قطب إعلامي يحارب للاحتفاظ بإمبراطوريته الهندية البالغة قيمتها 4 مليارات دولار

time reading iconدقائق القراءة - 8
سوبهاش تشاندرا  - المصدر: بلومبرغ
سوبهاش تشاندرا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لا يُعد سوبهاش تشاندرا غريباً عن معارك الشركات. ففي عام 1998، عندما حاول شريكه آنذاك روبرت مردوخ شراء مشروعهما التلفزيوني الهندي المزدهر البالغ من العمر خمس سنوات؛ تصدى رجل الأعمال ببراعة للملياردير لاستعادة السيطرة على ما أصبح شركة "زي إنترتينمنت إنتربرايزس ليمتد" فيما بعد.

وبعد أكثر من عقدين من الزمن، عادت أكبر شبكة ترفيهية متداولة في البورصة بالهند إلى قلب نزاع معقد في مجلس الإدارة، إذ يقف تشاندرا وأنصاره ضد صندوق "إنفيسكو ديفلوبينغ ماركتس"، ومقره أتلانتا، وهو أكبر مساهم في "زي" بحصة 18%.

فقدان السيطرة

لكن هذه المرة، يُخاطر رجل الأعمال البالغ من العمر 70 عاماً، والمعروف بتصفيفة شعره المميزة باللونين الأسود والفضي، بفقدان السيطرة تماماً في الوقت الذي تدرس فيه الشركة توسيع آفاقها في مجال البث الرقمي.

وقد انخفضت حصة عائلته في "زي إنترتينمنت" إلى أقل من 4% بعد أن رهن أسهماً لتخليص الديون المستحقة على مجموعته الأكبر "إيسل غروب" (Essel Group).

وفي حين يدير نجل تشاندرا شركة "زي" كرئيس تنفيذي، يبحث قطب الإعلام عن طرق لزيادة مساهمة عائلته.

وتريد شركة "إنفيسكو"، غير الراضية عن طريقة إدارة "زي"، إزالة بونيت جوينكا، وهو ابن تشاندرا من منصب الرئيس التنفيذي، وإصلاح مجلس الإدارة، والحصول على مالك جديد. وقد تراجعت أسهم شركة "زي" بنسبة 50% عن الرقم القياسي المسجل في عام 2018.

استطلاع: ماليزيا والهند ستحققان أسرع معدلات نمو في آسيا خلال 2022

حضور محلي قوي

يُشار إلى أنَّ الشركة على المحك، وهي شركة تستحوذ على 17%من سوق الإعلام والترفيه في الهند، وتصل إلى أكثر من 600 مليون شخص.

كما تمتلك "زي" أيضاً مكتبة واسعة من المحتوى باللغة المحلية، إذ يعود تاريخها إلى التسعينيات، وهي ميزة مربحة بشكل متزايد وسط منصات البث الرقمي العالمية، والبرامج الناجحة عبر الثقافات، مثل مسلسل "لعبة الحبار" (Squid Game) في كوريا الجنوبية.

وتُعد منصة البث الرقمي الخاصة بـ "زي" رائدة بين اللاعبين المحليين مع ما يقرب من 73 مليون مستخدم نشط شهرياً. كذلك تسعى الشركات العالمية العملاقة، مثل: "نتفلكس"، و"أمازون"، و"ديزني" إلى إيجاد موطئ قدم لها في الهند؛ إذ تعد "زي" واحدة من أكثر التجمعات الواعدة في العالم للمشاهدين المستقبليين.

في حلبة البث الرقمي.. "نتفلكس" تثبت قوتها مع الوباء أو بدونه

في هذا الصدد، قال باريتوش جوشي، الذي يدير شركة الاستشارات الإعلامية "بروفوكاتور أدفايزري" في مومباي، إنَّ شركة "زي"هي "نقطة انطلاق رائعة للأعمال لأية شركة تسعى للعمل في الهند أو في الخارج. وقد رأى روبرت مردوخ قيمة في "زي" منذ 30 عاماً، مما دفعه لجعل سوبهاش تشاندرا شريكاً له في العمل. وما تزال حالة العمل قائمة في ظل وجود 200 مليون منزل يحصل على الخدمات التلفزيونية في الهند حالياً مقارنة بـ 5 ملايين منزل في ذلك الوقت".

جاذبية جديدة

تتوقَّع شركة "إرنست آند يونغ" أن تنمو سوق الترفيه في الهند بنسبة 30% تقريباً ليصل إلى 29 مليار دولار بحلول عام 2023. وهذا يمنح اللاعبين المحليين مثل "زي" جاذبية جديدة.

وفي الواقع؛ كان لشركة "والت ديزني" وجود ضئيل جداً في الهند قبل أن تقفز إلى المركز الأول بين عشية وضحاها بحصة 27% من السوق، وذلك بعد أن ورثت قنوات "ستار" المحلية لمالكها مردوخ عقب استحواذها في عام 2019 على أصول الترفيه التابعة لشركة "توينتي فيرست سينتشري فوكس".

كما أنَّ أسهم "زي" أرخص نسبياً في الوقت الحالي؛ فقد انخفضت قيمتها السوقية إلى حوالي 4 مليارات دولار من ذروتها في 2018، متأثرة بارتفاع الديون على مستوى المجموعة، ورهن المؤسسين لحصتهم في الأسهم.

خلاف مع أكبر المساهمين

يُشار إلى أنَّ المواجهة المريرة بين "تشاندرا"، و"إنفيسكو" تضمنت حرباً كلامية، تشمل مزاعم قطب المال بأنَّ الصندوق الأمريكي يملك "خطة دقيقة أكبر" للسيطرة على الإمبراطورية التي أسسها.

