رئيس "مايتيريزا" لـ"الشرق": نراهن على زخم تجارة السلع الفاخرة بالشرق الأوسط

مايكل كليغر: سوق السلع الفاخرة في أميركا تنمو 40% سنوياً ونتوقع تكرار هذا الزخم في المنطقة

time reading iconدقائق القراءة - 20
سيدة تجلس أمام وجهة متجر \"غوتشي\" للسلع الفاخرة في منطقة تسيم شا تسوي بهونغ كونغ، الصين (صورة أرشيفية) - المصدر: بلومبرغ
سيدة تجلس أمام وجهة متجر "غوتشي" للسلع الفاخرة في منطقة تسيم شا تسوي بهونغ كونغ، الصين (صورة أرشيفية) - المصدر: بلومبرغ
المصدر:الشرق

تمضي تجارة السلع الفاخرة في طريقها لتحقيق مزيد من الانتعاش عالمياً، بعد عام مخيّب لم يتجاوز النمو فيه 3%، وفق مايكل كليغر، الرئيس التنفيذي لمنصة "مايتيريزا" (Mytheresa)، الذي يراهن على السعودية والشرق الأوسط كإحدى محركات النمو لنشاطٍ تضرر من جراء وباء كورونا وضعف الإنفاق.

وقال مايكل كليغر الرئيس التنفيذي للمنصة، في حديث مع "الشرق" إن هناك تفاؤلاً ببدء التعافي ابتداءً من العام الحالي، وعودة العملاء إلى الإنفاق، و"تمثل منطقة الشرق الأوسط فرصة كبيرة للنمو، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة وآسيا". فالمنصة التي تتخذ ميونيخ الألمانية مقراً، تضع المنطقة من حيث مستهدفات النمو على خط موازٍ، لما يتحقق في أميركا، حيث "تشهد سوق السلع الفاخرة هناك نمواً بنحو 40% سنوياً" بحسب كليغر، الذي يضيف: "نتوقع تكرار هذا الزخم في الشرق الأوسط". أما كلمة السر في ذلك، فتكمن في توظيف المنصة خبراتها الطويلة لمواكبة التغيير الحاصل في الأنماط الاستهلاكية لدى العملاء في المنطقة، مع وجود إنفاق محلي أكبر، بالتوازي مع الإنفاق خلال السفر، وتقديم منتجات حصرية للعملاء.

وهنا تخلص إلى انطباع آخر خلال الحديث، يتمثل في كون السعودية تشكل قاطرة النمو في المنطقة على صعيد السلع الفاخرة. وفي هذا أيضاً، هناك مقاربة فيها خصوصية أكبر من قبل "مايتيريزا" التي تتطلع لزيادة الاستثمارات الموجهة لخدمة السوق السعودية بصورة أعمق، وتخصيص فريق يدرك ديناميتها، واللغة، والثقافة، وتخصيص منتجات حصرية لها.

بطبيعة الحال، يُفترض وأنت تحاور شخصية بتجربة مايكل كليغر، أن يتناول الحديث واقع صناعة السلع الفاخرة عالمياً، خصوصاً وأن مؤشراتها تُعد انعكاساً للبيئة الاقتصادية. كذلك، فهي تحمل أبعاداً على أكثر من صعيد بالنسبة للمستثمرين وتوجهات المستهلكين. أضف إلى ذلك، أن تجربة "مايتيريزا" كمنصة إلكترونية متخصصة في بيع السلع الفاخرة ولا سيما الملابس الفاخرة، يمكنها أن تقدم العديد من المعطيات، كونها تمزج بين التسوق الإلكتروني (عبر الإنترنت) وتجارة السلع الفاخرة. ذلك التنوع في المحاور، ينسجم مع تجربة مايكل كليغر. فالرجل الذي يشغل عضوية مجلس إدارة "مايتيريزا" منذ سبتمبر 2020، شغل مهام الرئيس التنفيذي في المنصة منذ مارس 2015، ويملك خبرة طويلة في عالم الأعمال، جمعها من مواقع قيادية في قطاعات التجزئة والاستشارات الإدارية والمصارف الاستثمارية.

استعادة التعافي

"هناك تفاؤل ببدء التعافي ابتداءً من العام الحالي، وعودة العملاء إلى الإنفاق، لا سيما في ظل الأداء الإيجابي للأسواق المالية في أميركا، والتوقعات باستقرار أسعار الفائدة أو حتى انخفاضها. يُضاف إلى ذلك التوقعات بأن الظروف الاقتصادية غير الإيجابية لبعض المناطق أو البلدان (حول العالم)، أصبحت من الماضي. وعلى هذا الأساس، نتوقع استعادة قطاع السلع الفاخرة مرحلة التعافي ونموه بين 7% و8% في عام 2025". تلك هي المعطيات العامة التي يشير إليها كليغر في سياق إجابته عن التوقعات المحيطة بصناعة السلع الفاخرة عالمياً، لما تبقى من العام الحالي والعام المقبل. يضيف إليها مؤشراً اقتصادياً جزئياً يتمثل: "بحصول تعافٍ في الولايات المتحدة، بعد أن عاد متسوقو السلع الفاخرة الموسميون إلى الإنفاق مجدداً".

