حماسة متزايدة للسياحة بغض النظر عن ارتفاع أسعار السفر

التضخم لم يوقف الإجازات بعد.. والمسافرون يختارون قضاء العطلات في وجهات أقرب أو في مناطق أسعارها معقولة مثل مصر والمغرب

time reading iconدقائق القراءة - 18
سياح وسكان محليون يستمتعون بغروب الشمس خلال فصل الصيف على شاطئ ايبانيما في ريو دي جانيرو، البرازيل - المصدر: بلومبرغ
سياح وسكان محليون يستمتعون بغروب الشمس خلال فصل الصيف على شاطئ ايبانيما في ريو دي جانيرو، البرازيل - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يعيش المستهلكون على جانبي المحيط الأطلسي تحت وطأة الزيادات الحادة في أسعار المواد الأساسية، لكنهم ومع ذلك، لا يزالون يقضون عطلات فاخرة.

العديد من البريطانيين يمارسون رياضة التزلج أو يزورون المناطق المشمسة هذا الأسبوع مع بداية العطلة المدرسية التقليدية لنصف الفصل، وهو ما تنتظره بشغف صناعة السفر المنهكة، وكذلك المتاجر والمطاعم المحلية، حيث تتنافس جميعها للحصول على قطعة من الكعكة ذاتها.

آفاق مشرقة

أضرّت جائحة كورونا كثيراً بنشاط شركات الطيران، والفنادق، وشركات السياحة، إلا أن أسعارها عادت وارتفعت مع ارتفاع الطلب في أعقاب تخفيف القيود المرتبطة بالوباء.

يوم الثلاثاء الماضي، قالت "توي" (TUI)، وهي أكبر شركة للرحلات المنظمة في العالم، إن حجوزات الصيف كانت أعلى بنسبة 20% ممّا كانت عليه قبل عام، حيث زادت حجوزات الأسابيع الأربعة الماضية 50% مقارنةً بعام 2022، و10% مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.

ارتفعت الأسعار -باستثناء إعادة الحجز في 2022- بمقدار 6% لموسم الصيف مقارنة بصيف العام الماضي. وبشكل عام، لا تزال الحجوزات للصيف متأخرة 11% عن عام 2019، لكن لا يزال هناك متسع من الوقت لتعويض هذا النقص، فيما زادت الأسعار بالفعل 24%.

تأتي هذه التطورات الإيجابية بعد صدور توقعات متفائلة من شركتي الطيران "إيزي جت"، و"رايان اير". وكان مطار "هيثرو" قد أعلن بدوره يوم الإثنين، أن بداية العام كانت الأكثر ازدحاماً من حيث عدد المسافرين منذ عام 2020. أما الفنادق، فتستفيد أيضاً من هذه التطورات، حيث أعلنت شركتا "هيلتون وورلدوايد"، و"ماريوت إنترناشيونال" مؤخراً عن أرباح أفضل من المتوقع للربع الأخير من العام الماضي.

وفقاً لشركة "إير دي إن إيه" (AirDNA) التي تتعقب السوق، زادت حجوزات الإيجار قصيرة المدة في أوروبا بين فبراير، ويوليو بمقدار 24.4% مقارنةً بعام 2022، وكانت أكثر بـ32.6% من 2019.

تُبشّر المكاسب المبكرة بالخير لموسم الصيف المهم الذي يحقق خلاله منظمو الرحلات وشركات الطيران معظم أرباحهم، إذ إن ارتفاع أسعار التذاكر والغرف يعني أنه يمكن للشركات تغطية تكاليفها المرتفعة، بما في ذلك تكاليف الوقود والعمالة.

على الرغم من الضغوط على ميزانيات الأسر، لا تزال العائلات الأكثر ثراءً تمتلك مدخرات. ويبدو أن الإجازات تظل أولوية، حتى في المملكة المتحدة التي عانت من أزمة غلاء المعيشة.

تغيّر سلوك السائح

لكن بالطبع، هناك مخاطر تحيط بهذه الآفاق المشرقة، وأولها أن المستهلكين يكبحون مشترياتهم أثناء السفر، إذ أنهم يرضون شغفهم بالسفر فيما تنخفض مدخراتهم. في الواقع، على الرغم من أن متوسط الإنفاق لا يزال مرتفعاً عن العام الماضي، إلا أن شركة "توماس كوك" (Thomas Cook) السياحية -التي ولدت من جديد كوكيل سفريات عبر الإنترنت- ترى بعض الإشارات على انتشار ظاهرة تراجع الإنفاق بين العملاء. فعلى سبيل المثال، يتركز نحو 80% من أعمالها في مجال فنادق الأربع والخمس نجوم، لكنها شهدت هذا العام نسبة حجوزات أكبر في فنادق الأربع نجوم. وبالمثل، كان الطلب على حجوزات عطلة نصف العام الدراسي أكبر للإجازات المؤلفة من أربع إلى خمس ليالٍ.

