لماذا يتطلع عشاق عالم "ديزني" إلى زيارة اليابان لا أمريكا؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
\"طوكيو ديزني لاند\" بعد أن أعيد افتتاحها رسمياً في يوليو - AFP
"طوكيو ديزني لاند" بعد أن أعيد افتتاحها رسمياً في يوليو - AFP
المصدر:

بلومبرغ

في وقتٍ تنتظر فيه بعض الأسر توافر لقاحات كورونا بفارغ الصبر حتى يتمكن أطفالها المحبون لـ"ميكي ماوس" من زيارة مملكة السحر مرة أخرى، يتطلع عشاق عالم ديزني الأكثر حماساً إلى شيء آخر تماماً، هو رحلة إلى اليابان.

ومن المتوقع أن يخرج منتجع "طوكيو ديزني" من الوباء بشكلٍ أكبر وأفضل من ذي قبل، فهذا المنتجع يُشعِرك بالحنين إلى الماضي، بخاصة أنه يمثل ديزني المثالية العالقة في الأذهان منذ الطفولة، حيث القلعة الزرقاء، والصابون يوزّعخ بطريقة سحرية شخص يرتدي زيّ ميكي ماوس، والعائلات تتجه لتجربة رحلة على متن قطار الملاهي الذي يبدو جيداً دائماً كأنه جديد.

وتتميز اليابان من غيرها من الدول بالألعاب والتجارب الفريدة من نوعها، مثل العرض المسرحي "بيغ باند" (Big Band) مع ضرب ميكي ماوس على الطبول مباشرة، وهو سحرٌ يتجاوز أي شيء يمكن رؤيته في الولايات المتحدة.

كما أنك لن تعثر على وجبات خفيفة غريبة الأطوار، مثل تلك التي تُقدَّم في "طوكيو ديزني" في أي مكان آخر. وتضمّ هذه الوجبات الغريبة "موتشي" على شكل مخلوقات فضائية صغيرة خضراء (Little Green Men) من سلسلة أفلام "حكاية لعبة" (Toy Story)، وبيض نصف مسلوق مع صفار بيض على شكل ميكي، ومجموعة متنوعة من نكهات الفشار التي تشمل الروبيان بالثوم والكاري وفول الصويا بالعسل. أما أكشاك الهدايا التذكارية فستجد عليها أن ثقافة "كاواي" تجعل تذكارات ديزني لا مثيل لها.

لهذا تشهد متنزهات اليابان 3 ملايين زائر من خارج البلاد سنوياً في الأوقات العادية، وهو ما يعادل 10% من إجمالي الزوار.

وفي عام 2019، أبلغ منتجع "طوكيو ديزني" عن ارتفاع أعداد الزوار إلى مستوى قياسي، فيما شهدت متنزهات الولايات المتحدة وهونغ كونغ انخفاضاً بنسبة 3% في أعداد الزوار.

ويقول غيفري كويستر، مسؤول التعليم العالي ومنشئ المحتوى وأحد عشاق ديزني مدى الحياة، إن "طوكيو ديزني تُشعِرك حقّاً كأنك في رحلة سفر مقدسة".

ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المتنزَّهَين الترفيهيَّين، "ديزني لاند" و"ديزني سي"، وأربعة فنادق ومنطقة التسوق الواقعة في منتجع "طوكيو ديزني"، مملوكة بالكامل لشركة "أورينتال لاند" (Oriental Land)، وبالإضافة إلى رسوم الترخيص والملكية، فهي تتعاقد مع شركة "والت ديزني إماجينيرينغ" (Walt Disney Imagineering) لإحياء رؤيتها للمستوى التالي.

تجربة ساحرة

وعلى عكس "والت ديزني" (Walt Disney)، تتمحور الكيانات التجارية لـ"أورينتال لاند" (Oriental Land) بشكلٍ شبه كامل حول المنتجع الترفيهي، مما يُسفر عن تجارب مُموَّلة جيداً، بجانب التوسع في التفكير المستقبلي الذي يحتفل بأيقونات ديزني السابقة بدلاً من المقتنيات التجارية البراقة.

يأتي ذلك مع جانب آخر، هو الميزانية العمومية الأقلّ تنوعاً التي تعني أن الشركة فقدت مصدر دخلها الحقيقي الوحيد خلال فترة الإغلاق التي دامت لأربعة أشهر في عام 2020.