تلك الصورة الوردية المستقبلية التي يرسمها كليغر، تأتي على خلفية أداء مخيب للصناعة عالمياً في عام 2023. حيث "لم يتجاوز معدل النمو 3% على مستوى الصناعة العام الماضي وفق التقارير المتخصصة، في حين أن قطاع السلع الفاخرة نما بين 8% و9% منذ سنوات، مع مروره بتطورات حيوية منذ 2009، رغم بعض التحديات". أما أسباب التراجعات في عام 2023، فيردها الرئيس التنفيذي في "مايتيريزا" إلى عاملين: الأول، انخفاض عمليات الشراء الحاصلة من قبل المتسوقين الموسميين. الثاني: التباطؤ الاقتصادي في الصين، نظراً لكونها سوقاً رئيسية للسلع الفاخرة. وهنا، يعرّج مايكل كليغر للحديث عن علامات بعينها للخروج بخلاصة أساسية: "هناك علامات، كما هو الحال "لورو بيانا" (Loro Piana)، و"برونيلو كوتشينيلي" (Brunello Cuccinelli)، و "هيرميس" (Hermes)، استمرت في تحقيق نتائج جيدة. بخلاف علامات أخرى مثل "كيرينغ" (Kering). وهذا يعني أن أداء الشركات يتوقف على طبيعة قاعدة العملاء. فتلك التي تعتمد على العملاء الموسميين، تأثرت نتائجها بانخفاض الإنفاق. وشهدت الأشهر الأولى من العام الحالي وضع منصة "ماتشز" (Matches) المتخصصة في السلع الفاخرة تحت الحماية من الدائنين بعد إفلاسها. فيما سجلت منصة "نت–أ-بورتر" (Net-a- Poeter) لمنتجات التجميل، خسائر بقيمة 200 مليون يورو. وهي معطيات تشي بأن قطاع السلع الفاخرة عالمياً، لم يكن يمر بأفضل فتراته.

مبيعات السلع الفاخرة عبر الإنترنت تنمو أسرع من مبيعات الشركات

آفاق نمو مايتيريزا

هل المعطيات نفسها تنطبق على المنصات المعنية بتسويق السلع الفاخرة؟ يبدو كليغر واضحاً في الإجابة بالإشارة إلى أن الواقع يبدو مختلفاً بالنسبة لهذه المنصات. يستند في ذلك إلى حقيقة أن "مايتيريزا حققت نمواً بنحو 17.6% في صافي مبيعاتها خلال الربع الثالث من العام الحالي (السنة المالية للشركة تنتهي في يونيو)، وهي نسبة لم تحققها أي شركة أخرى عاملة في المجال"، وفق الرئيس التنفيذي. بلغت قيمة مبيعات الشركة خلال الربع 234 مليون يورو.

يضيف إلى ذلك حقيقة أخرى متمثلة في كون مبيعات السلع الفاخرة عبر الإنترنت حول العالم، تشهد نمواً يفوق نمو مبيعات شركات السلع الفاخرة نفسها. ويستشهد كليغر هنا بأن نحو 21% من إجمالي مبيعات السلع الفاخرة تمت عبر منصات إلكترونية خلال العام الماضي، وفق بيانات "باين-ألتاغاما" (Bain-Altagamma)، ومن المتوقع ارتفاع هذه النسبة إلى 30% في عام 2030، بحسب المصدر نفسه.

أما حول المستهدفات المستقبلية الكلية للمنصة، يقول كليغر: "نستهدف نمواً يتراوح بين 15% و20% سنوياً على المدى المتوسط في الإيرادات. في حين أن الأولوية في هذه المرحلة تبقى للإدارة المحكمة للنقد والسيولة. مع الإشارة إلى أن الشركة لا تحمل أي ديون". و"تخطط الشركة للاستثمار في خدمات مخصصة للعملاء الرئيسيين، بما في ذلك المتسوق الشخصي والفعاليات الحصرية. كما تعتزم التواجد بقوة على الأرض لخدمة قاعدة عملائها المتنامية" دون أن يعني ذلك إنشاء مكاتب.

"مايتيريزا" تستهدف نمو الإيرادات بنحو 15% و20% سنوياً على المدى المتوسط

مقاربة طموحة للمنطقة

خلال السنة الماضية، مثلت ألمانيا والولايات المتحدة، وأوروبا (باستثناء ألمانيا) المصدر الرئيسي لصافي مبيعات "مايتيريزا". ومثلت المبيعات في تلك الأسواق 15.2%، و20.7%، و38.9% على التوالي من الإجمالي وفق البيانات المالية عن فترة 9 أشهر المنتهية في مارس الماضي. ويقول كليغر: "نتوقع فرص نمو كبيرة في مناطق كالولايات المتحدة والشرق الأوسط وآسيا".

