بلومبرغ
لم تنجح زيادة المبيعات المكونة من ثلاثة أرقام هذا العام في إنقاذ شركة "أستون مارتن" من خسائر الأرباح التي تقدر بملايين الدولارات، لكن الشركة تشهد تحسناً ملحوظاً، للمرة الأولى منذ فترة طويلة.
في 24 أغسطس، أعلنت جهات التنظيم المالي أنها لم تجد أي مخالفات، بعد مزاعم بالتداول من الداخل بين كلٍ من "أستون مارتن لاغوندا" (Aston Martin Lagonda) وشركة "دايملر" (Daimler AG). وقام التحقيق الذي أجرته وزارة المالية الاتحادية الألمانية، المعروفة باسم (BaFin)، بفحص صفقة شراء حصة في "أستون مارتن" من قبل رئيس "فورملا 1" التابعة لشركة "مرسيدس بنز"، حيث تسببت العلاقة بين العلامتين التجاريتين بالكثير من الشبهات في القطاع، كما تمتلك "دايملر"، الشركة الأم لـ"مرسيدس"، حصة أقلية في "أستون مارتن".
كان هذا انتصاراً جديداً لشركة صناعة السيارات البريطانية العريقة في الفترة الأخيرة، والذي يأتي بعد قائمة طويلة من حوادث الفشل المتكرر، حيث تتمتع الشركة بتاريخ طويل من سوء الإدارة على مدى تاريخها الممتد لـ108 عام، والذي أدى بدوره إلى 7 حالات إفلاس، كان آخرها في عام 1974، وطلب بالإغلاق في عام 2014.
كذلك، قبل بضع سنوات، كانت منتجات الشركة تتنوع بين المملة والمبهرجة فقط، وأحد الأمثلة على ذلك سيارة "DB11 فولانت كاريكا" لعام 2018. أيضاً، لا يمكن أن ننسى واقعة الاكتتاب العام السيئ، الذي تراجعت فيه الأسهم بنسبة 6.5% في اليوم الأول، ثم هبطت بنسبة 75% بعد فترة وجيزة.
مبيعات قليلة
وحتى هذه اللحظة لا يزال ارتباط الشركة بشخصية جيمس بوند مستمراً، وتبيع "أستون مارتن" أقل من 5 آلاف سيارة على مستوى العالم سنوياً، ويعد ذلك جزءاً ضئيلاً للغاية من مئات الآلاف التي تبيعها "مرسيدس بنز" و"بورشه". وفي 2020، باعت "آستون مارتن" 4 آلاف و150 سيارة حول العالم، لتنخفض مبيعاتها بنحو 32% مقارنة بعام 2019.
لكن هذا العام يبدو أفضل بالفعل للشركة، فقد أعلنت "أستون" في يوليو عن زيادة مبيعاتها بنسبة 224% في النصف الأول من 2021. وباعت الشركة ألفين و901 سيارة حول العالم في النصف الأول من عام 2021، وكان أكثر من نصف مبيعاتها من طراز "دي بي إكس" (DBX) الرياضية متعددة الاستخدامات، والتي تبلغ قيمتها 189 ألف دولار. وتقول "آستون مارتن" إنها في طريقها لبيع 6 آلاف مركبة بحلول نهاية 2021.
قيادة جديدة
قال الرئيس التنفيذي توبياس مويرس، خلال مقابلة تمت معه في 14 أغسطس بمدينة كارميل بولاية كاليفورنيا: "إنها رحلة معقدة، لكنه كان عاماً قوياً بالفعل".
منذ توليه لزمام القيادة في أغسطس 2020، قام الألماني المتحفظ الطبع، بطرح خطة التجديد للشركة موطن سيارة "لاغوندا" الكلاسيكية، حيث أغلق ورشة للطلاء تابعة للشركة في غايدون بإنجلترا، معطياً الأولوية لنقل السيارات ذهاباً وإياباً إلى ويلز، وتوصل إلى خفض القوة العاملة، ووضع خططا لمحرك "V6" بطراز سيارة "فالهالا" (Valhalla) و"فانكويش" (Vanquish)، كما قام بتحويل مكان الإنتاج المخطط له لسيارة "فالكيري" (Valkyrie) الهجينة البالغ سعرها 3 ملايين دولار، من مساحة كبيرة يتم إعدادها خصيصاً لذلك، إلى المصنع الرئيسي.
قال مويرس بطريقة مقتضبة يتسم بها الألمان الذين نشأوا في منطقة الغابة السوداء، والتي تعطيهم سمعة الصلابة: "كان الأمر المنطقي للقيام به". وأضاف: "رؤية العمال لسيارات "فانتيدج" و"فالكيري" بجوارهم يجعلهم يحصلون على مزيد من التشجيع". وقد يكون هذا هو الحافز القاسي الذي تحتاجه الشركة، فخر مدينة يوركشاير.
حصص مختلفة
كذلك، بدأت الأمور في "أستون مارتن" في التحسن عندما اشترى ملياردير عالم الموضة الكندي لورانس سترول، حصة بنسبة 16.7% في الشركة العام الماضي. وفي أغسطس 2020، قام سترول بتعيين مويرس، الرئيس السابق لشركة "مرسيدس إيه إم جي" والموظف المخضرم الذي استمر في العمل لمدة عقدين في شركة "دايملر"، كنائب أول له. بدوره، أقنع مويرس بعضاً من أفضل مساعديه في "إيه أم جي" بالانضمام إليه. وفي 2013، تم توقيع اتفاقية مشاركة التكنولوجيا مع شركة "مرسيدس بنز" التي كانت تملك أسهما بنحو 5%، لترتفع هذه الحصة إلى 20% بعد دخول سترول.
