هناك حجَّة قوية توجب على الكونغرس منح الوضع القانوني لملايين المهاجرين الموجودين هنا (في الولايات المتحدة) بشكل غير قانوني، على الأقل تحت ظروف معينة. وهناك حجَّة معقولة، وإنْ لم تكن بالقوة نفسها، وهي أنَّه يجب أن تكون لدينا قواعد تشريعية تسمح لأغلبية ضئيلة من أعضاء الكونغرس بإجراء هذا التغيير في قوانيننا.
على النقيض، لا يوجد دليل حقيقي على أنَّ القواعد المعمول بها اليوم ستسمح بذلك. وإذا حاول الديمقراطيون إصدار عفو بهذه الطريقة، فمن المحتمل، وسيكون الأمر الصحيح لفعله، أن يتمَّ إفشال مساعيهم، ولكن ذلك سيتسبب في مزيد من الضرر لثقة الجمهور في نظامنا السياسي.
تتمثَّل المناورة التي يفكِّر فيها بعض الديمقراطيين في وضع العفو واسع النطاق ضمن مشروع قانون "تسوية الموازنة" الذي لا يمكن تعطيله، وإذا صوَّت جميع الديمقراطيين لصالح مشروع القانون وجميع الجمهوريين ضدَّه، فسيتمُّ تمريره في مجلس الشيوخ بأغلبية 51 صوتاً مقابل 50 صوتاً، وستكسر نائب الرئيس كامالا هاريس التعادل.
تنقسم حجة محاولة تطبيق هذه المناورة إلى ثلاثة أجزاء: أن تستوفي المتطلَّبات الفنية اللازمة للتأهل للإدراج في مشروع قانون التسوية، وأن تكون هناك سابقة لها، وأن تكون مقبولة على نطاق واسع. لكنْ لا شيء من ذلك مقنع.
تحظر قواعد التسوية إدراج المخصَّصات التي لها تأثير "عرضي فقط" على الموازنة. ووُضعت هذه القاعدة لمنع حزب الأغلبية من إعاقة حقِّ الأقلية في التعطيل، أي
لا يمكن لحزب الأغلبية استخدام الإجراء المصمَّم للسماح بتمرير الموازنات من أجل الحصول على كلِّ شيء آخر يريده بـ51 صوتاً أيضاً.
ويزعم مؤيدو العفو أنَّه سيدرُّ ما يصل إلى 39 مليار دولار من الإيرادات الضريبية الجديدة، ولكن حتى لو أخذنا هذا الرقم على ظاهره، فمن الواضح أنَّه لا يمكن أن تكون الإيرادات الإضافية هي النقطة الرئيسية التي يرتكز عليها العفو.
سيكون لرفع الحدٍّ الأدنى للأجور إلى 15 دولاراً في الساعة تأثير أكبر على الموازنة، وفقاً لمكتب الموازنة في الكونغرس، لكن الجميع يعلم أنَّه لا أحد يحابي هذه السياسة يفعل ذلك بسبب هذا التأثير، ونتيجة لذلك، أوصت المستشارة القانونية غير الحزبية لمجلس الشيوخ بعدم إمكانية إدراج الزيادة في مشروع قانون التسوية.
نصف عمال قطاع الضيافة الأمريكيين لن يعودوا لوظائفهم السابقة المفترضة للسعي وراء استراتيجية الأغلبية الضئيلة الآن، علماً أنَّه في عام 2005، أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون تسوية تضمَّن أحكاماً حول الهجرة، لكنَّ المستشار القانوني لم يبت في ذلك الوقت فيما إذا كان مشروع قانون التسوية يمكن أن يتضمَّن أحكاماً بشأن الهجرة أم لا، ولم يطلب أي طرف منهما مثل هذا البت.