تبدو منطقة الشرق الأوسط وتحديداً منطقة الخليج من أكثر المناطق الحيوية الواعدة بالنسبة إلى "مايتيريزا"، التي تعول عليها في تحقيق النمو المستهدف. ويوضح كروغر: "ينجذب العديد من عملائنا الكبار من السعودية وقطر والإمارات، إلى فكرة شراء السلع الفاخرة خلال رحلات السفر إلى الخارج، خصوصاً في مدن كباريس ولندن".

هذه الحقيقة التي تبدو مألوفة لدى الجميع، يردفها كليغر بمعطى آخر أصبح من أنماط التسوق لدى العملاء من المنطقة؛ إذ يقول: "نتوقع استمرار النمو مع هذه الشريحة من العملاء. ومع التطورات الحاصلة في السعودية ومناطق أخرى، نرى اتجاهاً متزايداً للعملاء على الإنفاق المحلي بشكل أكبر". كيف ستتعامل مع هذا الواقع؟ تلك التحولات "تتطلب تواجداً أكثر فعالية على الأرض، أحداث وفعاليات حصرية، وتوسيع فريقنا من المسوقين الشخصيين بما يلبي احتياجات العملاء بصورة أعمق. يختصر كليغر كل ذلك بمشهد معبّر" تخيل أن "يتصل بك عميل من المنطقة بينما أنت كمتخصص في العلامات التجارية الفاخرة متواجد في لندن والمطر يتساقط من حولك". تلقائياً لك أن تتخيل كيف لمن يتواجد في هذه البيئة أن يخدم عميل يتواجد في منطقة الشرق الأوسط أو الخليج وسط الحرارة المرتفعة.

آفاق للتعاون بين "مايتيريزا" ومصممين محليين من السعودية

نظرة إلى السعودية

تمثل السعودية قوة كامنة في عالم الأزياء بشكل عام وسط فرص استثمارية يقودها جيل من رواد الاعمال والمصممين الشباب. فقد بلغت قيمة الإنفاق على العلامات التجارية المستوردة نحو 27.4 مليار ريال في عام 2021، وفق تقرير "مرصد منشآت" الصادر عن الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)، ما يرفع النمو التراكمي المتوقع لقطاع الأزياء بحسب التقرير نفسه إلى 48% بين عامي 2021 و2025.

مؤشرات اقتصادية لصناعة الأزياء في السعودية (المصدر: منشآت)

البند القيمة
الإنفاق على العلامات التجارية المستوردة في 2021 24.4 مليار ريال
قيمة الصناعة المحلية للأزياء بالمملكة عام 2022 46.9 مليار ريال
القيمة الإجمالية لصناعة الأزياء بالمملكة عام 2021 شاملة دور الأزياء العالمية 92.3 مليار ريال
النمو التراكمي المتوقع لقطاع الأزياء بين عامي 2021 و2025%48
نسبة النمو المتوقع لسوق الملابس النسائية بحلول 2027%20
نسبة النمو المتوقع لسوق الملابس الرجالية بحلول 2027 %27

بين تلك المعطيات الواعدة والتوجهات الاستراتيجية لـ"مايتيريزا" في السوق السعودية وأسواق المنطقة، تسأل كليغر عن الخطة الاستثمارية لخدمة السوق السعودية بشكل خاص ويجيب: "على الرغم من أنني لا أستطيع الكشف عن الأرقام الدقيقة، إلا أننا نتوقع نمواً كبيراً في استثماراتنا. علاوة على ذلك، ندرك الطاقة المتنامية في صناعة الأزياء المحلية".

في المحصلة، يرتبط الإقبال على السلع الفاخرة والأزياء في السعودية بوجود مناسبات وأحداث بعينها ذات طابع عائلي أو اجتماعي أو غير ذلك. من هنا يقول كليغر: "لا بد من وجود فريق مناسب لمساعدة العملاء، إلى جانب العمل على تحسين إجراءات شحن البضائع والارتقاء بسياسات الاسترجاع". ويكشف كليغر أن هناك آفاقاً للتعاون بين "مايتيريزا" ومصممين محليين من بلدان عدة ومن بينها السعودية. ويقول"بدأنا بالفعل التعاون مع مؤثرين محليين خلال مناسبات مثل رمضان على مدى المواسم الثلاثة الماضية، حيث عرضنا قطعاً حصرية جرى تصميمها من قبل مصممين دوليين ومحليين على حد سواء. نعتقد أن مثل هذا التعاون سيزدهر أكثر مستقبلاً".

تصنيفات

قصص قد تهمك