بلومبرغ
شهد صيف العام الحالي، استمرارا للعروض الفنية الجديدة، من بانكسي، وجورج كوندو، وحتى زاو وو كي، ووسط الأجواء الاقتصادية الغائمة، عرضت شركة ناشئة في نيويورك على المستثمرين، شراء حصة صغيرة من لوحات فنية لفنانين عالميين مقابل 20 دولارا فقط.
وأدى ذلك إلى ارتفاع الطلب خلال الوباء، وفقا لمؤسس الشركة. حيث تم شراء 15 عملاً فنيا منذ بداية (كوفيد-19). وشهد العام أيضا، بيع قطعة لفنان الجرافيتي الأمريكي "كاوز" بقيمة 1.52 مليون دولار في غضون ساعات قليلة.
البحث عن بدائل لاستثمار الأموال
ويقول سكوت لين، مقتني الأعمال الفنية الذي أسس شركة "Masterworks"في عام 2017، "يشعر بعض الناس أن أسواق الأسهم مبالغ فيها، وهم يبحثون عن أماكن أخرى لوضع أموالهم".
وباتت "Masterworks" تحتل مكانة مزدهرة في مجال التملك الجزئي في الأصول الفاخرة من الفنون الجميلة والمقتنيات الفاخرة والسيارات الكلاسيكية القديمة وحتى الأحصنة المشاركة في سباقات الخيول مثل المهر "أوثينتك"، الفائز بسباق "كنتاكي ديربي".
تكلفة الاستثمار في المقتنيات الباهظة الثمن والنادرة
وأصحبت الشركات الناشئة في هذه المجالات، تقدم الملكية الجزئية كوسيلة ميسورة التكلفة للاستثمار في المقتنيات الباهظة الثمن والنادرة والتي عادة ما تكون متاحة للأثرياء فقط.
وتعمل هذه الشركات وكأنها منصة تداول لسوق الفن والمقتنيات، كما تعمل المنصة الشهيرة "روبين هوود ماركيتس" في مجال التداول بالأسهم. حيث تتيح للمستخدمين شراء جزء بسيط من حصة في الشركات الكبرى مقابل بضع دولارات.
ويعكس ذلك الأمر توجه ديمقراطي حديث في سوق الأوراق المالية. هذه المقارنة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الأكثر خطورة للأصول الفنية أو المقتنيات الفارهة. حيث يحفل تاريخ المزادات بالخسائر الكبرى، وذلك حتى في بعض أعمال الفنانين الكبار والمشهورين.
وليست الملكية الجزئية بالمفهوم الجديد في سوق الفن، أو المقتنيات النادرة. إنه استثمار يتطلب حذر المشتري. ومع ذلك فإن منصة "روبن هود" نفسها تتعرض للضغوط من شكاوى المستثمرين المبتدئين وتواجه تحقيقًا أمريكيًا. إلا أن الوباء، زاد التوجه لتجربة تلك الرهانات المحفوفة بالمخاطر، حيث يتعلق الأمر بالتجربة والإثارة لامتلاك جزء من شيء فريد، حتى مع احتمال خسارة الكثيرين.
مال إضافي للإنفاق على الترفيه
ويقول ديفيد ريتر، المحلل في "بلومبرغ إنتلجنتس"، : "الناس في منازلهم، وهم يشعرون بالملل. وفي حال كانوا من الفئة المحظوظة التي حافظت على عملها وراتبها الشهري خلال الوباء، فهم باتوا غير قادرين على انفاق أموالهم على الأشياء التي كانوا يفعلونها عادةً. لذلك، بات لديهم مال إضافي "ليلعبوا به".
وأشار جيمس سكولليك، 40 عامًا، وهو مستخدم مواظب لـ "روبن هود" من لوس أنجلوس إلى أنه اكتشف منصة "Masterworks" بالصدفة عن طريق "انستجرام". كان ذلك في يوليو، وبعد أسبوعين قام باستثمار 10 آلاف دولار من خلال المنصة. حيث اشترى بقيمة 5000 دولار حصة في لوحة "كوندو". واشترى بالمبلغ المتبقي حصة في لوحة بعنوان "الموناليزا" لبانكسي.
ويقول: "شعرت بأنها طريقة طبيعية لاستثمار بعضا من أموالي".
ويقول مؤسس شركة "Masterworks" إن المنصة استطاعت أن تجذب خلال الوباء حوالي 10 آلاف مستخدم جديد شهريًا. وهي ليست الوحيدة في ذلك. حيث شاركتها شركة "Acquicent" التي تأسست العام الماضي كمنصة تداول لأصحاب الحصص الجزئية في السيارات الكلاسيكية.
زيادة عدد المستثمرين
وشهدت أيضا ارتفاعا بنسبة 80% بأعداد المستثمرين المحتملين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفقًا لما ذكره أنتوني سيترانو، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنصة، الذي يقول: "إنها فئة من الأصول لا يتمكن 99.9% من الناس بمعظم الأحوال حتى لمسها عادةً، وبالنسبة للأشخاص المهتمين بالاستثمار، فإن هذا الأمر يضفي أجواء مثيرة للاستثمار خلال الوقت الحالي".
