حيل الرئيس البرازيلي الانتخابية المشابهة لأفعال ترمب تهز ثقة المستثمرين

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو يلقي خطاباً في قصر بلانالتو في برازيليا، في 11 أغسطس 2021  - AFP
الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو يلقي خطاباً في قصر بلانالتو في برازيليا، في 11 أغسطس 2021 - AFP
المصدر:

بلومبرغ

تعمل حملة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو ضدَّ نظام التصويت في البلاد، وتضغط من أجل تعزيز الإنفاق الاجتماعي قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل للحدِّ من آثار واحدة من أكثر السياسات النقدية جرأةً على الأسواق في العالم.

فبعد أن قام البنك المركزي بتنفيذ أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ ما يقرب من عقدين في وقتٍ سابق من هذا الشهر، استمرت الهزة في الريال البرازيلي بضع ساعات فقط قبل أن تسيطر التوترات السياسية المتزايدة المرتبطة بانتخابات 2022 على المشهد.

يرى صانعو السياسات، الذين انتُقدوا لاضطرارهم إلى اللحاق بالأسواق في وقتٍ سابق من العام، استمرار ارتفاع توقُّعات التضخم على الرغم من التعهدات بتقديم 100 نقطة أساس أخرى أو أكثر إذا لزم الأمر في الاجتماع المقبل.

عدم اليقين المالي

قالت مريم ديوب، كبيرة الاقتصاديين في شركة "غريمبر كابيتال" لإدارة الأصول: "إنَّ الوضع السياسي، بالإضافة إلى الإغراءات الشعبوية التي تسبق انتخابات صعبة في عام 2022، تتسبَّب في حالة من عدم اليقين المالي، ومن المرجَّح أن ينمو ذلك أكثر مع اقتراب الانتخابات".

وتضيف ديوب أنَّه "يجب أن تحدَّ المخاطر المالية من مقدار ارتفاع الريال حتى مع وجود بنك مركزي أكثر تشدُّداً".

التشكيك في الانتخابات

كأنَّه يستعير من تكتيكات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب؛ عندما تبجَّح بولسونارو بشكلٍ يومي تقريباً ضد النظام الانتخابي في البلاد، ونعت قضاة المحكمة العليا بأسماء، وألقى بظلالٍ من الشكِّ على عملية التصويت الإلكتروني في البرازيل قبل محاولة إعادة انتخابه.

كما أنَّ الهزائم المتتالية لمشروع القانون الذي سيعيد الاقتراع الورقي إلى الكونغرس لم تُهدِّئ الأوضاع.

في الوقت ذاته، مع إضعاف وباء كورونا لقاعدة دعمه، تعهد بولسونارو بزيادة هائلة في البرامج الاجتماعية، مما أدى إلى إحياء مخاوف المستثمرين من زيادة الإنفاق في البرازيل، وأدى إلى انحراف الحسابات المالية الهشة عن مسارها، وهي التي كان من المفترض أن يقوم وزير الاقتصاد باولو غيديس بإصلاحها.

تراجع العملة

بلغت مخاطر السندات في البلاد -كما تمَّ قياسها من خلال مبادلة مخاطر عدم السداد لمدة خمس سنوات- أعلى مستوى لها منذ مايو، مسجِّلةً واحدة من أسوأ العروض في العالم في الشهر الماضي.

كانت العملة، التي انتعشت بحدَّة من أدنى مستوى لها في مارس، تتأرجح بشكلٍ كبير مؤخَّراً، وتراجعت 1.4% منذ قرار الرابع من أغسطس ليساوي الريال 5.24 لكلِّ دولار، وهذا هو أسوأ أداء بين عملات أمريكا اللاتينية في تلك الفترة.

قال توني فولبون، المدير السابق للبنك المركزي والمحلل الاستراتيجي للاستثمار في "ويلث هاي غوفرنانس": "من الواضح جداً أنَّه إذا لم يكن هناك ذلك الضجيج المالي والسياسي، لكان التداول الحقيقي أقوى من 5 ريالات لكل دولار، وستتوقَّع الأسواق مساراً أكثر اعتدالاً للتضخم".

مخاطر التضخم

يعيق السيناريو السياسي والمالي المضطرب أيضاً قدرة البنك المركزي على التحكُّم في توقُّعات التضخم. إذ قام كلٌّ من "بنك أوف أمريكا"، و"باركليز" بزيادة تقديرات أسعار المستهلك في الأيام التي تلت قرار رفع الفائدة.

يرى معظم المحللين أسعار المستهلك عند 7.05% بحلول نهاية السنة المالية، فوق الهدف 3.75%.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنَّهم يرون أيضاً أنَّ التضخم أعلى من الهدف في عام 2022.

