خلال هذا الشهر، سأحتفل بعيد ميلادي الحادي والأربعين، وأشعر أنَّني محظوظ لأنني قمت برحلة أخرى حول الشمس، حتى وإن قمت بقيادة هذه الرحلة من المنزل مرتدياً البيجاما في الغالب.
ومع توفر الكثير من النصائح المالية التي تلبي احتياجات الشباب والمتقاعدين، قيل لي، إنَّ الذين تخطوا الأربعين، قد يشعرون أنَّهم الجيل المنسي أحياناً. وربما يعود ذلك إلى افتراض أنَّنا توصَّلنا إلى كل ما يتعلق بالأمور المالية. فمن غير المرجَّح أن نعاني من الكثير من ديون القروض الطلابية، مثل البالغين 25 عاماً، أو أنَّنا ندور في متاهة التأمين الطبي "ميديكير" Medicare. ولكن تعدُّ الأربعينيات من العمر فترة الذروة التي يتمُّ فيها التركيز على صحتنا المالية من خلال تصحيح بعض الأخطاء التي ارتكبت في السنوات السابقة، والاستفادة مما يمكن أن يكون سنوات ذروة الدخل.
ويتعلَّق أملي المالي في الأربعينيات من عمري بالبناء على الزخم الذي عملت عليه منذ حصولي على وظيفتي الأولى في نيويورك بدخلٍ قدره 18 دولاراً في الساعة، وديونٍ بقيمة 30 ألف دولار. ولتحقيق هذه الغاية، إليك بعض التحرُّكات المالية التي أقوم بها.
اعرف قيمتك، وأضف عليها 50%:
قبل اثني عشر عاماً، تمَّ تسريحي من منصبي كمراسل في شركة إعلامية متخصصة في الشؤون المالية، كان ذلك في الصيف، أطلقت عملي الخاص، وودعت تقليد تلقّي شيك بأجر ثابت، والوصول إلى 401 ألفاً. ماذا الذي يمكن أن أقوله هنا؟ فأنا أنتمي لبرج الدلو.
منذ ذلك الحين، كانت كل فرصة عمل بالنسبة لي بمثابة مفاوضات، بدءاً من إلقاء الخطب إلى استضافة برنامج تلفزيوني أو تأليف كتاب، وقد أتاح لي تنظيم تدفُّقات إيراداتي دروساً مبكِّرة في قياس قيمة عملي.
ما تعلمته وما سأقوم بممارسته بقناعة أكبر في الأربعينيات من عمري، هو أن تسأل دائماً عن أكثر مما تعتقد أنَّك تستحقه.
ومن حين لآخر، سأتلقى عرض عمل يسألني عن "أجري اليومي" لقاء استضافة فعالية ما أو تصوير سلسلة من الفيديوهات مثلاً، وهذه طريقة أخرى للاستفسار مني عن قيمة وقتي، أو الاستفسار عن "سعر السوق" لنوع عملي.
نصحني بعض الموجِّهين الأكبر سناً في وقت مبكر أنَّ التواصل معك لأداء عمل ما يشير في حقيقته إلي "قيمتك" لحد كبير. نعم ، هناك "أجر" جارٍ لآليات العمل، والسوق يُملي القيمة إلى حد ما، إلا أنَّ مهاراتك الفريدة، وسمعتك، وسجل إنجازاتك تعدُّ قيمة مضافة، مما يجعل المنتج أو الخدمة النهائية التي تقدِّمها أكثر تنافسية فضلاً عن الرغبة فيها بشكل كبير.
نصيحتي: تعرَّف على أجرك اليومي أو سعر السوق، وأضف 20 أو 30 أو 50% على ذلك، فأنت تستحق ذلك، لأنَّه من المفترض أنَّك ترقيت في مهنتك على مدار 15 عاماً أو أكثر بحلول سن الأربعين.
زيادة مبلغ التقاعد:
وصولك للأربعين يعني قضاء الوقت في الإمعان بالآلات الحاسبة لاحتساب مبلغ التقاعد. أجد أنَّه من المفيد لنا عدم غياب التقاعد عن بالنا، وهو الأمر الذي بدا بعيداً في يوم من الأيام. حالياً، أنا في منتصف الطريق تقريباً، وأجد أنَّ تحقيق الحد الأقصى من معاش الموظف المبسط في حساب التقاعد الفردي الذي يؤسسه صاحب العمل أو الموظف الحر، ليس مجرد شيء جميل يجب القيام به، بل ضروري للغاية من أجل تحقيق أهداف الادخار الخاصة بي أو تلك الأهداف التي تقول الآلات الحاسبة، إنَّه يتعيَّن عليَّ تحقيقها على الأقل. تقول إحدى القواعد العامة الشائعة، إنَّه عليك توفير ما يقرب من ثلاثة أضعاف راتبك الحالي عندما تصل إلى الأربعين.
