بلومبرغ
قال العديد من العمَّال الذين تضرروا نتيجة وباء كورونا، إنَّهم اضطروا لتغيير مخططاتهم، وتأجيل وقت تقاعدهم.
وأظهر إحصاء أجري مؤخراً حول الثقة بالتقاعد أجراه "مركز بحوث منافع الموظفين" ومركز بحوث "غرينوولد" أنَّ حوالي اثنين من أصل كلِّ خمسة أشخاص أجبروا على أخذ إجازة قسرية، أو تمَّ تسريحهم أو خُفِّضت أجورهم أو ساعات عملهم منذ فبراير 2020.
ويعتقد ربع هؤلاء الأشخاص أنَّهم لن يتمكَّنوا من التقاعد إلا في وقت لاحق عمَّا كانوا يخططون له في السابق، بحسب الاستطلاع الذي نشر مؤخراً.
كذلك، فإنَّ الموظفين أيضاً الذين لم تُخفَّض أجورهم، باتوا يعيدون درس قرارهم فيما يخص موعد التقاعد، و22% منهم قالوا إنَّهم قد قرروا تغيير موعد تقاعدهم، فقد أراد معظمهم تأجيله إلى موعد لاحق.وتمنح هذه الأرقام لمحة حول تأثير الوباء على حياة الناس على المدى البعيد.
يأتي ذلك فيما يستعد الاقتصاد الأميركي للانطلاق مجدداً، في وقت لا يزال عدد الوظائف أقل بـ8 مليون وظيفة عمَّا كان عليه في فبراير 2020، ومعدل البطالة البالغ 6% لا يزال أعلى بضعفين من مستويات ما قبل الوباء.
ومرة أخرى، يظهر الاستطلاع الذي يجري للعام الواحد والثلاثين أنَّ الحياة لا تتوافق دائماً مع خططنا، فقد بلغ متوسط العمر الذي قال العاملون إنَّهم يرغبون في التقاعد عنده 65 عاماً، في حين بلغ متوسط عمر المتقاعدين 62 عاماً.
بين المخططات والواقع
هل ترغب في العمل حتى تصبح في السبعينيات من العمر؟ على الأرجح لن تتمكَّن من ذلك، بحسب البيانات. فعلى الرغم من أنَّ 26% من أصل ألف و507 من العمال المستطلعين قالوا إنَّهم يخططون لذلك، إلا أنَّه بين ألف و510 متقاعدين شملهم الاستطلاع، 6% فقط منهم استطاعوا الاستمرار بالعمل حتى السبعينيات من العمر أو أكثر.
وعزى أكثر من ثلث الأشخاص الذين تقاعدوا في عمر أبكر -ممَّن كان يخططون له- قرارهم إلى مشاكل صحية أو عجز. وكان استطلاع صادر عن مكتب الإحصاء الأميركي وجد أنَّ أكثر من 3.1 مليون أميركي في الـ55 من العمر وأكثر، يخططون لتقديم طلبات الاستفادة من خدمات الضمان الاجتماعي في وقت أبكر مما كانوا يخططون له في السابق، بسبب الوباء.
وقال آخرون، إنَّهم تقاعدوا مبكراً لأنَّهم قادرون مادياً على ذلك.
وارتفعت الثقة الإجمالية في القدرة على التقاعد مبكراً بمقدار 3 نقاط مئوية بالمقارنة مع العام الماضي، فقد قال 72% من العمال، إنَّهم واثقون بقدرتهم على عيش حياة مريحة في سنِّ التقاعد، و29% منهم، قالوا إنَّهم واثقون كثيراً في ذلك. وقال 15% من العمال، إنَّ ثقتهم زادت في السنة الماضية. في حين لم تتغيَّر ثقة المتقاعدين عمَّا كانت عليه قبل الوباء، وظلَّت عند نسبة 76% التي كانت قد سُجِّلت في استطلاع عام 2020.
خطط الضمان الاجتماعي تثبت أهميتها
وقالت ليزا غرينوولد، الرئيس التنفيذية لمركز "غرينوولد" للبحوث التي أسهمت في صياغة التقرير: "في هذا الاستطلاع، الأمر الذي غالباً ما يفاجئني، بالأخص هذا العام، هو مفهوم المرونة لدى المتقاعدين". وأضافت: "نسمع منذ عقود عن أزمة تقاعد، إلا أنَّ المتقاعدين يقولون إنَّهم بحال جيدة، وأسلوب حياتهم أفضل من المتوقَّع، ونفقاتهم هي كما توقَّعوها".
ولكن على الرغم من الثقة التي يبديها المتقاعدون، إلا أنَّهم يترددون في الإنفاق من أصولهم. فعند سؤالهم عن أولوياتهم فيما خصَّ الإنفاق على الأمور غير الأساسية، قال الثلث، إنَّهم يحتفظون بالأموال احتياطاً من أجل تغطية تكاليف الرعاية الطبية أو الرعاية الدائمة. وقالت غرينوولد: "هذا هو الأمر الكبير المجهول"، لافتةً إلى "تناقض ذلك مع الثقة ببرنامج الرعاية الصحية "ميدكير" التي ارتفعت إلى أعلى معدل لها".
كذلك، ارتفعت الثقة بالضمان الاجتماعي إلى أعلى معدل لها هذا العام في الولايات المتحدة. إذ يتوقَّع حوالي ثلاثة أرباع المتقاعدين، و53% من العمال أن تبقى خدمات الضمان الاجتماعي عند مستواها الحالي على الأقل. ويعدُّ الضمان الاجتماعي مصدر دخل أساسي لـِ 60% من المتقاعدين الذين شملهم الاستطلاع.
وقالت غرينوولد أخيراً: "على صعيد الضمان الاجتماعي، كان العام الماضي مشجِّعاً للمتقاعدين على الرغم من الوباء وأثره الاقتصادي". وتابعت: "استمرت دفعات الضمان الاجتماعي، كما حصل المستفيدون منه على إعانات الدعم المالي. كذلك، فإنَّ الارتفاع النسبي بالثقة بالضمان الاجتماعي ربما يعود إلى تمكُّن الضمان الاجتماعي نفسه من الصمود خلال سنة صعبة".