تذكَّروا أنَّ الغرض من القاعدة التي تُبقي العناصر الدخيلة خارج الموازنة هو منع الأغلبية في مجلس الشيوخ من الاستغناء عن أقلية تعارضها، وما حدث في عام 2005 كان متسقاً مع هذا الهدف، وإذا كانت الأقلية لا تمانع بعض الأحكام بما يكفي للاعتراض عليها، فيمكن إدراجها دون الإضرار بحقوق الأقلية.
وبالطبع، يختلف العفو العام تماماً، وسيعترض جميع الجمهوريين تقريباً عليه، على الأقل إذا لم يقترن بإصلاحات الهجرة الأخرى (مثل زيادة إنفاذ قوانين الهجرة في مكان العمل).
وسيتعيَّن على المستشار القانوني صاحب الضمير أن يدعم هذا الاعتراض، ويوصي بتبني هذا التغيير، إذا تمَّ إجراؤه على الإطلاق، خارج عملية الموازنة العاجلة، وإذا كان مجلس الشيوخ سيبقي على التعطيل، فيجب أن يخضع له العفو.
طريق عقد الصفقات
بعد عقود من الجدل حول العفو، يعلم حتى أكثر السياسيين تشاؤماً أنَّ نتائج الاقتراع حول منحه نادراً ما تؤخذ على محمل الجدِّ. وعلى سبيل المثال، أظهرت استطلاعات الرأي أنَّ معظم الأمريكيين يفضِّلون منح المهاجرين غير القانونيين طريق الحصول على الجنسية على ترحيلهم. وهو اكتشاف لا يلقي أي ضوء على موقف جمهوري مشترك، والمتمثِّل في أن يشمل أي عرض من هذا القبيل على إنفاذ متزايد لقوانين الهجرة. وبالتالي نحن لا نشجِّع على المزيد من الهجرة غير الشرعية. كما أنَّه غير عادل، إذ لا يتعامل إلا مع الترحيل الجماعي أو العفو الجماعي على أنَّهما البديلان الوحيدان. وعلى الأرجح، ستكون النتيجة دعماً أقل لأيِّ استطلاع رأي يسأل عمَّا إذا كان ينبغي تجاهل طرق الحماية العادية لحقوق الأقليات في الكونغرس في سبيل تمكين مسار المواطنة.
يحاول مؤيدو العفو باستمرار إيجاد طريق مختصر للوصول إلى هدفهم دون بناء إجماع تشريعي واسع وعقد صفقات. ويقولون، إنَّ المعارضة قاسية للغاية بالنسبة لنوع التشريع الذي اعتدنا، على اعتبار أنَّه من الطبيعي أن يكون مقبولاً على نطاق واسع.
ولذلك أصدر الرئيس باراك أوباما قرارات شبه عفو قضائية، مبرراً هذه التحرُّكات بالقول، إنَّ الكونغرس قد فشل في التصرف. ومنذ ذلك الحين، كانت قرارات العفو هذه تتردد على المحاكم. ومع ذلك، قد يكون السبب هو أنَّ أوباما تعامل مع القصة عكسياً، وأنَّ البحث عن الطرق المختصرة هو بحدِّ ذاته يجعل التوصُّل إلى توافق أصعب. وأدت أفعاله المتمثِّلة في إلغاء العفو من العملية التشريعية إلى تزايد تمسُّك كلا الجانبين بمواقفهما.
لم يعد لدى المؤيدين، بعد أن رأوا تنفيذ سياستهم بجرة قلم من قبل الرئيس، أي سبب لتقديم تنازلات للمشككين. وفي ظلِّ عدم وجود تنازلات في المستقبل، لم يكن لدى المعارضين أي حافز لفعل أي شيء سوى مهاجمة مراسيم الرئيس.
قد يكون لسَنِّ عفوٍ من قبل أغلبية ضئيلة، وخرق القواعد لفعل ذلك تأثير سام أكبر. وحتى اليوم؛ ربما يكون لدى أعضاء مجلس الشيوخ ما يكفي من الحسِّ السليم لإبقاء هذا الاحتمال في طور التخيلات، ويعدُّ الاستمتاع بهذا الأمر علامة أخرى على تعفُّن نظامنا السياسي.