يمكنني الانتظار لبضع سنوات، عندما لن أنفق الكثير على رعاية أطفالي بعد ذهابهم إلى دوام كامل في المدرسة، ولكنني لن أنتظر للمساهمة بمبالغ أكثر من أجل التقاعد. فبعد أن استنفدت الحد الأقصى من الضرائب المؤجلة على جميع خيارات مدخراتي، بدأت الاستثمار في أكثر من حساب للوساطة لاستكمال المدخرات.
استثمر في البدائل:
بدأت في أواخر الثلاثينيات من عمري بعمل استثمارات بديلة في بعض القطع الفنية، وفي الشركات الناشئة. لا تشكِّل مقتنياتي جزءاً كبيراً من صافي ثروتي بأي شكل من الأشكال، وأنا على دراية تامة بمخاطره الهائلة، ولكنَّني أجد سعادة كبيرة في دعم الفنانين والمؤسسين. أريد تعريف الأربعينيات من عمري بأنَّها المرحلة التي قمت فيها بالمزيد مما أريده، وأستمتع به، بدلاً مما هو "عملي" دائماً.
الاستثمار الآخر المفيد الذي أقوم به هو الاستثمار في نفسي. ففي أواخر الثلاثينيات من عمري، أخذت دروساً في الكوميديا الارتجالية، وقادني ذلك إلى الأداء على خشبة المسرح في نوادي "كارولينز آند غوثام كوميدي" الشهيرة في مدينة نيويورك. كما كانت الكتابة لذلك العرض مصدر الإلهام للكتاب الذي أعمل عليه حالياً، وهو مشروع شغوف لم أكن أتوقَّعه أبداً. أنا لست مضحكاً أيضاً، ولكن تكمن المتعة بالنسبة لي في تواضع الأداء، فعندما ألقي نكتة، ولا أجد تفاعلاً معها، يدفعني هذا إلى الاستمرار.
قد تقول هنا صديقتي كارين رينالدي، مؤلِّفة كتاب "من الرائع أن تكون سيئاً في شيء ما"، إنني أحصل على المال، فلقد قامت هي بممارسة رياضة ركوب الأمواج في الأربعينيات من عمرها، وبرغم سقوطها المتعدد إلا أنَّها ارتبطت بها. هذا هو بيت القصيد. لقد قالت لي: "لقد استغرق الأمر مني خمس سنوات، لكي ألحق بالموجة." هنا فكرت أنا في أمر: "ما الذي دفعني للعودة...هذا هو الشيء الوحيد في حياتي الذي لا يتعيَّن عليّ أن أكون جيداً فيه، تمتَّعت بالكثير من الحرية في ذلك الأمر."
تخيل أن ينتهي الرهن العقاري في 20 عاماً بدلاً من 30:
حصلت على رهن عقاري لمدة 30 عاماً بعد عيد ميلادي الأربعين مباشرة، ونظراً لأنَّني لست من المعجبين بمدفوعات الإسكان حتى الستينيات من عمري، فلقد اتخذت خطوات لتسريع سدادها بدءاً من الآن.
بالطبع، أنا لا أدافع عن إعطاء الأولوية لرهنك العقاري فوق مصالحك المالية الأخرى، مثل: الادخار للتقاعد، أو صندوق الكلية لطفلك، فلقد وضعت فكرة قضاء إجازة لطيفة أو الاستثمار في أعلى قائمتي. ولكن بالنظر إلى أسعار الفائدة المنخفضة كثيراُ اليوم، وصل المعدَّل الثابت لقرضنا السكني 3% فقط مقارنة بما يقرب من 5% لمنزلنا الأخير، وأنا واثق من أنَّ أموالي ستنمو بشكل أكبر في سوق الأسهم خلال فترة الـ 30 سنة للرهن العقاري، علماً أنَّ متوسط معدَّل التضخم في مؤشر "إس آند بي 500" S&P 500 نما بنسبة 8% سنوياً منذ عام 1991.
ولكن بافتراض أنَّني محظوظ بما يكفي لتغطية احتياجاتي الرئيسية مع احتفاظي بفائض من المال، فسأقوم بسداد دفعة إضافية أواثنتين للمبلغ الأساسي سنوياً، لأنَّ ذلك لن يساعدني فقط على قطع شوط طويل في التخلُّص من الديون في وقت أقصر، بل على توفير عشرات، وربما مئات أو آلاف الدولارات من الفوائد أيضاً.