قد تكون هذه مجرد إجازات إضافية، لكن من الممكن أيضاً أنها تحل محل الإجازات الأكثر تكلفة لمدة سبعة أيام في المنتجعات الفخمة. بالإضافة إلى ذلك، بدأ المسافرون في البحث عن مناطق تتمتع بأسعار معقولة أكثر، مثل لانزاروت في جزر الكناري، التي تميل لأن تكون أرخص من جزيرة تنريفي المجاورة. كما أن الحجوزات إلى مصر والمغرب تُباع بشكل جيد.

الصورة لدى شركة "تريفاغو" (Trivago) مشابهة، إذ قالت الشركة المتخصصة في حجز غرف الفنادق عبر الإنترنت مؤخراً، إنها ترى توجهاً بين الناس لتفضيل الفنادق ذات الأسعار المعقولة والرحلات القصيرة. يُظهر العملاء أيضاً اهتماماً بالخيارات الأقل سعراً أكثر مما كانوا عليه في عام 2019.

ومن جهتها قالت شركة "توي" إن الاتجاه الذي ساد في العام الماضي لإضافة يوم آخر إلى الإجازات، قد استمر. غير أن بعض العملاء، ذوي الميزانيات المحدودة، كانوا يختارون البحر الأبيض المتوسط أو مصر بدلاً من وجهات المسافات الطويلة، لأن أسعارها ارتفعت أكثر من غيرها.

السياحة المجاورة

الخطر الثاني الذي يواجه السفر، هو أن بعض المسافرين قد يتذكرون درجات الحرارة المرتفعة في كل أنحاء أوروبا العام الماضي، وهم لذلك يفكرون مرتين قبل الالتزام برحلة صيفية. فلماذا تسافر إلى شاطئ بعيد بينما يمكنك بدلاً من ذلك قيادة السيارة للوصول إلى مكان إجازتك الذي يبعد بضع ساعات فقط عن مدينتك؟ أضف إلى ذلك اضطرابات المطارات خلال عام 2022، وهو ما تبدو معه "السياحة المجاورة" أكثر جاذبية.

يحجز المسافرون بالفعل في وقت قريب من مواعيد رحلاتهم. على سبيل المثال، حالياً يعتبر شهرا أبريل ومايو الأكثر رواجاً لدى "توماس كوك"، لأن ذلك يترك مجالاً كبيراً للمستهلكين للتأجيل في حال واجهوا ارتفاعاً حاداً في تكاليف الرهن العقاري أو فقدوا وظائفهم بشكل غير متوقع.

لكن هذه المخاوف قد تكون قصيرة الأجل، إذ إن هناك إشارات من جانبي المحيط الأطلسي تشير إلى أن التضخم قد بلغ ذروته. وإذا استمر ذلك، واستمرت الأجور في الارتفاع بينما ظلت العمالة قوية، عندها يُتوقع استمرار الرغبة في السفر، أو حتى تزايد حدتها.

السفر في أعلى سلم الأولويات

في الواقع، وجدت شركة "ديستنيشن أناليستس" (Destination Analysts) التي تتتبع حركة المسافرين الأميركيين، أن حماسة هؤلاء تجاه الهروب لقضاء الإجازات، هي الأقوى منذ ثلاث سنوات. قلة فقط من الأميركيين، يثنيها ارتفاع أسعار السفر أو البيئة التضخمية بشكل عام. ويشير هذا إلى أنه إذا تعافت ميزانيات الأسر في النصف الثاني من العام الجاري، فقد يُوَجه أي دخل إضافي إلى الإجازات.

وهذه نعمة ونقمة في الوقت ذاته على الاقتصاد الاستهلاكي الأوسع. فرغم أن السفر يشجع الإنفاق لشراء ملابس سباحة جديدة أو كريمات للحصول على لون بشرة برونزي، إلا أنه يستحوذ على الأموال التي من الممكن إنفاقها على سيارة أو أريكة أو مشروع تجديد منزل.

سيتعين على المتاجر التي تبيع السلع الكبيرة وباهظة الثمن أن تتكيف وتتأقلم مع الأوضاع الراهنة. فحتى مع الضغط الذي تتحمله ميزانيات المستهلكين، يبدو أنهم لم يتوقفوا بعد عن السفر.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

لندن

9 دقائق

4°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى /
3.2 كم/س
91%