وتُعَدّ أحدث وسائل التكنولوجيا بجانب فكرة تقديس قصص ديزني الكلاسيكية، بدلاً من "حرب النجوم" (Star Wars) و"مارفل" (Marvel) المكتسبة مؤخراً، الغبار السحري لجاذبية "طوكيو ديزني".

وعلى سبيل المثال، فإن أعمال توسيع المنطقة المستوحاه من فيلم "الجميلة والوحش" (Beauty and the Beast) التي بلغت تكلفتها 75 مليار ينّ (720 مليون دولار) والتي اكتملت العام الماضي، تمنح الضيوف التمتع بجولة في قلعة الوحش من داخل فنجان شاي مسحور.

و250 مليار ينّ أخرى (2.4 مليار دولار) مخطَّط إنفاقها لجلب أوجه جذب جديدة، مثل بيتر بان (Peter Pan) و"رابونزل" (Tangled)، قريباً إلى متنزه "ديزني سي" بطريقة أكثر أهمية من تلك المتبعة في المتنزهات الأمريكية.

ولكن ينبغي العلم أنه على الرغم من أن الملكية الفكرية محفوظة، فإن سرد القصص يجري بشكل أساسي باللغة اليابانية، سواء كان ذلك خلال الجولات أو العروض أو المسيرات الاستعراضية.

وتقول أليكسا ستاركي، إخصائية الأسنان التي وصفت نفسها بأنها أحد معجبي "ديزني" البالغين: "أتمنى في أغلب الأوقات لو أنني أستطيع محو كل ذكرياتي، وتجربة متنزهات ديزني مرة أخرى كأنها المرة الأولى في حياتي، لكن متنزه طوكيو ديزني يُعَدّ طريقة لإعادة إحياء إحساس التجربة الأولى لديزني".

إثارة دهشة الأمريكان

ويميل متنزه "طوكيو ديزني سي" إلى إثارة دهشة الأمريكيين بشكل أكبر، ففكرته مستوحاه من البحار السبعة، التي تمتزج موانيها بالمناظر الواقعية المذهلة، إذ ينجرف جندول البندقية عبر بركانٍ مشتعلٍ، أو قطارٍ مرتفع يسير بجوار مانهاتن متجهاً نحو سفينة تعمل بالبخار.

ويقول كويستر: "يتميز متنزه طوكيو بعوامل جذب كثيرة ليس لها مثيل في أي متنزه آخر، وحتى تلك التي تشترك في الاسم مع متنزه آخر لا تقدم نفس التجربة تقريباً". وهناك نشاط مستوحى من كتاب "رحلة إلى مركز الأرض" للروائي جول فيرن، إذ يضع الركاب في مواجهة مع وحش الحمم البركانية الضخم قبل انفجار البركان.

ولجأت النسخة اليابانية من عالم ديزني إلى استلهام قصة جديدة حول اختفاء صاحب فندق ثري من فيلم "برج الإرهاب" (Tower of Terror) الذي يدور في منطقة "توايلايت زون" (Twilight Zone) في منتجع والت ديزني العالمي.

وعلى الجانب الترفيهي قدّم الموكب الكهربائي "دريم لايتس" (Electrical Parade Dreamlights) جولة على متن عربات العرض الكهربائية المضيئة في الشارع الرئيسي العام الماضي، في حين أن العروض المسرحية تشمل مسرحية "رقصة ماردي غراس" (Mardi Gras dance) و "هيا نحتفل غراس" (Let’s Party Gras).

ابتكارات تكنولوجية مثيرة

وتُعتبر المتنزهات أيضاً مكاناً للابتكارات التكنولوجية، فهناك هوني هانت (Hunny Hunt) من فيلم الشخصيات الكارتونية "بوه (Pooh)، الذي يقدم قصة جيدة، لكنها مؤثرة بعض الشيء، عن مركبة تبدو كأنها ذاتية القيادة، وكان هوني هانت رائداً في الذهاب في رحلات دون مسارات قبل نحو عقدين من الوصول إلى عالم والت ديزني.