وتضاعف أيضا عدد المستثمرين في شركة "MyRacehorse" التي تأسست منذ عامين بثلاث مرات في الأشهر الماضية، وفقًا لمؤسسها مايكل بيرنس. ومؤخرًا، شاهد أكثر من 12 ألف مستثمر (عن بعد) سباقًا جرى في حديقة "سانتا أنيتا" في كاليفورنيا. مستخدمين تطبيق "زووم"، وكان بعضهم يرتدي قمصانًا وقبعات تحمل وسم myracehorsewins#. الشركة كانت قد اشترت في يونيو، حصة 12.5% في الحصان "أوثينتيك" (قيمته تقدر بـ 15 مليون دولار)، وهو مهر دربه بوب بافيرت الفائز مرتين في سباق "تريبل كراون".
عن ذلك يقول بيرنس: "عليك أن تدرك أن هذا ليس استثمارًا تقليديًا. نحن نشجع الناس على تجربته".
"أوتيس"، وهي شركة عمرها عام واحد، تعمل في مجال شراء الحصص في الأعمال الفنية الناشئة والمقتنيات الحديثة مثل الأحذية الرياضية والكتب المصورة. هي أيضًا تشهد زيادة في الطلب مع الوباء. فمنذ مارس، تم شراء 20 قطعة من بين 35 قطعة تمتلكها الشركة، وذلك وفقًا لمؤسسها مايكل كارنجانابراكورن.
وتصل أقل قيمة للحصص في بعض هذه الأعمال إلى 10 دولارات فقط. بينما وصل أعلاها ثمانا إلى 425 ألف دولار وهو أحد أعمال الفنان البريطاني "بانكسي".
ويقول كارنجانابراكورن: "منذ عامين فقط، كانت هذه الفكرة تبدو غبية للغاية. كان الناس يقولون، لماذا تفعل ذلك؟ الآن هو أمر حقيقي".
شركات الملكية الجزئية
وتمتلك شركات الملكية الجزئية نماذجاً مختلفة لإدارة أعمالها، ولكن معظمها يستعمل تسجيل الملفات من خلال لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، التي تستضيف بدورها العروض الأولية للأصول بطريقة مشابهة لإصدارات الأسهم الجديدة عند إدراج الشركات في البورصات. في منصة "Masterworks" مثلا، يوجد سوق ثانوي للراغبين في تحقيق عوائد أسرع من خلال تداول الحصص الاستثمارية في أصولهم.
وبرزت خلال الأشهر الأخيرة، "Masterworks" كمشتر نشط للأصول الفنية التي تقل قيمتها عن 5 ملايين دولار، واستمر هذا التوجه بالرغم من تباطؤ الصفقات في سوق الفن عموما. إذ استحوذت الشركة الناشئة منذ 17 مارس، على 15 عملًا فنيًا مقابل 31.8 مليون دولار. وذلك مقارنة بخمسة أعمال فقط استحوذت عليها خلال العامين الماضيين. ويضيف مؤسسها لين، أنه يخطط لإنفاق أكثر من 100 مليون دولار على الأصول الفنية هذا العام.
يذكر أن شركة "Masterworks" تقوم بعمليات شرائها عن طريق المزادات أو من خلال المبيعات الخاصة، وتخطط للاحتفاظ بالأعمال التي تشتريها لمدة تصل إلى سبع سنوات.
وتفرض الشركة رسوما إدارية سنوية على المبيعات تبلغ 1.5 في المئة وتحصل على 20% من الأرباح عند بيع القطع الفنية في النهاية.
منشأة تتمتع بالأمن وتقنيات التحكم في المناخ
ولمواكبة الطلب المتنامي، ضاعف "لين" عدد موظفيه إلى 40 شخصًا منذ مارس 2020.
آرون شوماكر، 37 عامًا، أحد مستخدمي المنصة، أنفق أكثر من 200 ألف دولار على حصص في ستة أعمال فنية من خلال "Masterworks" خلال العام المنصرم، بما في ذلك لوحات لـ"أندي وارهول" و"جان ميشيل باسكيات" و"يايوي كوساما".
وعن ذلك يقول رجل الأعمال المقيم في العاصمة واشنطن، والذي لم ير حتى الآن أيا من مقتنياته الستة: "لا أعتقد أنني سأرتاح لفكرة عرض أحد هذه الأعمال على جدار منزلي. يبدو لي هذا الأمر حافلا بالمخاطر".
بدلاً من ذلك، يرضيه تماما بأن تقوم "Masterworks" بتخزين هذه الأعمال في منشأة تتمتع بالأمن المناسب وتقنيات التحكم في المناخ ولديها التأمين المناسب على اللوحة. بينما يأمل هو بأن يحقق عائدا ماليا جيدا من خلال استثماره بها.
لكن الحقيقة المثيرة للقلق وسط كل هذا، هو أن معظم الأعمال الفنية لا ترتفع مع الوقت من حيث القيمة المادية.
وعن خطورة هذه الاستثمارات يقول جيفري ديتش، الذي شارك في تأسيس خدمة استشارية فنية لـ"سيتي بنك" في عام 1979، والذي دافع أيضا عن (فن الشارع) بصفته مالك معرض ومدير متحف: "حتى أعمال الفنانين العظماء يبالغ في تقديرها بالسوق. في مرات كثيرة اشتريت أعمالًا فنية، مقتنعًا بأنها ستحقق الكثير من الأرباح، ولكنني بالكاد خرجت منها بدون خسائر".