وأقرَّ رئيس البنك المركزي روبرتو كامبوس نيتو بالتحديات المتمثِّلة في تثبيت توقُّعات التضخم خلال فعالية أجريت عبر الإنترنت الأسبوع الماضي، قال فيها، إنَّ الأسواق مهتمة بالوضع المالي في البرازيل، البلد الذي كان حتى قبل الوباء مثقلاً بالديون.

وأضاف نيتو: "أي أخبار تؤثِّر على مستويات الديون تولِّد الكثير من الضجة".

في اليوم السابق، قال مدير السياسة النقدية برونو سيرا، إنَّ التقلُّبات في الريال أعلى مما يفضِّله.

وفي مناسبات متعددة هذا الشهر، قلَّصت الأسواق أو عكست المكاسب بسبب الضجيج السياسي الناجم عن إصرار بولسونارو على أنَّ النظام الانتخابي مزوَّرٌ ضده.

أدى الاجتماع الذي تمَّ إلغاؤه بين بولسونارو وكبار مسؤولي المحكمة إلى جانب تحقيقات متعددة في أفعال بولسونارو، إلى إضعاف الارتفاعات، ودفع منحنى سعر الفائدة إلى الأعلى.

خلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلن بولسونارو على وسائل التواصل الاجتماعي أنَّه ينوي طلب عزل اثنين من أعضاء المحكمة العليا.

في يوم تصويت مجلس النواب على الجهود المتعلِّقة بإعادة التصويت بالورق، قامت القوات المسلحة باستعراض الدبابات في الشوارع، مما زاد التوترات في العاصمة برازيليا.

ويُحذِّر المعارضون من أنَّ بولسونارو يمهِّد الطريق لرفض قبول نتائج انتخابات العام المقبل إذا خسر، على غرار ما فعله ترمب.

يُذكر أنَّ المكتب الصحفي الرئاسي لم يرد على طلب الحصول على تعليق بشأن تصريحات بولسونارو وتأثيرها على الأسواق.

أرقام مقلقة للمستثمرين

وارتفعت أسعار المبادلات الآن لشهر يناير من عام 2029 فوق 10%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2018.

وارتفع سعر الفائدة الرئيسي، الذي تمَّ خفضه إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 2% خلال فترات الوباء، إلى 5.25% هذا العام مع توقُّعات بأنَّه يمكن أن يرتفع إلى 8% بنهاية العام.

ليست الضوضاء السياسية فقط هي ما يقلق المستثمرين. يرى الاقتصاديون أنَّ العجز المالي سيبلغ 7.2% هذا العام، و6.4% في عام 2022، وفقاً لمسح أجرته بلومبرغ.

يمكن أن يؤدي الإنفاق على الحملات لكسب الناخبين وتفضيلهم، بما في ذلك برنامج الرعاية الاجتماعية المعدَّل، إلى تفاقم هذه الأرقام.

في الأسبوع الماضي، أثار صندوق التحوُّط "غرين أسيت مانجمنت" مخاوف بشأن المسار المالي "غير المنتظم"، وقال، إنَّ البلاد "تتودد بشكل خطير" إلى ماضيها.

ما يزال صافي ديون البرازيل إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى من 60%، وهي أعلى نسبة منذ بداية القرن الواحد والعشرين.

إنَّ زيادة الإنفاق لن تؤدي إلى تدهور الوضع المالي للبلاد فحسب؛ بل ستؤدي أيضاً إلى إفساد توقُّعات التضخم.

احتجاج رجال الأعمال

ووقَّعت مجموعة رجال الأعمال والمستثمرين على بيان للدفاع عن الديمقراطية البرازيلية الأسبوع الماضي ردَّاً على خطاب بولسونارو.

إنَّها المرة الثانية التي تتحدَّث فيها مجموعة كهذه ضد الحكومة. كانت المرة الأولى في وقتٍ سابق من هذا العام، عندما احتج المصرفيون، وأصحاب المليارات على طريقة تعامل الإدارة مع الوباء.

وفي كلتا الحالتين لم تصل هذه البيانات إلى درجة تسمية بولسونارو بالاسم.

وقال لويز فرناندو فيغيريدو، الرئيس التنفيذي لشركة "ماوا كابيتال"، ومدير البنك المركزي السابق الذي وقَّع على البيان: إنَّ "مديري المحافظ المالية متشكِّكون للغاية بشأن البرازيل".

وأضاف: "بين التعامل مع الوباء، وغابات الأمازون، والاستدامة، والنمو طويل المدى؛ فإنَّ الصورة سيئة فعلاً ".

تصنيفات

قصص قد تهمك