وتستخدم حدائق ديزني الأمريكية الآن هذا النظام في عديد من مناطق الجذب الجديدة، مثل "حرب النجوم: صعود المقاومة" (Star Wars: Rise of the Resistance)، التي افتُتحت عام 2019 في "استوديوهات ديزني هوليوود" (Disney's Hollywood Studios).

الثقافة اليابانية تشكّل التجربة

ولدى دانييل جو، المدير التنفيذي الإبداعي لمحفظة شركة "والت ديزني إماجينيرينغ" (WDI) التابعة لمتنزه "طوكيو ديزني"، نظرية أخرى بخصوص العاشقين المتفانين للمتنزهات، وتتعلق تلك النظرية بشكل أكبر بالزوار اليابانيين، فهؤلاء الزوار لا يرتدون ملابس متطابقة وعصابات رأس، ويقلّدون الرقصات الاستعراضية، ويستمتعون بوقتهم بشكل لا يحدث في أي مكان آخر في المجتمع الياباني اليومي، وهي المشاركة باعتبارها وسيلة جذب.

ويقول جو: "نظريتي تشير إلى وجود نوع من الاحتياجات البشرية الأساسية التي يلبيها منتجع طوكيو ديزني لضيوفنا اليابانيين".

ويمكن النظر إلى الدب دافي (Duffy the Disney Bear)، وهو دب ديزني المحشو الذي استُقبل استقبالاً فاتراً في المتنزهات الأمريكية، لكنه قد يكون أعظم ظاهرة في "طوكيو ديزني". ويضع الجمهور الياباني الدب دافي في أزياء أنيقة ويدفعونه في عربات الأطفال، كما يستخدمون كراسي الأطفال العالية للدُّمى في المطاعم.

وهناك طاقم مماثل مكونٌ من نصف دستة من الحيوانات المبهجة، المعروفة باسم "دافي وأصدقائه" (Duffy & Friends)، الذي يتمتع بجاذبية قوية لدرجة أنها مهّدت الطريق أمام "أورينتال لاند" (Oriental Land) لجني نحو 8 مليارات دولار سنوياً من الإنفاق على البضائع في عامي 2018 و2019.

ولا تساهم المعتقدات الثقافية مثل "أوموتيناشي" (فلسفة الضيافة اليابانية) في سوى تعزيز قيم "ديزني" الأساسية لتقديم الخدمات بابتسامة جذابة. فمثل هذه الأشياء البسيطة، مثل حقيقة أن الحقائب التي تُترك في غرفة المرء يمكن نقلها بسلاسة إلى فندق آخر، تندرج ضمن وسائل الراحة اليابانية الشائعة، والتي قد تبدو -في أحسن الأحوال- طلبات غير تقليدية للمستهلكين في المتنزهات الأمريكية.

يقول كريس نيلغي، مؤسس "تي دي آر إكسبلورر" (TDRExplorer): "هناك هذا المستوى من المعايير التي يجب الوفاء بها، بصرف النظر عن أي شيء، وفي الثقافة الغربية، نحن متساهلون بعض الشيء تجاه هذه الأمور". وجدير بالذكر أن "تي دي آر إكسبلورر" تقدم معلومات باللغة الإنجليزية وأدلة إرشادية لزيارة المنتجع.

تأثير كورونا

وأغلقت منتجعات "طوكيو ديزني" أبوابها لعدة أشهر في بداية تفشي الوباء، ثم أُعيد فتحها بشكل محدود في يوليو، مع إتاحة عدد أقل من المتاجر والمطاعم لتسهيل تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي. وبحلول وقت إعادة فتح الحدود الدولية، ينبغي أن تكون الأمور أقرب إلى الوضع الطبيعي المعتاد قبل الوباء.

وجدير بالذكر أن القواعد واللوائح، بما في ذلك الحجوزات ومبيعات التذاكر، تتغير باستمرار وسط انتشار الوباء. وبشكل عام، يُشجَّع الضيوف الذين يزورون البلاد للمرة الأولى على حجز الفنادق قبل ستة أشهر تقريباً من موعد القدوم، مع ارتفاع الطلب على الغرف في فندق "ميرا كوستا" (Hotel MiraCosta)، التي تُطِلّ على مشهد "طوكيو ديزني سي".

تصنيفات

قصص قد تهمك