بلومبرغ
سيؤدي انفجار الاقتراض الحكومي منذ بدء وباء كورونا، حتمياً إلى موجة من الخفض في الإنفاق، وزيادة في الضرائب لإعادة أوضاع الموازنات الحكومية إلى مسارها الصحيح.
يعدُّ هذا درساً في التاريخ الاقتصادي، الذي سلَّط عليه جيمس ماكورماك، المدير العالمي لتصنيفات الديون السيادية في "فيتش" الضوء قائلاً، إنَّه حتى إنْ لم يكن التقشف مطروحاً في الوقت الحالي؛ فإنَّ فاتورة تمويل الوباء ستُستحق حتماً.
اتخذت الحكومات حول العالم تدابير مالية بقيمة 16 تريليون دولار للحيلولة دون الانهيار الاقتصادي أثناء الوباء، وفقاً لصندوق النقد الدولي، للمساعدة على دفع التعافي، لكنَّه ترك الديون عند مستويات أوقات الحرب.
ستاندرد آند بورز: الدين العالمي سيبلغ 200 تريليون دولار
وفيما يلي مقتطفات من المقابلة مع ماكورماك في هونغ كونغ، التي تمَّ تحريرها قليلاً للوضوح.
قبل عقد من الزمان أو نحو ذلك، كانت شركات التصنيف الائتماني وغيرها تحذِّر من ارتفاع الديون، وتؤكِّد على الحاجة إلى الانضباط المالي، ومع ذلك، فقد انفجرت معدلات الاقتراض العالمية أثناء الوباء، فهل هذا مستدام؟
الشيء الوحيد الكبير الذي تغيّر هو توقُّعات أسعار الفائدة.
عندما تتطرَّق إلى استدامة الدين، فنحن نفكر في معادلة آليات الديون الكلاسيكية: التوازن الأساسي، وأسعار الفائدة، ونمو الناتج المحلي الإجمالي؛ وهذه المتغيّرات الثلاثة تخبرك إلى أين ستذهب نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وحتى في بيئة ذات معدل نمو منخفض، وطالما أنَّ الفائدة أكثر انخفاضاً؛ فإنَّ الديون يمكن أن تكون مستدامة. وتبدو الديون مستدامة حقاً على المدى القصير، أما على المدى الأطول؛ فإنَّ بيئة الفائدة المختلفة من شأنها أن تغيّر آليات الديون بقدر كبير.
ما هي الخيارات المتاحة للحكومات لخفض نسب الدين للناتج المحلي الإجمالي؟
في الواقع، فإنَّ أكثر ما يهم حقاً هو معدلات الفائدة.
يوجد عدد من الإجراءات لتقليل أعباء الدين: الأول، هو إجراء تعديلات مالية لتحسين العجز. والثاني، هو النمو بوتيرة أسرع. والثالث، هو تقليص الدين عبر التضخم. والرابع، هو إعادة الهيكلة أو التعثر. ومن الواضح أنَّ الطريق المفضَّل للحكومات للتعامل مع نسب الدين للناتج المحلي الإجمالية هو النمو بوتيرة أسرع، لكن على الأرجح لن يكون هذا الطريق المناسب لخفض نسب الديون من وجهة نظرنا.
هل توجد دروس من التاريخ الاقتصادي تُعلمنا كيف يمكن تقليص نسب الدين؟
عندما ننظر إلى الحلقات التاريخية من تخفيض نسب الدين للناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات المتقدِّمة؛ فإنَّ العامل المشترك هو أنَّ جميع الحكومات تدير عادة فائضاً أولياً، لذا إذا فكَّرنا بشأن كيفية خفض نسب الدين للناتج المحلي في المستقبل، فنحن لا نعتقد أنَّ المستقبل سيكون مختلفاً، ونرجح أن تكون هناك حاجة لإجراء التعديلات المالية، لكن هذا حقاً ليس على خطة أي أحد على المدى القصير.
ماذا تعني التعديلات المالية.. خفض الإنفاق وزيادة الضرائب؟
إنَّها تعني كلا الأمرين، وإذا نظرنا إلى مدى تدهور الأوضاع المالية خلال 18 شهراً الماضية، في الأسواق والاقتصادات المتقدِّمة، فسنجد أنَّ أغلب التدهور كان في جانب الإنفاق. وبالتالي، كان تركيز التحفيز حول العالم في جانب الإنفاق، وهنا على الأرجح ينبغي تطبيق التعديلات. وعلى المدى القصير، هناك مخاوف من أن تؤدي أخطاء التقشف إلى سحب المحفِّزات أسرع مما ينبغي.
ماذا يعني كل ذلك على التصنيف الائتماني للحكومات؟
كان العام الماضي قياسياً فيما يتعلَّق بتخفيضات التصنيف الائتماني، وذلك كان بمثابة صدمة كبيرة إلى حدٍّ ما، وتمَّ تخفيض التصنيف الائتماني لـ 33 دولة، كما خفَّضنا تصنيف 5 دول أخرى العام الجاري، وبالتالي؛ فقد تباطأت الوتيرة كثيراً، إذ نصنف 120 دولة، وكان العامل المشترك في كل تلك التخفيضات هو تدهور الأوضاع المالية العامة.
ونعتقد أنَّ نقطة التحوُّل كانت تقريباً في النصف الثاني من العام الماضي، ونحن الآن في مرحلة التعافي البطيء للتصنيفات، وإذا أخذنا في الاعتبار الرؤى السلبية؛ فإنَّ مسار التعافي مشابه في الشكل لمسار التعافي في رؤى 2009 و2016، عندما تضرَّرت الكثير من الأسواق الناشئة، لكنَّنا الآن في فترة التعافي.
هل يعني ذلك أنَّكم تقتربون من دورة ترقية التصنيفات؟
ماتزال هناك ديون سيادية ذات رؤية سلبية أكثر من نظيراتها ذات الرؤية الإيجابية، لذا نحن مانزال نميل تجاه إعطاء تصنيفات سلبية، وهي حالة ستستمر خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.