كان تأثير تفشي جائحة كورونا قاسياً على المتاحف، حيث وجد استطلاع أجراه التحالف الأمريكي للمتاحف، في أكتوبر أن ثلث المتاحف قد خفَّضت البرامج العامة، وأكثر من النصف سرَّحت أو منحت الموظفين إجازة دون أجر، ونحو الثلث لا تزال تغلق أبوابها أمام الجمهور.
وأنفقت المتاحف التي كانت مفتوحة للجمهور 27 ألف دولار في المتوسط على التدابير الوقائية من الوباء، ولم يكن هناك سوى 35% فقط من نسبة الحضور المعتاد.
وبحسب الاستطلاع، من المتوقع أن تفقد المتاحف 35% في المتوسط من إيراداتها المقدرة في ميزانية عام 2020 ونحو 28% من الإيرادات التشغيلية العادية هذا العام، فيما يوضح أن 12% من المتاحف الخاضعة للاستطلاع ستواجه مخاطر كبيرة تتمثل في إمكانية الإغلاق الدائم بحلول الخريف، وقد جعل هذا متاحف الفنون تُعيد النظر في أخلاقيات بيع أجزاء من مجموعاتها.
البحث عن حلول
ومن المثير للجدل إنشاء رابطة مديري متاحف الفنون ملاذا آمنا مؤقتا من العقوبات أو الجزاءات التي تُفرض على المتاحف الأعضاء التي تلجأ لبيع الأعمال الفنية من أجل دعم الرعاية المباشرة للمجموعة الفنية للمتاحف.
وفي أكتوبر، باع متحف بروكلين للفنون، قطعاا، بما فيها لوحة للرسام، لوكاس كراناخ الأكبر، مقابل 6.6 مليون دولار في دار مزادات "كريستيز"، ومجموعة أكبر من الأعمال في دار "سوذبيز"، مقابل 19.9 مليون دولار.
ومن المقرر أن يتم تخصيص هذه الأموال، بجانب تلك التي ستُجنى من المبيعات المستقبلية، لبناء صندوق منح بقيمة 40 مليون دولار لدعم رعاية المجموعة الفنية.
وفي نفس صفقة البيع التي تمت في دار "سوذبيز" للمزادات، باع متحف بالم سبرينغز للفنون، الذي أغلق لمدة عام، لوحة للرسامة، هيلين فرانكنثالر، مقابل 4.7 مليون دولار.
وفي ظل الظروف العادية، تمنع رابطة مديري متاحف الفنون المتاحف التي تبيع الأعمال الفنية من استخدام الإيرادات في العمليات أو التحسينات الرأسمالية، بل يمكن تخصيصها لشراء المزيد من الأعمال الفنية فقط.
ويمكن أن تتعرض المتاحف التي تخرق القاعدة إلى عقوبات عديدة، من بينها عدم التمكن من استعارة الأعمال الفنية من المتاحف الأخرى من أجل المعارض. ومع ذلك، يستمر تعليق فرض العقوبات حتى 10 أبريل 2022.
تعزيز المشاركة العامة للفن
لكن لماذا لا تصبح تدابير الطوارئ أمراً دائماً؟ لماذا لا يُوسع نطاقها للسماح باستخدام إيرادات المبيعات بأشكال أخرى؟
يتسبب تعليق فرض العقوبات في تصدعات صغيرة في الكارتل الذي يُبقي أعداداً كبيرة من الأعمال الفنية بعيداً عن الأنظار، ويعيق مرونة المؤسسات طويلة الأمد في تطوير استراتيجيات جديدة، ويحد من توافر الأعمال الفنية للمبتدئين.
ومن الجدير بالذكر أن معظم المتاحف الكبيرة لا تعرض سوى 5% من مجموعاتها الفنية في المرة الواحدة.
وكتب مايكل أوهير، أستاذ السياسة العامة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: "قاعدة عامة، انظر إلى الشيء الأقل تميزاً في المعرض، ويمكنك التأكد من وجود واحد أو اثنين فقط أقل تميزاً، وعشرات من الأشياء الجيدة تقريباً، في المستودع أو الطابق السفلي". جاء ذلك في مقال نشره أوهير في عام 2015 يدعو خلاله المتاحف الفنية لبذل مزيد من الجهد لتعزيز المشاركة العامة في الفن.
وبطبيعة الحال، هناك خطر يتمثل في بيع المتاحف كنوزا خالدة لمطاردة موضة عابرة أو دفع أجور إضافية للمديرين التنفيذيين.
ولكن كما يظهر من رد الفعل الناجح ضد خطط متحف بالتيمور للفنون لبيع بعض الأعمال الفنية الحديثة، فإن الأشخاص الذين يهتمون بالمجموعة الفنية للمتحف لديهم طرق لممارسة نفوذهم.
وبالتأكيد، تستحق مجالس الإدارة والموظفون المحترفون في المتاحف المرونة اللازمة لجعل المقايضات مناسبة لظروف مؤسستهم، سواء كان ذلك في ظل الوباء أو بدونه.