وقد تمسكت شركة "إنفيسكو" بطلبها لعقد اجتماع للمساهمين من أجل طرد نجل تشاندرا من مجلس الإدارة، ومن منصب الرئيس التنفيذي قائلة، إنَّ مؤسسي الشركة كانوا يُثرون أنفسهم على حساب المساهمين العاديين.

كما طلبت "زي" من محكمة في مومباي منع دعوة "إنفيسكو" لاجتماع المساهمين.

فضلاً عن ذلك، يهدد الخلاف بإشعال معركة استيلاء. فبعد فشل محاولة "إنفيسكو" تسهيل عملية شراء "زي" في مارس من قبل شركة "ريلاينس إنداستريز ليمتد" - بقيادة أغنى رجل في آسيا موكيش أمباني – سعت إلى الإطاحة بـ"جوينكا".

موكيش أمباني يشتري حصة في علامة تجارية لصناعة أزياء نجوم "بوليوود"

محادثات للاندماج مع "سوني"

و ردَّ تشاندرا بإعلانه في 22 سبتمبر أنَّ "زي" قد دخلت في محادثات اندماج ودية مع شركة "سوني غروب كورب"، التي كانت تبحث عن أصول هندية منذ بعض الوقت.

وتسمح شروط صفقة "سوني" غير الملزمة، مع فترة حصرية مدتها 90 يوماً، لعائلة تشاندرا برفع حصتها إلى 20%، وهي شروط تتعارض مع أهداف "إنفيسكو".

فقد قالت "زي"، إنَّ الاندماج مع "سوني" هو أفضل صفقة مطروحة على الطاولة، إلا أنَّها منفتحة على العروض من مقدمي العطاءات الآخرين.

كذلك أكدت "ريلاينس" أنَّه تم إجراء مناقشات مع جوينكا في مارس حول "اقتراح واسع" لدمج عملياتهما الإعلامية. وقالت المجموعة في 13 أكتوبر، إنَّ الخلافات نشأت حول دور الأسرة المؤسِّسة والطرق التي يمكن بها زيادة حصتها. كما أشارت"ريلاينس" إلى أنَّها قررت عدم المضي قدماً، مضيفة "لم نلجأ مطلقاً إلى أي معاملات عدائية".

ورفضت "زي"، و"سوني"، و"ريلاينس" الإدلاء بتعليقات أخرى.

طريق وعرة

قال نيتين مانغال، المحلل المستقل الذي ينشر على الموقع الإلكتروني "سمارت كارما"، في مذكرة بتاريخ 27 سبتمبر: "لكي يتم الاندماج، ستحتاج "زي" إلى موافقة 75% من مساهميها، وهو جبل بحد ذاته؛ إذ ستكون الطريق وعرة أمام شركة "زي" في المستقبل القريب".

وفي حال اتفقت "سوني" و"زي" على صفقة نهائية، فسيكون ذلك بمثابة انقلاب للعملاق الياباني. ومن شأنه أن يزيد حصة "سوني" في السوق الهندية بأكثر من الضعف إلى حوالي 25%. كما يمكن أيضاً أن تحصل خدمة البث المحلية التي تسمى "سوني ليف" على دفعة نحو الأمام.

لكن قد يكون من السابق لأوانه إعلان فوز "سوني". إذ يمكن أن تعود "ريلاينس" نظرياً إلى السباق في حال تمكَّنت "إنفيسكو" من تجديد مجلس إدارة "زي"، الذي سيبحث حينها عن مقترحات اندماج جديدة.

كما أنَّ لدى أمباني، الذي حصلت مشاريعه التكنولوجية، وفي مجال التجزئة أيضاً على استثمارات بقيمة 27 مليار دولار، طموحات للترفيه والبث المباشر أيضاً.

من جانبه، قال موهيت ساراف، الشريك الإداري في شركة "ساراف وشركاه للمحاماة"، ومقرُّها نيودلهي: "في حال تمكَّنت "إنفيسكو" من إعادة تشكيل مجلس الإدارة، فأنا أعتقد أنَّ المجلس سيدير ​​عملية مزاد، ويختار أعلى مزايد، وسواء كان ذلك مع "سوني"، أو مع "ريلاينس"؛ فإنَّ الأمر كله يتعلق بالتوحيد، وكسب حصة السوق".

مُصدِّر الأرز

كان تشاندرا موهوباً في إبرام الصفقات الإبداعية بعد فترة قصيرة قضاها كمُصدِّر للأرز إلى الاتحاد السوفيتي السابق في الثمانينيات. كما نوّع أعماله في مواد التغليف، وأنشأ متنزهاً ترفيهياً خارج مومباي، وأطلق "تلفزيون زي" عندما تحررت الهند من احتكار الدولة لوسائل الإعلام، وأدخلت تلفزيون الكابل إلى المنازل الهندية في أوائل التسعينيات.

يُشار إلى أنَّه في خضم نزاعه مع مردوخ؛ فإنَّ اليد العليا كانت لـ"تشاندرا"، إذ كان أداء المشروع جيداً جزئياً بسبب المسلسلات الهندية، ومحتوى بوليوود الذي جلبه "زي" إلى الطاولة. ولكن هذه المرة، يكافح تشاندرا للحفاظ على ما بناه، ولرعايته من موقع الضعف النسبي.

وفي مقابلة أجراها في وقت سابق من هذا الشهر، قال تشاندرا لـ "زي نيوز"، القناة الإخبارية التابعة لمجموعته: "سأقاتل، ليس من أجل المكاسب المالية؛ وإنما من أجل الوصول إلى الرضا بأنني صادق مع ملايين مشاهدي "زي"".

تصنيفات

قصص قد تهمك