فوزه بالسعفة الذهبية عن فئة أفلام الخيال.
2011 – المخرج الدنماركي لارس فون ترير، يتسبب في عاصفة في "كان" عندنا قال إنه "يتفهم" أدولف هتلر و"يتعاطف معه قليلاً".
2018 – مخرج المهرجان تيري فريمو، يمنع التقاط صور السيلفي على السجادة الحمراء قائلاً إنها "تسيء لجودة المهرجان".
2020 – تقليص المهرجان إلى نسخة أكتوبر الأصغر "الخاصة" مع حفنة من الأفلام وتغطية صحفية أقل بكثير
2021 - من المقرر إقامة الدورة الرابعة والسبعين لمهرجان كان في الفترة من 6 إلى 17 يوليو، وستفتتح بفيلم ليوسكاراكس بعنوان "أنيت" (Annette)، وبوجود سبايك لي، كرئيس للجنة التحكيم.