"دايملر" تتوقع هوامش أرباح قياسية لـ "مرسيدس"
موديلات "لامبورغيني" لعام 2021 توشك على النفاد
في 3 مارس، قال سترول لتلفزيون "بلومبرغ" إن السيارات الرياضية التابعة للعلامة التجارية، تم بيعها بالكامل حتى سبتمبر، وإن طلبات شراء "دي بي إكس" الجديدة تفوق التوقعات. بينما أوضح مويرس أن كورونا ساعدهم أيضاً، وقال: "لقد ساعدنا في الحفاظ على تركيزنا. فلم يكن لدينا أي مصدر إلهاء. كنا نمكث للعمل حتى 14 ساعة في اليوم، نعم 14 ساعة في اليوم. أعلم إنه منظور مختلف للجائحة، وأن الأمر يبدو غريباً، لكنها الحقيقة".
آفاق جيدة
وفقاً لما لاحظه المحللون، في يناير، فقد قام رئيس قسم أبحاث السيارات الأوروبية في "سيتي غروب" بترقية "أستون مارتن" إلى تصنيف "الشراء" بعدما كانت في فئة "محايد". وبحلول شهر يوليو، كان محللو الأرقام في "غولدمان ساكس" يخبرون المشترين أن "آستون مارتن" تقطف ثمار العمل الشاق الذي قامت به العام الماضي. ورأى تقرير صدر في 28 يوليو عن "دويتشه بنك" أن "آستون مارتن" تنجز الخطوات المطلوبة لبناء سجل قياسي، وتأخذ خطوة واحدة في كل مرة لتحقق أهداف العام بأكمله.
أيضاً، في أغسطس، قالت جيليان ديفيس، محللة السيارات في "بلومبرغ إنتليجنس"، أن "أستون مارتن" على المسار الصحيح لتتنافس مالياً مع شركات مثل "فيراري" و"بورشه" في نهاية المطاف. وكتبت: "لا يوجد سوى عدد قليل من العلامات التجارية القادرة على بيع السيارات الفائقة ذات الإصدارات المحدودة، وتحقيق الربحية العالية التي تزيد عن مليون دولار، وهذا النادي يضم أستون مارتن".
كان مايكل دين، كبير محللي السيارات الأوروبيين في "بلومبرغ إنتليجنس"، أكثر تحفظاً في استخدام عبارات رنانة للإقرار بالتقدم، حيث انتقد التكنولوجيا الأقل ثورية في "دي بي إكس"، وأشار إلى أن الشركة بحاجة إلى تقديم المزيد من التفاصيل والمعالم حول كيفية تحقيقها لأهدافها المالية الجديدة. لكنه قال إن تعيين مويرس وفريقه أحدث فرقا يشبه "الليل والنهار" في الشركة إذا ما تمت المقارنة بالإدارة السابقة.
وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني: "من المؤكد أنهم لم يتجاوزوا مرحلة الخطر، كما أن انخفاض المخزون والتحول إلى نموذج يحركه الطلب كان أمراً مؤلماً". واستطرد: "إنهم بحاجة إلى تجديد شامل لمجموعة السيارات الرياضية، وهذا الأمر سيستغرق عامين آخرين. في غضون ذلك، سيجعلهم ذلك أكثر اعتماداً على (دي بي إكس) ونماذج الإصدارات المحدودة".
من المتوقع أن يظل التدفق النقدي الحر لـ"أستون" سلبياً في عام 2021، على الرغم من تحوله إلى الناحية الإيجابية في الربع الأول. وقال دين إنه إذا سارت الشركة وفق الخطة التي وضعتها، فسيكون التدفق النقدي الحر إيجابياً بحلول عام 2023.
الوصول للربحية
تتضمن هذه الخطة محفظة منتجات موسعة مع سيارتين رياضيتين جديدتين على الأقل بمحرك متوسط، وهما: سيارة "فالهالا" الفائقة وسيارة "فانكويش" الرياضية. (هذه الطرازات تختلف عن سيارات أستون الرياضية التقليدية ذات المحرك الأمامي، مثل: دي بي إس، ودي بي 11، وفانتيج). هناك أيضاً مجموعة سيارات كهربائية، تطورها الشركة من خلال شراكتها مع "مرسيدس"، واستثمارات بملايين الدولارات لتحديث أنظمة المعلومات والترفيه من أجل كل من الطرازات الجديدة.
في وقت سابق من هذا الصيف، كشفت الشركة النقاب عن نسخة الإنتاج المحدثة التي طلبها مويرس من طراز "فالهالا" بقوة 950 حصانا. وسيبدأ إنتاج السيارة الفائقة الهجينة الموصولة بالكهرباء في عام 2023. ومن المتوقع أن يتجاوز سعرها 700 ألف دولار.
ستكون هناك أيضاً أنواع محركات جديدة أكثر قوة لطراز "دي بي إكس"، التي تعتبر الجزء الأكثر أهمية في محفظة "أستون مارتن". ويقول مويرس إنه بحلول الربع الأول من عام 2022، ستطلق "أستون مارتن" لأول مرة بدائل محركات "دي بي إكس"، بما في ذلك نسخة هجينة وعالية الأداء من شأنها أن تنافس نظرياً سيارة "لامبورغيني أوروس" (Urus) الأكثر مبيعاً.
حتى أن مويرس يصر على أن تسليم طراز "فالكيري" سيبدأ بحلول نهاية عام 2021، بعد عامين من التأخير. ويقول مويرس: "إنها دائماً رحلة لتغيير الثقافة". واختتم: "لدينا عقلية أكثر انفتاحاً. ويجب أن نكون أكثر قدرة على المنافسة. لكن لدينا فرصة للنجاح".