تحمل خطة البنية التحتية التي تشق طريقها عبر الكونغرس الأمريكي- والتي تترك خلفها الكثير من التغييرات المنشودة- جانباً لا ينبغي أن يشكّل موضع خلاف، ولكنه رغم ذلك يواجه معارضة حادة، وهو يتمثل ببند إضافي يهدف إلى القضاء على التهرب الضريبي في عالم العملات المشفرة المزدهر.
تعتبر الحسابات الضريبة، بالنسبة للمستثمرين في معظم الأصول المالية، أمراً بسيطاً نسبياً. حيث يتم حساب الأرباح الخاضعة للضريبة، ضمن استمارة (1099) التي يقدمها الوسطاء لعملائهم لتعبئتها سنوياً، وتحصل دائرة الإيرادات الداخلية (IRS)، على نسخة من هذه الاستمارة لتتمكن من التحقق من الإقرارات الضريبية.
أما في عالم العملات المشفرة، فإن استمارة (1099) غير شائعة. حيث تمت كتابة قواعدها قبل ظهور الأصول الرقمية، التي غالباً لا يتم تداولها عبر الوسطاء التقليديين. حيث يتم تداول العملات المشفرة من خلال منصات متنوعة، بما في ذلك البورصات مثل "كوين بيس"، و"كركين"، ومقدمي المحافظ الإلكترونية، وأنظمة التمويل الآلية اللامركزية غير المراقبة. وبالتالي فإنه يصعب على المستثمرين، ناهيك عن مصلحة الضرائب، تتبع المكاسب والخسائر منها.
مليارات ضائعة
من جهتهم، يدرك المسؤولون هذه المشكلة. حيث يقول تشارلز ريتيج، مفوض مصلحة الضرائب الأمريكية، إن نقص المعلومات حول العملات المشفرة يساهم بشكل رئيسي في الفجوة بين الضرائب الأمريكية المستحقة، والمحصلة، والتي تقدر بحوالي تريليون دولار سنوياً. وقد تقدم ريتيج بطلب مشترك مع وزارة الخزانة، إلى الكونغرس، خلال الأشهر الماضية، بهدف السماح للحكومة بمطالبة الوسطاء ذوي العلاقة بهذه التعاملات بتقديم تقارير منتظمة.
وقد تمثل رد الكونغرس على هذا الطلب، بإضافة بند جديد إلى مشروع قانون البنية التحتية الذي يتم عرضه حالياً على مجلس النواب. من خلاله يوسّع القانون، متطلبات إعداد التقارير المالية، لتشمل الأصول الرقمية، كما يمنح الحكومة سلطة واسعة لتحديد الوسطاء الذين يتوجب عليهم الإبلاغ عن العمليات، وذلك من خلال تعريف "الوسيط" على أنه "أي شخص مسؤول (لمتابعة النظر فيه) عن تقديم خدمات عمليات تحويل الأصول الرقمية، بشكل منتظم، نيابة عن شخص آخر".
هذه اللغة، تثير قلق جماعات الضغط في صناعة العملات المشفرة، وحلفائهم من الساسة. إذ يقولون إن هذا التعريف واسع للغاية، ويشمل كيانات من الصعب اخضاعها، مثل مطوري المحافظ الإلكترونية، وأجهزة الحاسب الآلي التي تحتفظ بالحسابات العامة (المعروفة بسلاسل الكتب أو بلوكتشين)، حيث يتم حفظ بيانات المعاملات. كما يزعمون أن هذا قد يقتل الإبداع، ويدفع تعاملات العملات المشفرة بالتوجه نحو الخارج، كما قد يؤدي الأمر إلى ركود الأصول الرقمية في الولايات المتحدة.
مساحة واسعة للتعديل
غير أن هذه المخاوف مبالغ فيها، فالتشريع هو مجرد بداية، وسيتعين على وزارة الخزانة، ودائرة الإيرادات الداخلية، كتابة قواعد لتحديد من سيقوم بالإبلاغ، وكيفية حدوث ذلك، مع تحديد فترة للإشعار، والتعليق. كما تقول وزارة الخزانة إنها مهتمة فقط بالكيانات التي تؤدي أدوارا شبيهة بدور الوسطاء. ومع ذلك فلن يكون من السهل إتمام هذا بشكل دقيق، في مجال سريع التطور كالعملات المشفرة، ولهذا السبب فمن المنطقي وضع تشريع واسع. حيث يحتاج المسؤولون إلى مساحة واسعة لتعديل المتطلبات، بحيث تنطبق على الكيانات التي تستطيع توفير المعلومات اللازمة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نأخذ بالاعتبار جميع التعاملات اللامركزية، التي قد تكون مستثناة من التعديلات المقترحة على التشريع. حيث تتم برمجة هذه التعاملات لتنفذ تلقائياً، وقد يصعب التعرف على مطوريها. وهنا تكمن المشكلة، غير أنه من السابق لأوانه بعد القول، ما إذا كان سيصعب إخضاع هذه التعاملات، أو أنه يجب عدم إلزامها بمتطلبات الإبلاغ. حيث قد يؤدي التغاضي عنها إلى ترك باب التهرب الضريبي مفتوحاً على مصراعيه.
وفي نهاية الأمر، سيكون على الكونغرس المضي قدماً بشكل فعليّ، لدعم وتمكين، وزارة الخزانة، لتبادل المعلومات مع هيئات أجنبية، وعلى سبيل المثال، وإغلاق بعض منصات العملات المشفرة، لوقف التهرب الضريبي. ولكن حتى الآن، فإن التشريع المقترح يمثل خطوة أولى لها ما يبررها، حيث سيجعل الامتثال الضريبي أسهل بالنسبة لدافعي الضرائب الملتزمين بالقانون، ويجعل التهرّب أمراً أكثر صعوبة، بالنسبة للبقية منهم.