بلومبرغ
حقق اليوان الصيني نجاحات في عالم المدفوعات عبر الحدود خلال السنوات الأخيرة، لكن اثنين من البيانات المرتقب صدورهما هذا الأسبوع سيكشفان ما إذا كانت الإجراءات الصارمة المفاجئة في البلاد قد أضرت بالثقة الدولية في العملة.
ستعلن كل من جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) وهيئة تنظيم الصرف الأجنبي في الصين، أرقاماً الأسبوع الجاري ترسم معاً صورة لدور اليوان في التجارة والاستثمار على الساحة الدولية.
أظهرت البيانات السابقة حتى يونيو زيادة مطردة في استخدام اليوان ولكن كان ذلك قبل تصعيد الإجراءات التنظيمية في يوليو.
صعَّدت السلطات الصينية هجماتها المناهضة للاحتكار ضد أكبر شركات التكنولوجيا في البلاد، وحظرت تحقيق الأرباح من صناعة الدروس الخصوصية بعد المدرسة، ووجهت انتقادات للألعاب عبر الإنترنت.
أصاب الهجوم غير المتوقع الأسهم والسندات، وأثار القلق من أن المستثمرين العالميين سيُقلصون حيازة الأصول المقومة باليوان في محافظهم المالية ويتراجعون عن اعتماد اليوان في التجارة الدولية.
قال شينغ تشوبنغ، كبير المحللين الاستراتيجيين في الصين في "أستراليا ونيوزيلندا بانكنغ غروب ليمتد" مستخدماً الاسم الرسمي لليوان: "من الممكن أن تكون التدفقات الخارجة الشهر الماضي قد أثرت على استخدام الرنمينبي".
في الوقت نفسه، قال "حصة الرنمينبي في المدفوعات العالمية قد تواصل الصعود إلى مستوى مرتفع جديد قبل نهاية العام، حيث يجذب الإدراج بالمؤشر تدفقات جديدة، كما يتزايد استخدام الصين للرنمينبي في التجارة".
زيادة تداول اليوان
ارتفعت حصة المدفوعات باليوان عبر "سويفت" إلى 2.46% في يونيو، أقل بقليل من الذروة في مارس والتي كانت أعلى مستوى منذ التخفيض المفاجئ لقيمة العملة في أغسطس 2015.
زادت النسبة المئوية للمعاملات عبر الحدود، باليوان إلى 42.3% في نفس الشهر، بالقرب من أعلى مستوى قياسي في يناير عند 43.8%، وفقاً لحسابات بلومبرغ بناءً على بيانات من إدارة الدولة للنقد الأجنبي.
منذ تخفيض قيمة العملة، عملت الصين على إحياء رواج اليوان، وحثَّت على زيادة استخدام العملة في التجارة وتخفيف الرقابة والتدخل في سعر الصرف. كما ساعد التدفق السريع لرأس المال إلى أسواق الصين على زيادة استخدام اليوان.
عززت الصناديق العالمية حيازاتها من السندات الحكومية الصينية إلى مستوى قياسي في يوليو على الرغم من اضطراب السوق في ذلك الشهر، ومن المتوقع أن تستمر التدفقات الوافدة، حيث سيتم إدراج بعض الأوراق المالية في "فوتسي راسل" لمؤشرات الأسواق العالمي الرائد في أكتوبر.
استقرار الإقبال على السندات
يخطط حوالي 30% من البنوك المركزية لزيادة حيازة أو الانكشاف على اليوان في الأشهر الـ 12 إلى الـ 24 المقبلة، وهي ثلاثة أضعاف النسبة التي أُعلن عنها في 2020، وفقاً لمسحٍ أجراه منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، مركز أبحاث مقره لندن.
قال ستيفن تشيو، محلل العملات وأسعار الفائدة الآسيوية في "بلومبرغ إنتليجنس": "على الرغم من أن حملة الصين الصارمة قد لا تنتهي، إلا أن الطلب العالمي على سندات الخزانة الخاصة بها قد يظل بدون تغيير".
"قد لا تتأثر جاذبية سندات الخزانة الصينية بمثل هذه التطورات المحلية بالغة الحساسية نظراً لعوائدها المرتفعة نسبياً مقارنة بسندات الحكومات الكبرى الأخرى".
الاعتماد أكثر على "الرنمينبي"
يظهر الدليل على الاعتماد المتزايد لليوان عبر مجموعة واسعة من الصناعات، ولا سيما السلع.
في حين لا يزال الدولار هو العملة الرئيسية لتجارة المواد الخام، يتجه المزيد من الشركات إلى اليوان لتلبية احتياجات العملاء المقيمين في الصين، أكبر دولة تستورد السلع في العالم.
تقول "ريو تينتو" أكبر شركة منتجة لخام الحديد في العالم، إنها نفذت 12 صفقة منقولة بحراً باليوان خلال العامين الماضيين.
تقوم شركة "فالي"، ثاني أكبر شركة تعدين في العالم، بإجراء مبيعات فورية في الموانئ الصينية بالعملة المحلية.
وتقول شركة خدمات الصرف الأجنبي الدولية "إيبري" (Ebury) إن استخدام اليوان يتزايد عبر قاعدة عملائها.
قال تاجر الشركات باتريك إيدكويفال، ومقره سيدني، إن المدفوعات إلى الصين باستخدام العملة زادت بنسبة 20% في العام الماضي. لقد كان التحول واضحاً لدرجة أن الشركة أنشأت مكتباً لـ "علاقات الرنمينبي".
على الرغم من تزايد استخدام اليوان، لا يزال هناك طريق طويل يجب قطعه، حيث لا تزال حصة العملة من المدفوعات العالمية عبر "سويفت" واحتياطيات البنوك المركزية قليلة مقارنة بالدولار.
قال بيكي ليو، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين في "ستاندرد تشارترد" بـ هونغ كونغ: "إن التحسينات في السيولة الثانوية لكل من اليوان والأوراق المالية الصينية، بما في ذلك السندات والأسهم، جعلت منها عملة استثمار أفضل بكثير".
"نحن بحاجة إلى مزيد من التقدم في تسعير السلع الأساسية بالرنمينبي في المرحلة التالية"، بحسب ما قاله ليو.